إعلان صغير بصفحة كلية الطب البشري بجامعة ذمار، بموقع فيس بوك، حمل ضجيجًا واسعًا في منصات التواصل الاجتماعي، وتلقّفته بعض الأطراف بالكثير من السخرية، ووضعته في خانة الجدل السياسي، وصل صداه إلى وسائل الإعلام المحلية والدولية. ويشير الإعلان إلى وضع رسوم دراسية لتخصص الطب البشري في كلية الطب بمبلغ (4500 دولار) في نظام النفقة الخاصة.
من وجهة نظر عميدة كلية الطب بجامعة ذمار، الدكتورة أمة الخالق مهراس، يعدّ نظام النفقة الخاصة موردًا لاستمرار العملية التعليمية في الجامعة. وقالت في حديث لـ"خيوط"، إنه بالنظر إلى وجود التزامات ناحية المجتمع، فمن الضرورة قَبول عددٍ كبير من الطلاب في النظام العام، ورسومهم الجامعية لا تكاد تذكر، إن لم تكن الدراسة مجانية، ومن النظام الموازي هناك نظام للتقسيط والرسوم، بسعر الصرف الرسمي المحدد من قبل البنك المركزي (250 ريالًا للدولار).
هذه الأنظمة، وَفقَ حديثها، "تمرّ باختبارات مفاضلة وتنقية حتى نقبل الأوائل في كل المتقدمين، بجانب أن الكلية مثلها مثل أي كلية طب أخرى حكومية في البلد، لا تمتلك روافد مالية، والرواتب متوقفة منذ سنوات، والكثير من استحقاقات المعامل والنفقات التشغيلية والمواد التدريسية، وغيرها من الالتزامات المالية والأعباء التي يجب أن نقوم بها للاستمرار". وترى مهراس -والتي تعتبر أول عميدة لكلية الطب في ذمار- أنّ النفقة الخاصّة هي لمواجهة تلك الأعباء المالية المستمرة؛ لضمان استمرار العملية التعليمية في الكلية.
ويُصنَّف المنخرطون في نظام النفقة الخاصة بأنهم هم الذين معدلاتهم في الثانوية العامة تسمح بالتحاقهم في كلية الطب ولكن لم يستطيعوا الحصول على مقعد في النظام العام أو الموازي؛ لذلك اتجهوا إلى نظام النفقة الخاصة، والمبلغ المحدد بـ(27 ألف دولار)، والذي وُضع -بحسب عميدة كلية الطب بجامعة ذمار- لمن معدلاتهم ما بين 85–80% للشهادة الثانوية، لكن أغلب المتقدمين للنفقة الخاصة معدلاتهم فوق 85%، ورسومهم لا تتعدى 3500 دولار في العام.
تشير مهراس إلى أنّ كل الجامعات اليمنية الحكومية لديها نظام النفقة الخاصة، وبمبالغ أكبر من كلية الطب بجامعة ذمار، هذا ما ذهبت إليه في حديثها، وأشارت إلى وضع الكلية شروطًا صارمة؛ منها دفع المبالغ دفعة واحدة.
الذي أثار حفيظة البعض هو مبلغ الـ27 ألف دولار لدراسة ست سنوات في كلية الطب عبر نظام النفقة الخاصة، والذين يصفهم مستشار محافظة ذمار شعلان الأبرط بـ"أولاد البرجوازيين"، والذين -كما يعتقد- فشلوا في كل اختبارات القبول السابقة، لكنّ آباءهم مصمّمون على إلحاقهم في كلية الطب.
"كما أنّ الوساطات والإعفاءات والتدخلات والأشياء التي سنظل نحارب فيها" -والحديث لعميدة كلية الطب بجامعة ذمار- "جبهات استثنائية أو جانبية، بينما يجب التركيز في المضمون، وهو التعليم والتدريب وتوفير كل شيء للطالب؛ لكي يأخذ المعلومة بطريقة صحيحة ونافعة، وتشجيع الأستاذ الأكاديمي على الاستمرار في هذه الظروف الصعبة".
وتابعت بالقول: "هذه الفئة –النفقة الخاصة- في الغالب، هي أكثر الفئات وساطات ومحسوبيات، وأكثر الفئات التي نجد منها ضغوطات من جميع الجوانب؛ لذلك اشترطنا هذا الشرط -البند الرابع من وثيقة النفقة الخاصة- كنوع من التنقية وتقليل العدد -عدد نظام النفقة الخاصة: 25 طالبًا وطالبة- وهو جانب دعم للكلية والجامعة، وحتى لا ندخل في مهاترات قضائية، وقد واجهنا بعضها"، فضلًا عن أنّ موارد المالية التي تحصل عليها كلية الطب يذهب جزءٌ منها لصالح بقية كليات الجامعة؛ لكي تستمر العملية الأكاديمية.
النفقة الخاصة
رسوم النفقة الخاصة في كلية الطب البشري في جامعة ذمار، تصل سنويًّا إلى (4500) دولار، بسعر صرف البنك المركزي 250 ريالًا للدولار، في حين انخرط 60 طالبًا في النظام العام بعد إجراء اختبارات المفاضلة، التي تقدّم لها (1375) متقدمًا ومتقدمة من خريجي الثانوية العامة الحاصلين على معدلات مرتفعة، فيما النظام الموازي 30 طالبًا، أيضًا خضعوا لاختبارات القبول والمفاضلة، وتقدَّم لها (672) طالبًا وطالبة، والرسوم للنظام الموازي 1500 دولار بسعر صرف البنك.
أضف إلى خضوع المتقدمين –وفق عادل عمران، أكاديمي في كلية الطب– لاختبارات الكفاءة في اللغة الإنجليزية والمقابلة الشخصية. عمران كان يتحدث بشكل مختصر عن مراحل القَبول للنفقة الخاصة في لقاء عابر في مبنى كلية الطب البشري، وأضاف لـ"خيوط"، أنّ مخرجات الكلية من أفضل المخرجات على مستوى اليمن؛ لذا يسعون كطلاب للاهتمام بالمدخلات، لضمان مخرجات ذات كفاءة عالية.
أولاد البرجوازيين
الذي أثار حفيظة البعض هو مبلغ الـ27 ألف دولار، لدراسة ست سنوات في كلية الطب عبر نظام النفقة الخاصة، والذين يصفهم مستشار محافظة ذمار شعلان الأبرط بـ"أولاد البرجوازيين"، والذين -كما يعتقد- فشلوا في كل اختبارات القَبول السابقة، لكنّ آباءهم مصممون على إلحاقهم في كلية الطب، مشيرًا في حديث مقتضب لـ"خيوط"، إلى أنّ الدراسة في كلية الطب ليس فيها أي تمييز، وأنّ عددًا من الملتحقين بنظام النفقة الخاصة يسقطون في السنوات الأولى أو يتركون الكلية بشكل نهائي لعدم قدرتهم عن مواصلة الدراسة فيها، لكثافة المواد العلمية.
مبررًا انتهاج الكلية شروطًا "صارمة" للالتحاق بالنفقة الخاصة، وقال: "إنّ الكلية رأت أن تُدفِّعهم "كاش - نقدي"، والذي يروح الله معه طبعًا والذي يستطيع المواصلة بهذا أمر جيد حتى وإن تخرج بتقدير مقبول". مقدمًا مقترح إضافة حصة النفقة الخاصة (25) مقعدًا إلى حصة النظام العام 60 مقعدًا، ليكون (85) مقعدًا.
وأُنشِئت كلية الطب والعلوم الصحية في جامعة ذمار عام 1998، وضمّت: "قسم الطب البشري، صيدلة، تمريض، مختبرات"، قبل أن تغلق أقسام: "التمريض، المختبرات، الصيدلة" العام 2010؛ بسبب نقص الكادر والمعامل والتجهيزات، ليعاد افتتاح تلك الأقسام في العام 2020، في كلية جديدة تحت مسمى "كلية العلوم الطبية"، تضاف إلى بقية كليات الجامعة الإحدى عشرة، وضمّت الكلية ثلاثة أقسام: "دكتور صيدلي، طب مخبري، تمريض"، ويبقى قسم "الطب البشري" هو القسم الوحيد في "كلية الطب البشري".
رافق إنشاء كلية الطب بجامعة ذمار، إنشاء مستشفى تعليمي ملحق بها -مستشفى الوحدة التعليمي الجامعي بمدينة معبر- يتم تدريب الطلاب والطالبات من المستوى الثالث، بشكل مكثّف ومتواصل حتى نهاية السنوات الدراسية، وهي -وَفق تصريح سابق لرئيس جامعة ذمار د. طالب النهاري- فإنّ الكلية الطبية الحكومية هي الوحيدة في اليمن التي تمتلك مستشفى تعليميًّا خاصًّا بها.
