الهروب إلى ميتات أخرى

رحلة تشرد قاسية تنتهي بالعودة
خيوط
July 18, 2022

الهروب إلى ميتات أخرى

رحلة تشرد قاسية تنتهي بالعودة
خيوط
July 18, 2022

في يوم 21 من يوليو/ تموز 2015، قامت مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات باستهداف منزل الحاج أحمد عيضة (77 سنة)، في مديرية الصفراء- محافظة صعدة، بقنبلة أدّت إلى تدمير المنزل والمزرعة ومقتل 13 نعجة، وتشريد خمس أسر، بينهم أسرة ابنِه الكبير عبدالله (48 سنة). 

ويعمل عبدالله معلّمًا، وهو أب لعشرة من الأبناء والبنات، وكانت الممتلكات التي دُمرت مصدرَ رزق الأسرة التي صارت تبيت في العراء، عند جدران مزرعة إحدى الجيران في قرية آل عقاب، لكن من باب الخشية قام هذا الجار بطردهم من المكان، فغادروا جوار المنزل إلى سيارة نوع فراند فيتاري وناموا فيها.

وفي الصباح الباكر، خرج عبدالله للبحث عن إفطار، إذ لم يتمكنوا من تناول طعام العشاء، وتوجه إلى منزل جاره وطلب منه أن يحضر لهم طعامًا، لكن الأخير شتمهم وطلب منهم المغادرة، مهددًا إياهم بإحضار سكان القرية لطردهم، فتوجهت الأسرة إلى السوق، وهناك تناولوا طعامهم.

بعد ذلك، توجه عبدالله بسيارته، للبحث عن محطة بترول، لكن السيارة تعطلت في طريق أسفلتي، ولم يجد أي محطة؛ لأن التحالف حينها، أعلن صعدة منطقة عمليات عسكرية، وأن المحطات أهداف عسكرية، فضلًا عن أنه لا يملك قيمة صفيحة بترول، وهكذا، انتهى به الحال لبيع خاتم ذهبٍ لزوجته ليشتري بترولًا من السوق السوداء بقيمة 500 ريال سعودي مقابل 20 لترًا. 

عمل عبدالله لمدة أسبوع في تنظيف المدرسة وبقي هناك لفترة، ثم باع ما تبقى له من ذهب زوجته وزوجة ابنه الكبير، وبعد شهر حصل على منزل قيد الإنشاء في وسط قرية مجاورة، بلا نوافذ ولا أبواب ولا دورات مياه.

وبعد حصوله على الوقود، حار عبدالله إلى أين سيتجه، فإن هو توجه إلى مديرية الحشوة على بُعد 75 كيلو مترًا، إلى الشرق، فلن تستطيع السيارة إيصاله لأنّ الوقود لا يمكن أن يكفي لكل هذه المسافة، كما أنه ليس لديه ماء للشرب، والمديرية مليئة بالنازحين، فسيشكلون عبئًا إضافيًّا عليها وعلى أهلها. 

هنا، قرر عبدالله الاتصال بزميل له، يعرفه من أيام الدراسة، في قرية خمر، محافظة عمران، وأخبره أنّ الوضع بصعدة لم يعد يحتمل وأن منزله تعرض لقصف طيران، وطلب منه أن يستضيفه كنازح. أبدى زميله استعداده على مضض، فتحرك عبدالله وأسرته، ووصل إلى خمر قبل المغرب، مع تعطل سيارته عدة مرات. 

وفي محافظة عمران، نام عبدالله وأسرته عند زميله ليلة واحدة، ولأنّ المنزل ضيّق قرر المغادرة في اليوم التالي للبحث عن منزل للإيجار، لكن عاد خائبًا، فالمنازل كلها تكتظ بساكنيها، وهنا قرر إخراج أسرته للسكن في مدرسة للبنات في المنطقة، وهناك ناموا لثلاث ليالٍ، إلا أنه لم تكن هناك أدنى مقومات العيش من دورات مياه وما إلى ذلك.

عمل عبدالله لمدة أسبوع في تنظيف المدرسة وبقي هناك لفترة، ثم باع ما تبقى له من ذهب زوجته وزوجة ابنه الكبير، وبعد شهر حصل على منزل قيد الإنشاء في وسط قرية مجاورة، بلا نوافذ ولا أبواب ولا دورات مياه، ولكن بتعاون أهل القرية استطاع أن يستقر هناك لفترة عام، لكن بقيت الحالة المعيشة له صعبة، ولذا قرر العودة.

عاد عبدالله إلى منزله المدمّر في منطقة محضة، وقرر ألَّا يغادر مهما حصل، فشرع بالتنظيف وإزالة الركام، والعمل في المزرعة، يقول: "أفضّل الموت على العودة خارج القرية". 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English