التعاونيات فصل آخر يزهر في تعز

غياب الدولة يدفع الناس لتحمل مسؤولية تنمية مجتمعاتهم
محمد عبده سعيد
November 30, 2021

التعاونيات فصل آخر يزهر في تعز

غياب الدولة يدفع الناس لتحمل مسؤولية تنمية مجتمعاتهم
محمد عبده سعيد
November 30, 2021

خلال فترة سبعينيات القرن المنصرم، وبالذات أثناء تولي الرئيس إبراهيم الحمدي رئاسة الجمهورية العربية اليمنية، شهدت البلاد ازدهار حركة التعاونيات في مختلف المحافظات اليمنية، وشيدت خلال تلك الفترة أغلب المدارس والمستشفيات في كافة المدن وأريافها، وكانت محافظة تعز من أبرز المحافظات التي شهدت انتعاش الحركة التعاونية خلال تلك الحقبة الزمنية؛ حيث أخذت نصيبها من بناء المدارس والمستشفيات وشق العديد من الطرقات التي تربط المديريات وقراها ببعضها بعضًا.

في الحقبة المنصرمة تلاشت فكرة التعاونيات، غير أن بوادر ربيعٍ آخر لها ازدهر من جديد في اليمن عمومًا، وفي مديريات تعز المختلفة خصوصًا، إذ تشهد الفترة الحالية نشاطًا تعاونيًّا منقطع النظير في مختلف المجالات؛ أبرزها شق الطرقات ورصفها.

في هذا الجانب كانت مديريات تعز قد شهدت حراكًا مجتمعيًّا ملحوظًا، قدمت فيه نماذج مختلفة من أشكال التعاون، شارك فيها عدد من أبناء المجتمع، وفي مقدمتهم النساء، اللواتي كان لهن دور بارز فيه.

تعاونيات جبل حبشي

من جبل حبشي إلى الحجرية وصبر وشرعب، أخذ الناس على عاتقهم مسؤولية تنمية مجتمعاتهم أثناء غياب مشاريع ودور الدولة، وتمثلت جل هذه المبادرات في رص الطرقات وشق طرق جديدة.

 تبادرت إلى أذهان المواطنين مع غياب الدولة التام جراء الحرب الدائرة فكرة العمل التعاوني، وعلى الفور انطلقت المشاريع التعاونية المختلفة، وحققت نجاحات ملموسة على أرض الواقع في مختلف المديريات والقرى.

تم رصف طرق 64 قرية تابعة لـ11 عزلة في مديرية جبل حبشي، بلغ امتدادهن إجمالًا ما يقارب 10 كم، لتحقق المديرية نجاحًا باهرًا، خاصة فيما يتعلق بتنمية الطرقات والمدارس، بجهود مبذولة في أغلبها من قبل المجتمع المحلي.


عانت مديرية "جبل حبشي" -إحدى مديريات محافظة تعز- كثيرًا خلال الفترات الماضية، بسبب الطرق الوعرة التي تنتشر على امتداد المديرية، معاناة إضافية واجهها المواطنون خلال فترة الحرب تحديدًا، ما دفع الأهالي لإطلاق مبادرات مجتمعية في أكثر من عزلة في المديرية، حاملين على عاتقهم تنمية مجتمعاتهم في مختلف المجالات، ومن أكثر المشاريع التنموية التي انتشرت في المديرية رصف وتأهيل الطرقات المتهالكة، حيث تسابق سكان العُزَل فيما بينهم البين في إصلاح طرقهم الممتدة لمسافات، وعمل الأهالي على توفير احتياجات رصها وإصلاحها، فيما ساهم الصندوق الاجتماعي للتنمية إلى جانب هذه المبادرات، وبحسب تقارير أوردتها السلطة المحلية في المديرية، فقد تم شق طرق 64 قرية تابعة لـ11عزلة، بلغ امتدادهن إجمالًا ما يقارب 10 كم، وقد حققت المديرية نجاحًا باهرًا، في جهود مبذولة في أغلبها من قبل المجتمع المحلي.

 سامع تلحق بدرب التعاونيات

مديرية سامع هي الأخرى لحقت بركب التنمية المجتمعية، حيث قاد الأهالي فيها مبادرات في عدد من القرى، أبرزها حوراء وبكيان، والخضراء، من خلال فتح باب العمل المجتمعي ابتداءً بمبادرة "نعيم الحوري" التي تبرعت بثلاثة مليون ريال لصالح طريق الحصة حوراء والتي أصبحت إحدى الطرق الرئيسية في المحافظة؛ بسبب انقطاع أغلب الطرقات جراء الحرب، إذ اتخذها أبناء المحافظة طريق لتنقلاتهم من الحوبان إلى المدينة والعكس رغم خطورته، إعلان الحجة نعيم الحوري مساهمتها لصالح الطريق كان بمثابة إطلاق شرارة التنمية في المديرية حيث انطلقت مبادرات أخرى؛ أهمها مبادرة طريق الخضراء ومحصيص، بالإضافة إلى مبادرات رصّ طرق داخلية على مستوى القرى.

في سياق متصل، يتحدث عبدالكريم علي مقبل، نائب رئيس مبادرة الحصة لـ"خيوط" قائلًا: "الحاجة كانت الدافع للتفكير بمبادرة الحصة، والسبب تعرض الطريق للخراب بسبب السيول وتعثر مشروع الأسفلت نتيجة الحرب، وامتلاء الطريق بمخلفات الجبل الذي هدته إحدى شركات المقاولات؛ مما أعاق التنقل، خاصة مع هطول الأمطار وإن كانت خفيفة".

ويستطرد مقبل: "بدأنا نفكر بإيجاد حلول دائمة لصيانتها، وكانت البداية من الحجة نعيم الحوري، التي كان لها الدور الأبرز في إطلاق المبادرة، وبعد ذلك دعينا الناس للمساهمة، ولاقت الدعوة صدى كبيرًا في ظل الواقع الذي تمر به البلاد".

وما يزيد الأمر سوءًا هو وقوع نقيل "الحصة حوراء سامع" يقع في مجرى السيل الأمر الذي يعرضه بشكل دائم للجرف والخراب، يتبعه مفاقمة معاناة الأهالي والمسافرين من مختلف مديريات الحجرية.

وعن المساحة التي تم استصلاحها أوضح المسؤول المالي للمبادرة، عبدالوهاب غالب لـ"خيوط"، أن المساحة التي سيتم استصلاحها وتأهيلها في نقيل "الحصة حوراء سامع" حوالي 200 متر طولي بعرض ستة أمتار من أصل 1300 متر، تعد كلها في مجرى السيل، تم تقسيم العمل لثلاث مراحل؛ استهدفت المبادرة ابتداءً المناطق الأكثر تضررًا، بالإضافة إلى حفر عبارات مياه ورص بعضها، تمثلت بإخراج الجبال المتراكمة من المخلفات والتي سببتها شركة سبأ، والمرحلة الثانية تمثلت في بناء الجدران الساندة وبعض العبارات، والمرحلة الثالثة والأخيرة هي عملية الرصّ.

نشاط في القبيطة 

مديرية القبيطة المجاورة، والتي تتبع إداريًّا محافظة لحج، كان لها نصيبها من العمل التعاوني وشق الطرقات وتعبيدها بجهود الأهالي، إذ تم شق طريق جديدة تربط أكثر من سبع قرى في "شرار الأعلى"، والذي ظلت لسنوات محرومة من كل سبل الحياة بحسب تعبير الناطق الرسمي للحملة علي منتصر القباطي الذي قال لـ"خيوط": "الطريق تربط أكثر من سبع قرى كانت محرومة من كل سبل الحياة؛ ولأن معاناتهم زادت خلال فترة الحرب وطول أمدها، كان أبناء المنطقة يحملون أمتعتهم على رؤوس النساء أو على ظهور الحمير، حتى بادر بعض أبناء المنطقة بالعمل"، ويضيف: "تواصلنا مع رجال الأعمال ولاقت الفكرة تفاعلًا كبيرًا، ودعمًا محليًّا وخارجيًّا، حتى إن فاعل خير من خارج الوطن ساهم بعشرة آلاف دولار، تمكنّا بعدها من الوصول إلى مناطق لم تصلها سيارة منذ وجود البشر على الأرض"، وينهي القباطي حديثه: "خلال المرحلة الثانية سنقوم بربط طريق طور الباحة بنجد شرار وسوق الربوع وكرش".

إلى جانب هذه المبادرات كانت هناك مديريات أخرى قد لحقت بدرب التنمية بمبادرات مجتمعية، تساهم في الحد من معاناة الناس وتقود عجلة التنمية.


•••
محمد عبده سعيد

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English