سدود في الضالع

ملجأ الأهالي لمواجهة شحّة المياه
محفوظ الشامي
December 2, 2022

سدود في الضالع

ملجأ الأهالي لمواجهة شحّة المياه
محفوظ الشامي
December 2, 2022

تعاني محافظة الضالع من شحة المياه، نتيجة اعتماد الأهالي هناك على الأمطار الموسمية، الأمر الذي دفع الأهالي لإنشاء البرك والسدود والحواجز المائية لتغطية الاحتياج المتزايد من قبل السكان الذين يمتهن معظمهم الزراعة وتربية المواشي.

علي سعد (55 سنة)، من أبناء الضالع، يصف وضع أهل القرية قبل إنشاء سدين بـمنطقة "الصعب"، قائلًا: "كانت القرية تعاني من شح المياه، وكان الأهالي يقطعون مسافة 4 كيلو مترات للوصول إلى سيل وادي بَنَا، لجلب ماءٍ مكشوفٍ ومليء بالجراثيم والطحالب عبر وسائل مختلفة، منها السيارات والحمير". 

ويضيف سعد، في حديثه لـ"خيوط": "حتى الحلول الجزئية لم تحل المشكلة كليًّا، إذ إنّ البئر الذي تعاون الأهالي لحفره، لم يسد كل الاحتياج المتزايد للماء، ما دفع الناس في القرية إلى التفكير بإيجاد حلٍّ أمثل مهما كانت التكلفة".

جاء إنشاء سدّ "المبها"، وسدّ "اللحجين" بتكلفة باهظة في قرية "كولة الزقري" الواقعة في مديرية دمت بمحافظة الضالع (وسط البلاد)، كضرورة حتمية، للخلاص من شبح الجفاف، وتوفير مياه الشرب، ومياه الري، حيث كان اعتماد القرية في الماضي على مياه الأمطار الموسمية قليلة السقوط.

توفير الأمن المائي

وبحسب المزارع، عبدالله سليم، فإنّ إنشاء سد (المبها)، وسد (اللحجين) بتكلفة باهظة في قرية )كولة الزقري( الواقعة في مديرية دمت بمحافظة الضالع وسط البلاد جاء كضرورة حتمية، للخلاص من شبح الجفاف وتوفير مياه الشرب، ومياه الري، حيث كان اعتماد القرية في الماضي على مياه الأمطار الموسمية قليلة السقوط.

يتحدث سليم بسعادة: "بعد إنشاء السدّ الأول وصلت شبكة المياه إلى كل المنازل، وصار بالإمكان ريّ المزارع أيضًا، فيما صرنا على وشك الانتهاء من بناء السد الثاني". لم تكن سعادة سليم عبثية أو مبالَغًا فيها، بل نتاج معاناة طويلة، تكبّد مرارتها سليم وأبناء قريته حتى تشييد السدين اللذَين سيوفِّران لكافة أهل القرية الأمنَ المائي، بحيث سيتم استغلال مياه الأمطار الموسمية الاستغلال الأمثل، عوضًا عن ذهابها كل عام هدرًا دون الاستفادة منها. 

يصف عاصم الزقري، المهندس الذي أشرف مع فريق هندسي على إنشاء السدين، بنية السدين وسعتهما التخزينية، قائلًا: "السد الأول سد "المبها" سدٌّ ركاميّ، وهو عبارة عن أحجار مكسورة مختلفة الأحجام مع نسبة من الأتربة مزوّدة بستارة من الخرسانة تمنع تسرب الماء. حيث يبلغ طول السد 48 مترًا من أعلى، و24 مترًا من أسفل، ويبلغ ارتفاعه 12.60 مترًا، وسعته التخزينية 110 آلاف متر مكعب. فيما يبلغ عرض قاعدته من الأسفل 36 مترًا، ومن الأعلى 3.2 أمتار". ويتابع الزقري حديثه لـ"خيوط": "أمّا سد "اللحجين"، السد الثاني الذي ما يزال قيد الإنشاء، فيتكون من الخرسانة الكتلية، وهو مكلف أكثر، ويكبر السدَّ الأول مرةً ونصف من حيث تفاصيل طوله وعرضه وسَعته التخزينية للمياه". 

مبادرات ذاتية

جهود الإنشاء والتكلفة جاءت بمبادرات ذاتية من قبل أهالي القرية، أمرٌ يؤكّده محسن الزقري، أحد أبناء قرية (كولة الزقري)، في حديثه لـ"خيوط"، مشيدًا بالدور العظيم الذي قامت به "الجمعية التعاونية الأهلية لكولة الزقري" في بناء السدين، وهي جمعية أسّسها مغتربون يقيمون في الإمارات، سنة 1970 لغرض تمويل مشاريع إنمائية للقرية. 

يتابع الزقري: "كان لدى الجمعية عمارة في الإمارات قام أعضاؤها ببيعها بقيمة مليون وربع درهم إماراتي، حيث تم بهذا المبلغ إنشاء السد الأول، وهو سدّ "المبها" الذي استغرق قرابة تسعة أشهر". 

يواصل الزقري: "لاحقًا بدأنا نفكر بإنشاء سدٍّ آخر في جهة مقابلة للسد الأول، ولكن تكلفته كانت أكبر من تكلفة الأول، حسب دراسات وتقديرات للمهندسين والمقاولين".

يستأنف الزقري حديثه قائلًا: "بلغت تكلفته 250 مليونًا، كانت الجمعية التعاونية للقرية، قد باعت أرضًا لها في محافظة الحُديدة بقيمة 120 مليونًا، ثم بادر الأهالي من تلقاء أنفسهم، ومن دون إجبار بجمع المبلغ المتبقي، وهو 130 مليونًا، خاصة المغتربين، ليتحقق بالفعل إنشاء سد "اللحجين" الذي وصل حاليًّا إلى مراحل الاكتمال الأخيرة".

من جانبه، يتحدث لـ"خيوط" المهندس الزراعي، طه الزقري، عن أهمية إنشاء السدين في قرية "كولة الزقري"، قائلًا: "ساهمَت هذه السدود في سقي وري مساحات زراعية لا تقل عن ثلثي الوادي، إضافة إلى أنّ وجود السدين سيساهم في حل مشكلات كان يعاني منها المزارع متمثلة في عدم كفاية أو انقطاع الماء عن محاصيل كانت على وشك الاكتمال والنضوج، وبوجود السدين صار بالإمكان رعاية المحاصيل وكفايتها بالماء حتى النضوج".

ويضيف الزقري لـ"خيوط": "ومن ناحية إنمائية وتحفيزية، فإنّ المزارع يشعر حاليًّا بالاستقرار، نظرًا لسَعة السدين التخزينية البالغة 260 ألف متر مكعب، الأمر الذي يفتح آفاقًا واسعة أمام المزارع، وخيارات متعددة لتنوع المحاصيل، وعمل مشاريع زراعية أكبر من شأنها تحقيق الاكتفاء ثم التصدير".

يعلق الدكتور محمود البكاري، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز، عن هذه المبادرات المجتمعية الطوعية ويعتبرها تجسيدًا للبناء والتنمية، خاصة في ظل عجز الجهود الرسمية عن الإيفاء بكل الاحتياجات المجتمعية. ويتابع البكاري: "هناك تجربة سابقة وناجحة في اليمن، يطلق عليها اسم "التعاونيات" كانت قد ساهمت في إنجاز عددٍ من المشاريع التنموية الحيوية كالطرقات والسدود والمدارس وغيرها، ولعل إنشاء السدود في بعض المناطق يعدّ الخطوة الأهم لإحداث تنمية زراعية تنعش المنطقة والبلد ككل، وهو ما ينعكس بدوره على تحسين مستوى المعيشة للمجتمع المحلي".

•••
محفوظ الشامي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English