التعليم الرقمي في عالم مفتوح

كسر متتابع لأنساق الفصول التقليدية
هدى عامر
July 5, 2024

التعليم الرقمي في عالم مفتوح

كسر متتابع لأنساق الفصول التقليدية
هدى عامر
July 5, 2024
.

في خضم التحول التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم، برزت قضية التعليم الإلكتروني بصفتها أحد التطورات المثيرة للاهتمام، إذ أصبح التعليم الرقمي اليوم واقعًا قائمًا يقتحم جميع المؤسسات التعليمية على مستوى العالم، كما كشفت جائحة (كوفيد-19) على أهمية التحول الرقمي، إذ اضطرت المدارس والجامعات إلى الانتقال السريع إلى منصات التعلم عن بعد، للحفاظ على استمرارية العملية التعليمية. 

التعليم الرقمي بديلًا 

تقارير أشارت إلى أنّ مليار ونصف المليار طالب حول العالم، تأثّروا بإغلاق المدارس خلال الجائحة، ممّا دفع 90% من البلدان إلى تبنّي التعليم عن بعد.

في دراسة أجرتها مجلة (التربية الحديثة)، أشارت الدكتورة سارة الحسيني، إلى أنّ التعلم عن بعد يوفر مرونة كبيرة في الوصول إلى المحتوى التعليمي وتخطي قيود المكان والزمان، فيما أظهرت دراسة أخرى أنّ طلاب المدارس الثانوية الذين اتبعوا برامج تعليمية إلكترونية حقّقوا نتائج أفضل بنسبة 12% مقارنة بأقرانهم في الفصول التقليدية.

هذا التوجه مكّن تقنيات الذكاء الاصطناعي في منصات، مثل Coursera وedX، من تقديم محتوى مخصص للمتعلمين، وتوفير تغذية راجعة تفاعلية، بحسب ياسر محمود، أستاذ الإعلام المساعد بجامعة قطر. 

تباين وجهات النظر

سارة، طالبة طب في جامعة صنعاء، ترى أنّ التعليم المباشر أكثر جدوى وفاعلية مقارنة بالتعليم عن بعد، وتؤكّد في حديث لـ"خيوط"، أنّ الامتيازات التي منحها الاحتكاك والتعليم التقليدي لا تعد، وقالت: "لقد منحني التعليم التقليدي في الجامعة فرصةَ التفاعل المباشر مع أساتذتي وزملائي، ممّا ساعدني على فهم المحتوى الدراسي بشكل أعمق، وساهمت المناقشات الحيوية والتجارب العملية في المختبرات، في إضافة بُعد حيوي لتعلّمي، وهذا لا يتحقق مع التعليم الرقمي والتعليم عن بعد".

نورا الجابري، كاتبة مهتمة بهذا الشأن، كانت قد أشارت في مقال لها بموقع (التعليم المفتوح)، عن إمكانية الاستفادة القصوى من مزايا التعليم في النظامين التقليدي والإلكتروني، من خلال الدمج والتوْءَمة بينهما، وهو ما يسمى بـ(التعليم الهجين)، وذكرت مثالًا على ذلك، البرنامج الهجين للتعليم الطبي الذي أطلقته جامعة هارفارد، حيث شهد إقبالًا كبيرًا من الطلاب وتحسّنًا ملحوظًا في النتائج.

أحمد مرونة، يتحدث لـ"خيوط"، عن الفرص التي خلقها له التعليم الإلكتروني، قائلًا: "أتذكر كيف تمكّنت من التسجيل في دورات تدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي عبر منصات التعلم عن بُعد عبر الإنترنت، لقد كان لدي مطلق الحرية في اختيار جدول دراستي والتركيز على المواضيع التي تهمني، دون قيود المكان أو الوقت". 

ويضيف مرونة: "تمكّنت من اكتساب العديد من المهارات، وحظيت بعدة دبلومات ودورات تدريبية، شكّلت لي C.V جيدًا، لم أكن لأحظى به؛ نظرًا للظروف الأمنية والتحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها بلادنا".

ومع ذلك، يعترف مرونة أنّ هذا النوع من التعليم يواجه تحديات جمة، خاصة في البلدان التي تواجه صراعات وغيابًا للبنية التحتية، مثل الكهرباء والإنترنت. في المقابل، يساعد على التغلب على الازدحام في قاعات المحاضرات وصعوبة التركيز، ويتيح تجارب تعليمية مختلفة لطلاب تتنوع مواهبهم وقدراتهم بشكل أوسع. 

وبالرغم من التوجه الكبير نحو التعليم الإلكتروني، فإنّه يواجه بعض التحديات، على رأسها: صعوبة التركيز الكامل والانخراط التام في الدروس عن بُعد، خاصةً في ظل وجود العديد من المشتتات، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والتشتت العقلي الذي عادة ما يلازم الطالب جراء بعض الظروف المحيطة ببيئة الدرس.

التعليم بين خيارين

بعض الطلاب الذين خاضوا تجربة التعليم الإلكتروني، والتعليم التقليدي يرون أنّ التعليم التقليدي لا يزال يحتل مكانة هامة في نظامنا التعليمي في اليمن والوطن العربي وحتى العالم، لأسباب متعلقة بالبيئة التفاعلية الحقيقية بين الطلاب والمعلمين، حيث يتمكن الطلاب من التواصل المباشر والتفاعل مع أساتذته وزملائه، إضافة إلى أنّه أتاح لهم فرصة تبادل الأفكار والمناقشات الحية، مما يساعدهم على فهم المواد الدراسية بشكل أفضل وتطوير مهارات الاتصال والتواصل.

صقل مهارات الطلاب

يعتمد التعليم الإلكتروني أو التعليم عن بُعد على استخدام التكنولوجيا والإنترنت لتوفير المحتوى التعليمي والمواد التعليمية للطلاب في أيّ وقت ومن أيّ مكان، بحيث يمكّن الطلاب من الوصول إلى المحاضرات المسجلة والمواد التعليمية المبتكرة ومتعددة الخيارات عبر الإنترنت، والتعلم بما يتوافق مع وتيرة حياتهم اليومية واحتياجاتهم الخاصة.

ووفقًا لإحصاءات حديثة، يشير تقرير منظمة اليونسكو إلى أنّ عدد الطلاب المسجلين في دورات تعليمية عبر الإنترنت، قد ارتفع بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى قرابة 300 مليون طالب على مستوى العالم في العام 2023، مقارنةً بـ46 مليون طالب في العام 2015، وهو مؤشر يدل على الزيادة الهائلة في الإقبال على التعليم الإلكتروني، ويبيّن إلى أيّ مدى أثبت هذا النوع من التعليم فاعليته الكبيرة وتعدّد مزاياه.

فإلى جانب التعلم وتطوير المهارات في مختلف التخصصات، هناك فائدة أخرى مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالتعلم الإلكتروني، أي تعلم وتطوير المهارات في التعامل مع التقنيات الرقمية، وهو أمر ضروري في عالم اليوم الذي يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا لدرجة أنه قد يحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان. 

وبالرغم من التوجه الكبير نحو التعليم الإلكتروني، فإنّه يواجه بعض التحديات؛ على رأسها صعوبة التركيز الكامل والانخراط التام في الدروس عن بُعد، خاصةً في ظل وجود العديد من المشتتات، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والتشتت العقلي الذي عادة ما يلازم الطالب جراء بعض الظروف المحيطة ببيئة الدرس، وغيرها من الظروف التي تعمل على تشويش وصول الرسالة بالشكل المطلوب. علاوة على ذلك، فإن التعليم الإلكتروني قد يكون غير ملائم للطلاب الذين يحتاجون إلى تفاعل مباشر وتوجيه شخصي من المعلمين.

يوم التعليم العالمي

خصصت الأمم المتحدة 24 يناير/ كانون الثاني، يومًا عالميًّا للتعليم، في إشارة إلى الأهمية القصوى للتعليم في نهضة وتقدّم الشعوب والأمم، في عالم متغير يتحدّد بناءً على مواكبته، شكلُ الحياة وجودة المعيشة وسهولتها. 

ولعلّ الاستثمار الذاتي في التعليم الإلكتروني، أمرٌ في غاية الأهمية، خاصة مع توافر الفرص التعليمية التي تتيحها منابر تعليمية عالمية، كان حلم الالتحاق بها بعيد المنال، لكنه بات ممكنًا مع اتجاه العالم للتعليم عبر الإنترنت.

•••
هدى عامر

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English