عن زيارة بايدن للسعودية

السلام وملفات الضحايا اليمنيين وسبل المساءلة والإنصاف
عبدالرشيد الفقيه
July 14, 2022

عن زيارة بايدن للسعودية

السلام وملفات الضحايا اليمنيين وسبل المساءلة والإنصاف
عبدالرشيد الفقيه
July 14, 2022

أتابعُ مع كثيرٍ من اليمنيين باهتمام زيارةَ الرئيس الأمريكي جو بايدن المرتقبة للسعودية، كما تابعنا باهتمام وعودَه السخية بشأن اليمن في حملته الانتخابية، بالإضافة إلى كلِّ خطواته منذ تسلمه الرئاسة، وبالأخص تلك الخطوات التي تمس الوضع في اليمن، بشكل مباشر أو غير مباشر، تهمنا هذه الزيارة بالنظر إلى المضامين التي سيتم مقاربتها خلالها، وبالآثار والنتائج التي ستنسحب على الوضع في اليمن.

لا يهمنا كيمنيين كثيرًا شكلَ علاقة الولايات المتحدة والسعودية، سواء قبل بايدن أو خلال إدارته أو بعدها، ما يهمنا حصرًا هو أثر هذه العلاقة على حياة اليمنيين التي التهمتها على مدى ثماني سنوات من عمرها نيران الأسلحة الأمريكية وغيرها من الأسلحة، وأكثر من أثر تلك الأسلحة أثر الغطاء الدبلوماسي والسياسي الذي قدّمته الإدارات الأمريكية المتعاقبة للاستباحة السعودية والإماراتية لليمن ومقدراته في مغامرتهم المشتركة مع الحوثيين المدعومين من إيران والجماعات والأطراف اليمنية الأخرى.

من المهم أن نذكِّر هنا بمسؤولية مضاعفة على إدارة بايدن الديموقراطية، ليس فقط التزامًا بالوعود الانتخابية الكبيرة التي قطعها على نفسه، وليس فقط لأنه الآن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الفاعلة والمؤثرة، بل ولأن حرب السعودية والإمارات انطلقت في 26 مارس/ آذار 2015، في ظل إدارة ديموقراطية أمّنت لها الدعم العسكري والسياسي وارتكبت فظاعات شديدة خلالها.

لقد كان لدي الكثير من المخاوف والهواجس بشأن التزام إدارة بايدن بسياسات وخطوات فعالة تحترم حقوق الإنسان منذ اليوم الأول لتسلمه للسلطة، لقد مرّت الكثير من الفرص منذ ذلك الوقت لإثبات هذا الالتزام عمليًّا، لكن إدارة بايدن لم تفعل أكثر من ترديد الشعارات مع القليل من العمل تجاه مختلف الملفات

من المهم خروج السعودية والإمارات والتحالف من الحرب في اليمن، لكن من المهم أن تقوم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بدور محوري لضمان أن يكون هذا الخروج وَفق خطة شاملة تعالج جميع ملفات الحرب في إطار تسوية شاملة كسبيل لضمان أمن ومصالح اليمن والسعودية والعالم، ولاستعادة حياة اليمنيين الطبيعية وتجربتهم الديموقراطية التي تم تقويضها.

أكثر ما يفزعنا الآن كيمنيين، أن تؤدي كل الجهود المبذولة تحت لافتة إيقاف الحرب في اليمن، إلى وضعٍ كارثي بتأبيد سطو الجماعات المسلحة على البلاد، في استنساخ للوضع في أفغانستان أو الصومال، ما سيجعل من تلك الجهود مجرد خدمة إضافية للسعودية لإخراجها شكليًّا من الحرب دون التزامات تجاه الملفات الثقيلة التي فتحتها وفاقمتها بتدخلها العسكري المتهور، وعلى رأس تلك الملفات: وضع الجماعات المسلحة المتعددة الموالية لتحالف السعودية والإمارات ووضع المناطق الخاضعة لسيطرتها، ووضع المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين الموالية لإيران، وملف الأزمة الإنسانية، وملف الضحايا المباشرين وغير المباشرين للحرب، وملف المساءلة والإنصاف، وملف إعادة الإعمار، وملف بناء مؤسسات دولة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان.

ومن أهم المسائل التي تهمنا كعاملين في مجال حقوق الإنسان هو ماهية الخطوات التي ستلتزم بها الإدارة الأمريكية تجاه قضية المساءلة والإنصاف، وأولى تلك الخطوات إنشاء آلية تحقيق جنائية دولية ومستقلة ذات ولاية فعالة فعالة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، وجمع وحفظ الأدلة، وبناء ملفات لفرص المساءلة الجنائية في المستقبل. علاوة على ذلك، فقد فشلت أطراف النزاع في اليمن، التحالف والحكومة اليمنية والحوثيين، فشلاً ذريعاً في جبر الضرر للمدنيين في اليمن، وعليه فإن من الضرورة بمكان إنشاء آلية دولية لجبر الضرر في اليمن بمعايير دولية، ومرتكزة على مصلحة الضحايا وشاملة ومتاحة لجميع الضحايا المدنيين.

من المفارقات الصارخة أننا انتزعنا آلية دولية مستقلة بإنشاء فريق الخبراء البارزين من قبل مجلس حقوق الإنسان في عام 2017، أول سنوات عهد ترامب، وتم التجديد للفريق وتقويته عامًا بعد آخر خلال سنوات ولاية ترامب كاملة، وأُنهيت ولاية الفريق في أول سنوات بايدن في 10 أكتوبر 2021، وها نحن في العام الثاني من ولاية بايدن عالقين في متاهة من الأعذار وعدم الالتزام تجاه خطوة عملية صغيرة لتأكيد احترام إدارته فعليًّا لحقوق الإنسان.

لقد كان لدي الكثير من المخاوف والهواجس بشأن التزام إدارة بايدن بسياسات وخطوات فعالة تحترم حقوق الإنسان منذ اليوم الأول لتسلمه للسلطة، لقد مرّت الكثير من الفرص منذ ذلك الوقت لإثبات هذا الالتزام عمليًّا، لكن إدارة بايدن لم تفعل أكثر من ترديد الشعارات مع القليل من العمل تجاه مختلف الملفات، والآن أهدتها الحرب في أوكرانيا الكثيرَ من الأعذار للتملُّص من وعودها والتزاماتها.

بعد أن قرأت عريضة بايدن غير المتماسكة التي نشرتها واشنطن بوست ازدادت مخاوفي وهواجسي وأسئلتي بشأن ما الذي ستفعله إدارة بايدن للتعبير عن التزامها بالقيم وبحقوق الإنسان، وبشأن اليمن واليمنيين، وبشأن حجم التنازلات المقدّمة على طاولة السعودية والإمارات وبقية الأنظمة المنتهِكة، وماهية هذه التنازلات، وما هي التنازلات المقدّمة من قبل هذه الأنظمة لصالح الناس والسلام وحقوق الإنسان.

•••
عبدالرشيد الفقيه

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English