"بيدق أسود في يدِ الجنرال"

مجموعة شعرية خامسة لمحمد اللوزي
خيوط
August 12, 2023

"بيدق أسود في يدِ الجنرال"

مجموعة شعرية خامسة لمحمد اللوزي
خيوط
August 12, 2023
.

المجموعة الشعرية الخامسة للشاعر محمد اللوزي، صدرت مؤخرًا عن دار مواعيد بصنعاء، وحملت عنوان "بيدق أسود في يد الجنرال" احتوت على ستين نصًّا شعريًّا مكثفًا، تحيل كلها إلى نزعة الكتابة الحديثة التي أخلص لها الشاعر، وتقوم أبنيتها وموضوعاتها على التهكم والمفارقة:

لم تكن نيران العدو

كانت نيران طائراتٍ صديقة

هي من يقصفنا بالخطأ،

هكذا قال الجندي لجثة رفيقه.

 يقول الشاعر أحمد السلامي عن تجربة اللوزي الشعرية: 

يبني الشاعر محمد اللوزي قصيدته مدفوعًا بتجربته الخاصة التي قادته إلى تكوين صلة متميزة بالشعر، التزم خلالها بتوطين قصيدة النثر في ذاكرته، قارئًا وكاتبًا، بمزاج متحرر من الشكلانية والتنظيرات، وغير معنيّ برواسب الموسيقى والأشكال الشعرية الأخرى التي رسخت في الذاكرة الجمعية، وهو رسوخ كانت له تبعاته على بعض الشعراء الذين كلما حاولوا مقاربة الشعر من مدخل النثر ظهر تأثير الثوابت والصوت الغنائي وما يفرضه من اختيارات على صعيد المفردات والجمل والصور والأفكار.

وفي مجموعته الجديدة "بيدق أسود في يد الجنرال"، يواصل اللوزي التحليق بقصيدة النثر ببساطة ومن دون تكلف أو عناء، معتمدًا على ما يتيحه النثر الصافي المتخفف من المجازات والمهمات النضالية للشعر، وذلك يمنحه فسحة لكتابة قصيدة يستبطن ويتأمل من خلالها عوالم وصور ومشاهد قابلة للحياة طويلًا داخل النص، إذ تتحول التأملات والالتقاطات لديه إلى مشاهد حية خارج زمنها وجغرافيتها وذات كينونة شعرية منفتحة الدلالة وقابلة للتلقي في مساحة أوسع من بيئة الشاعر.

يمسي الملك في قصيدة اللوزي أكثر دلالة من الملك في الواقع، وتمسي مشاهد أفول مملكته وسقوط هيبته حالة شعرية عابرة للأمكنة والتواريخ، كما تصبح الطائرة الورقية واستخداماتها في عدة نصوص مثالًا على خبرة الشاعر في توظيف التأملات لإنتاج قصائد قادرة على تكثيف كل ما هو واقعي وتحويله إلى جوهر خالص للفن.

ولا يمنح اللوزي لقصيدته مهمات استعراضية، فلا مجال للاستعراضات اللغوية، ولا توظيف إلا للكلمات التي تعين النص على تشكيل اللحظة أو الفكرة شعريًّا، ودفع القارئ إلى تصورها في مخيلته.

كل قصيدة في المجموعة الجديدة تبدو مدخلًا لإعادة التموضع داخل الكتابة، في مؤشر على قلق من النوع الحميد، يشي بروح باحثة عن تعريف للشعر من عدة زوايا، وذلك ما يجعل كل عمل جديد لمحمد اللوزي يمثل بحثًا إضافيًّا عن وجهات أخرى للقصيدة، ولا سيما لجهة الموضوع والحافز الذي يحرض الشاعر على الكتابة.

أشرت إلى ثيمة البساطة في نصوص هذه المجموعة، وأضيف أنّها بساطة مقرونة بشيء من المعرفة المكتسبة التي صقلها الشاعر بالقراءات، وصولًا إلى تجربته في الترجمة كثمرة للتوسع في مطالعة الشعر وإعادة اكتشافه من منظور أشمل وأكثر رحابة.

ويمكن للقارئ المعتاد على الخروج بدهشة فاقعة اللون من وراء قراءة الشعر، أن يحصل على مبتغاه إذا ما تعامل مع عنوان كل قصيدة في المجموعة بوصفه جزءًا من النص؛ لأنّ العنوان في نصوص محمد اللوزي ليس إشارة عابرة، بقدر ما يمثل مفتاحًا للدخول إلى عالم كل نص. من القصائد التهكمية في المجموعة تجيء قصيدة الأصدقاء حاملة معها تشريحًا للعلاقات الشائهة التي تنمو تحت عنوان الصداقة:

 الأصدقاء

الذين وضعهم القدر

في طريقي

لم يكونوا غير فخاخ محكمة.

بعنايةٍ نصبهم القدر

وبمتوالياتٍ هندسية تموضعوا

ألغامًا على طول الطريق.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English