"فراغات الوحشة"

الـ(لا أحد) في مواجهة الذات والعالم!
خيوط
June 3, 2023

"فراغات الوحشة"

الـ(لا أحد) في مواجهة الذات والعالم!
خيوط
June 3, 2023

"فراغ الوحشة" مجموعة شعرية للشاعر فخر العزب، صدرت عن مؤسسة "أروقة"، وهي في نزوعها الجمالي والتقاطاتها الموضوعية تسعى لإنتاج صورة غير مشوشة لمقاومة الذات لوحشة العالم، أو كما قال الشاعر في أحد نصوصها: 

"دعوني أبو ح لكم ما يجيش بصدري من القولِ

والهلوساتِ

وما تغتلي داخلي من حمم

وأنفض عني ركامَ الجراحِ

وأحيا الحقيقةَ بعد العدم

وأمضي أبدِّل لاءاتِ أياميَ اليابساتِ

-جميعا-

نعم".

تبدأ المجموعة بنصٍّ ابتهالي، بذات طرائق النصوص التي دأب عليها بعض الشعراء العرب المعروفين خلال العقدين الماضيين:

"باسم الرحمن

إلهِ الإنسِ المخلوقينَ من الصلصالِ

إلهِ الجان

إلهِ الحب

النابتِ ملءَ جمالِ الوردة في مشتلِ قلبِ الإنسان

إلهِ الفرح

الظاهرِ في هيئةِ بسمات

تشرق

فتضيء الأكوان

إلهِ اللهفةِ واللوعةِ والدمعةِ

وإلهِ الأحزان

أعوذ به من شرِ النفسِ الأمّارةِ بالسوءِ

وشرِّ الأهلِ

وشرِّ الصحبةِ والخلان

أعوذ به دومًا

في كلّ زمان ومكان

مني

من نزغِ الشيطان".

الغنائية في "فراغات الوحشة" تصير جزءًا من أدوات الشاعر في تفكيك حالة العدم التي تتجسّم في وعيه الشاعري الرهيف:

"قال لي

وقد عفَّرَت وجهَه النائبات

وعيناه طافحة بالدموع

إنّه منذ أن وطِئت قدماه بلادَ الخنوع

كلّ يوم يجوع".

يقول الشاعر فتحي أبو النصر في تقديمه للمجموعة:

"يصعد فخر العزب بالقصيدة إلى أعالي جبلنا الكريم والمقدس "صبر"، ثم كقروي حزين "يشمط" بها في قلب مركزي المدينة!

وُلد الفخر بين جيلين من الفقد والخسائر السياسية والاجتماعية والثقافية، لكنه الجيل الأنقى، لأنه الأكثر استقلالًا ذهنيًّا، والأكثر ثورية، وفي التجريب على صعيد الكتابة أيضًا؛ يكابد من أجل الاختلاف واللمسة الخاصة. أحلام كثيرة ضاعت بعد 2011، الذي كان فخر أحد أبرز قادته، انعكس ذلك على النص بالكامل. يعيش فخرنا حالة اغتراب مزدوجة كشاعر وكثائر، الفتى الناصري صارت قصيدته القاسية الرقيقة "حلمة الكون" بالنسبة لنا نحن رفاقه، الذين نحارب معه الطواحين، كدون كيشوت، ونلعن عبث الأقدار الوطنية والوجدانية التي حلت بالبلد، والخيال بالمحصلة".

الإهداء في المجموعة واحد من المفاتيح الحيوية للدلوف إلى عوالم الشاعر الذي ينحت هذه العبارة 

"إلى الــ(لا أحد)

وحدَه من بقيَ معي في مواجهة الوحشة".

بقليل من الكلمات يستطيع أن يرشد قارئه إلى أن المكتوب الشعري هو في الأصل انبثاق من حالة الحزن، حين يتجاوز مُكبِّلاته ليصير رغبة في البوح "الكلام". 

"كنت أشعر بالحزنِ

ثم شعرت ببعضِ الكلامِ

فكانت قصيدة". 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English