ضحايا نقاط التفتيش

ابتزاز المسافرين ماليًّا، وإثارة الضغائن المناطقية!
خيوط
October 3, 2023

ضحايا نقاط التفتيش

ابتزاز المسافرين ماليًّا، وإثارة الضغائن المناطقية!
خيوط
October 3, 2023
.

تقترف نقاط التفتيش، ولاعتبارات مناطقية، اعتداءات ممنهجة بحق المسافرين الواصلين إلى مدينة عدن الساحلية، جنوب اليمن، وتهدف هذه الممارسات غير الأخلاقية إلى ابتزاز المسافرين ماليًّا ظاهريًّا، لكنها تذهب إلى أبعد من ذلك، وهو السعي لإثارة الضغائن في نفوس أبناء البلد الواحد.

تأتي هذه الظاهرة، بالغة الخطورة، بعد أن قطعت الحرب أوصال الجغرافيا اليمنية، وألحقت خرابًا واسع النطاق بالبنية التحتية الحيوية، بما فيها الجسور والطرقات، التي كانت أبرز ضحايا النزاع المندلع منذ تسعة أعوام، حيث عسكرت أطراف النزاع في الطرقات، وفكّكت أجزاءها بواسطة مئات الجنود ونقاط التفتيش، حيث لا يكاد يفصل بين النقطة والأخرى سوى ١٠ كم. 

بات المسافرون في مختلف المناطق اليمنية يخضعون للاستجواب والتفتيش بصورة متكررة في معظم النقاط الأمنية والعسكرية، إذ يستوقف الجنودُ المارّةَ في طرقات السفر، ويتم استجوابهم بسؤال ذائع الصيت يتفق في طرحه جميعُ أطراف الحرب: "من وين قادم، إلى أين ستذهب؟"، بينما يبحث البعض عن إجابة مطلوبة لسؤال متصل بالوظيفة والعمل. 

على الرغم من التهدئة العسكرية الشاملة في جبهات القتال بين الجماعات العسكرية التابعة لأطراف الحرب، مع دخول الهدنة حيز التنفيذ في أبريل/ نيسان 2022، فإن نقاط التفتيش، التابعة لأطراف الحرب ماضية في ممارسة انتهاكات متنوعة تصل إلى حد القتل والجرح عبر استخدام الأسلحة النارية والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والمعاملة القاسية، وإعاقة حرية التنقل للمسافرين، خصوصًا النساء، والابتزاز المالي والنهب، ومنع وصول المساعدات الإنسانية. 

يضطر، نتيجة الحرمان من السفر عبر مطار صنعاء الدولي أو من أجل قضاء أعمال تجارية أو القيام بزيارات عائلية، عشراتُ الآلاف من سكان المحافظات الشمالية إلى تكبد مشقة السفر الطويل وأهواله، بغية الوصول إلى مدينة عدن، بما فيها احتمالية وقوع حوادث مرورية بسبب الطرق الأسفلتية المتهالكة، والطرق البديلة الوعرة في الوديان والسواقي التي يمرون عبرها.

على طوال الطريق الشاق من صنعاء وما يحيط بها إلى مدينة عدن الساحلية، جنوب اليمن، تمتد مئات من نقاط التفتيش التي تعيق حركة السير وحرية التنقل، وتشكّل خطرًا على حياة المسافرين، إذ يصيبهم الإجهاد الشديد بسبب التوقف المستمر والاستجواب بلا داعٍ، مع ذلك، يتمكن من اجتياز هذه الحواجز الأمنية العديدُ من المسافرين. 

يصل المسافرون إلى نقاط تفتيش (الحزام الأمني) التي تُحكِم سيطرتها على مداخل ومخارج مدينة عدن، حيث تمارس هذه القوات بحقهم مهامًا غير أمنية، من بينها الوقوف في منتصف خط السفر للتقطع والابتزاز المالي. فحينما يميز الأفراد الأمنيون في نقاط التفتيش أرقامَ اللوحات المعدنية للسيارات القادمة من المحافظات الشمالية، أو من خلال التعرف على ملامح الوجه أو اللهجة، يطلب الجنود البطائق التعريفية على الفور، ثم يوجهون سائق المركبة بالوقوف على جانب الطريق، من أجل التفتيش والتحقق، ليبدأ الجنود بمعاملة المسافرين كمن ارتكب للتو ذنبًا، فيتحدثون إليهم باندفاع وبوجوه متجهمة وبنظرات ارتياب.

يفتش الجنودُ أولًا بصورة دقيقة السيارة المستوقفة، وفي حالة عدم وجود ما يتيح الابتزاز، يأمرون، بدون أي مسوغ قانوني أو دواعٍ أمنية، الضحايا بفتح هواتفهم الخلوية بغرض التفتيش، ينصاع البعض لهذه الأوامر مجبرًا، خشية الاعتقال في سجون المجلس سيئة السمعة، وما قد يتعرض له من عنف جسدي ونفسي ومعاملة قاسية. ومن يُبدِ رفضه أو امتناعه عن فتح هاتفه المحمول المرمَّز، فقد يصل الأمر معه إلى حد التلويح باستعمال السلاح، أو التهديد بالاعتقال والإيداع في سجون تغيب عنها أشعة الشمس، فضلًا عن الاعتداءات اللفظية العنصرية والمناطقية.

وقد تستمر عملية تفتيش الهواتف المحمولة لساعات طويلة، فيبحث الجنود في المحادثات الخاصة واستعراض الصور المحفوظة، بما فيها الصور الخاصة بدون أي حياء أو روادع أخلاقية. يمارس الجنود هذا السلوك غير الأخلاقي بلا اكتراث، حيث يلفقون التُّهم ويبثون الهلع في نفوس المسافرين، من أجل مصادرة ما بحوزتهم من مال، تحت عدة تلفيقات معدَّة سلفًا، منها الانتماء إلى جماعة الحوثي، أو التهديد بالصور والمراسلات الخاصة بالعلاقات الشخصية.

توحي الخروقات المتواصلة التي يرتكبها الجنود بأنهم محميون من المساءلة القانونية والمحاسبة من القيادات الأمنية العليا، في ضوء الممارسات المتواصلة التي تجرد المواطنين بصفة تعسفية من حقهم القانوني في حماية حياتهم الخاصة، واختراق مساحاتهم الشخصية المحصنة بموجب القوانين الدولية والوطنية والأعراف والتقاليد الاجتماعية، التي تتصدى لأي سلوك مشين يمس الشرف والسمعة، ويتعدى على خصوصية الأفراد وشؤونهم الخاصة، دون مسوغات قانونية أو دواعٍ أمنية.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English