يمنيات يتعرضن للتنمّر الإلكتروني "كونهن صحفيات"

يتخذ أشكالًا متعددة ويترك آثارًا نفسية عميقة
سكينة محمد
October 10, 2022

يمنيات يتعرضن للتنمّر الإلكتروني "كونهن صحفيات"

يتخذ أشكالًا متعددة ويترك آثارًا نفسية عميقة
سكينة محمد
October 10, 2022

تشكو الإعلامية عبير عبدالله، مراسلة قناة اليمن الفضائية في تعز، من معاناة مريرة بسبب التنمُّر الإلكتروني الذي تتعرض له نتيجة عملها في الصحافة، إذ تقول لـ"خيوط": "عانيت كثيرًا من التنمّر على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، وبصورة متعمدة واستفزازيّة، على الأشياء الخصوصية، وفي مقدمتها صوري الشخصية، حركاتي، آرائي، ما ينعكس على نفسيتي، وعلى عملي وأدائي الإعلامي ككل".

تصف عبير الأثر النفسي الذي لحق بها جراء التنمُّر الذي تتعرض له، للحدّ الذي دفعها أحيانًا للتخلي عن فكرة الخروج ومواجهة الكاميرا التلفزيونية، والتفكير بإجراء عمليات تجميلية قد تكون عواقبها وخيمة، المهم هو محاولة تخفيف الضغط والأثر النفسي الذي تركه التنمُّر في نفسها.

تتعرض عشرات الصحافيات اليمنيات العاملات في وسائل إعلامية، مقروءة ومسموعة ومريئة، عبر حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي لمضايقات بالجملة، وحملات سخرية وتهكم أو ما بات يطلق عليه بالتنمُّر الإلكتروني، ليضاف إلى عبء المهنة عبءٌ آخر.

تُعرّف اليونيسف التنمّر عبر الإنترنت بأنّه "التنمّر باستخدام التقنيات الرقمية، ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات التراسل، ومنصات الألعاب الإلكترونية، والهواتف الخلوية، وهو سلوك متكرر يهدف إلى تخويف الأشخاص المستهدفين أو إغضابهم أو التشهير بهم". 

في السياق، تؤكِّد الدكتورة أنجيلا المعمري، أستاذ الصحة النفسية بجامعة تعز، أنّ التنمُّر فعل متكرر ومتعمد، يقصد به الإيذاء، ويقوم به شخص أو مجموعة من الأفراد عبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، ويتسم بثلاثة أمور، هي: التعمد، والتكرار، واختلال القوة.

وتقول المعمري لـ"خيوط"، إنّ التنمّر يتخذ أشكالًا متعددة، منها التحرش والابتزاز وتشويه السمعة، وتسريب معلومات وبيانات خاصة، إلى جانب نشر الصور المفبركة، وتهكير الحسابات وغيرها، مضيفة أنّ التنمُّر يأخذ مداه وعمقه النفسي والاجتماعي بسبب ثقافة المجتمع وغياب البيئة الأسرية الحاضنة والداعمة للمتنمَّر عليه، خاصة الفتيات منهم، وبالتالي تتعمق الجروح والندوب النفسية إلى أن يصبح الوضع بحاجة إلى تدخلٍ نفسي وأحيانًا إلى تدخلٍ طبي، بسبب الإهمال.

قصور قانوني

الكاتبة الصحافية، فاطمة رشاد، من مدينة عدن، تدعو في هذا الجانب جميع اليمنيات، خاصة العاملات في الحقل الإعلامي والصحفي، إلى عدم الصمت عن أي تنمّر أو انتهاك يتعرضن له.

 وتقول لـ"خيوط": "تعرضت للتنمُّر والسب والقذف، واتهامات باطلة وتشويه سمعة مرارًا، كل ذلك أثر على نفسيتي وألقى بظلاله على عديد من أعمالي وخططي المهنية".

من الضروري توثيق أي تنمُّر يتم التعرض له، وإرسال روابط المنشورات أو التعليقات المسيئة أو رسائل التهديد لأشخاص من الأقرباء أو الأصدقاء حتى يكونوا شهودًا على ذلك، إذ إنّ التحقيقات في الجرائم الإلكترونية ما زالت بدائية وتعتمد على اعتراف المجني عليه.

تتسع وتستفحل ظاهرة التنمُّر الإلكتروني بشكل مخيف ضد النساء عمومًا، والعاملات في الحقل الإعلامي على وجه التحديد، ويُرجع المحامي والمختص القانوني ياسر المليكي أسبابَ ذلك إلى عدم وجود قانون يتعامل مع التنمر بمسمياته الحديثة بشكل مباشر.

ويقول المليكي لـ"خيوط": "إنّ القوانين اليمنية في معظمها قاصرة عن مواكبة الجرائم المستحدثة التي ظهرت بأشكال وأنماط متعددة، منها ما صار يعرف (بالتنمُّر)، المصطلح الذي يعتبر دخيلًا على اللغة القانونية اليمنية، إذ لا يتضمن قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12 لسنة 1994، نصوصًا مستقلة وواضحة للتعامل مع هذه الأفعال والممارسات المستحدثة، بل يشير للجرائم التقليدية، ولأنّ التعريف القانوني لا بدّ أن يكون دقيقًا وواضحًا، فإنّ من الضروري وجود نصوصٍ مباشرة وتفصيلية تشير لعقوبات التنمر والابتزاز والسب، والتهديد، والتعدي على حرمة الحياة الخاصة". 

كما يتم التعامل مع بعض هذه القضايا، وفق هذا المختص القانوني، بناء على قياسها ببعض مواد قانون العقوبات والجرائم اليمني سابق الذكر، إذ تنص المادة 292 من قانون الجرائم والعقوبات أنّه "كل من سب غيره بغير القذف يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة، ولو كانت الواقعة المسندة للمجني عليه صحيحة". أمّا ما يخص التهديد بإذاعة الأسرار الخاصة فتتفاوت العقوبة، وفقًا للمادة 257، بين سنتين إلى خمس سنوات.

ويفصّل المليكي أنواع التنمر، مُدرِجًا الابتزاز ضمنها: "أصبحنا نسمع الكثير من قضايا الابتزاز الموجهة ضد النساء، سواء على الواقع العام أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك شدّد القانون اليمني على عقوبة الابتزاز كما في نص المادة 313 من قانون الجرائم والعقوبات والتي تعاقب "بالحبس مدة خمس سنوات أو بالغرامة من يبعث قصدًا في نفس شخص الخوف من الإضرار به أو بأي شخص آخر يهمه أمره ويحمله بذلك وبسوء قصد على أن يسلمه أو يسلم أي شخص آخر أي مال أو سند قانوني أو أي شيء يوقع عليه بإمضاء أو ختم يمكن تحويله إلى سند قانوني".

توثيق ومكافحة

يُشدّد المحامي المليكي على ضرورة توثيق أي تنمُّر يتم التعرض له، وإرسال روابط المنشورات أو التعليقات المسيئة أو رسائل التهديد لأشخاص من الأقرباء أو الأصدقاء حتى يكونوا شهودًا على ذلك، إذ إنّ التحقيقات في الجرائم الإلكترونية ما زالت بدائية وتعتمد على اعتراف المجني عليه.  

ويشير المهندس عزمي غالب، خبير في مجال تقنية المعلومات، في حديثه لـ"خيوط"، إلى ضرورة التسلح بفهم الأمن الرقمي لأنّ الشبكة العنكبوتية عالم مخيف لمن لا يتقن مهاراتها، ويسرد مجموعة من الخطوات التي يمكن من خلالها مواجهة وتوثيق حوادث التنمُّر الإلكتروني، منها: ضرورة استخدام هاشتاجات مضادّة لحملات التنمُّر، وتوثيق حوادث التنمُّر ورفعها وحفظها، إلى جانب تقديم بلاغات لموقع Troll Busters الذي يُعنى ببلاغات التنمُّر ضد الصحفيين، وأيضًا حفظ المعلومات وإخفاء الخصوصية، وتأمين الحسابات بأكثر من طريقة، وعدم فتح الحسابات الشخصية للحسابات الوهمية، وعدم استخدام تطبيقات المراسلات المعدلة مثل واتس "عمر" وغيره، وبرنامج كاشف الأرقام والمتتبع، وأي برامج تتطلب أذونات للكاميرا والهاتف والمراسلات، وهي لا تستخدم هذه الميزات، وتكمن خطورة هذه التطبيقات في أنّها عبارة عن برمجيات مكتوبة من قبل جهات مجهولة وغير رسمية، بحيث تستطيع هذه الجهات الحصول على بيانات المستخدمين وبيعها، سواء لجهات سياسية أو جهات تجارية. 

كما أنّ هذه الجهات التي تقوم بإصدار التطبيقات المعدلة هدفُها تجاري ولن تكلف نفسها أي مبالغ مالية لشراء أدوات أمان للتطبيقات.

•••
سكينة محمد

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English