فزع "خابز الخمير"

من ضحايا الحرب المنسيين في الحديدة
خيوط
May 26, 2021

فزع "خابز الخمير"

من ضحايا الحرب المنسيين في الحديدة
خيوط
May 26, 2021

كثر الذين سقطوا ضحايا أثناء قيامهم بأعمالهم، منفقين روتين حياتهم في البحث عن سبل العيش الكريم؛ فتارة يسقط طفل يعمل في مزرعة، وتارة وهو في البحر، وتارة وهو يقف في سوق. فالطفل رامي ماجد (اسم مستعار) البالغ من العمر 17 سنة؛ خبّاز، يقف منشغلًا بإعداد خبز الخمير، وهي فطائر تقلى في الزيت ولها إقبال كبير بين أوساط المواطنين.

يقف رامي آمنًا مطمئنًا في سوق يرتاده الكثير من الناس، فمشترٍ يأتي وآخر يذهب، وهو يؤدي عمله برضى وتفانٍ، متقنًا عمله ومنشغلًا به عما قد يجول حوله.

باغتته رصاصة في الـ23 من يناير/ كانون الثاني 2021، اخترقت الطاولة الحديدية التي يقف عليها وأوقعته أرضًا، هرع صديقه بربط مكان إصابته بشاله الذي على رأسه، ونقله عامل آخر في السوق إلى مستشفى الثورة بمدينة الحديدة.

"كأنك ضحيت بكبشٍ في المكان"، قالها صديقه الشاهد م.م (23 سنة)، اختصر بهذه الجملة كمية الدماء التي راقت من الرجل اليسرى لصديقه المصاب.

ففي محافظة تمر بحرب لم يكن من السهل الحصول على دم في بنك الدم، وخاصة لأولئك أصحاب الزمر (العينات) النادرة، فبعد نزف هذا الدم كله كان من الصعب الحصول على أكياس دم كافية تحمل زمرة الدم (-O)، وما زاد من حرج حالته هو عدم امتلاك أخيه المال الكافي لشراء الدم، إلا أن الإنسانية ليست بغريبة على أبناء تهامة؛ وضع مسعفه هُويته الشخصية كرهن لإنقاذ الطفل، وخرج باحثًا عن متبرعين.

انقلب الوضع من عمل بلا كلل وبأمان إلى حال من الفزع والخوف للضحية ولصديقه الذي اعتراه الفزع، واضطر بعدها لترك العمل نهائيًّا والبحث عن عمل في مكان آخر

في رصاصة أطلقها أصحابها دون تعويل كالعادة، رصاصة قادمة من بعد مسافة أقل من كيلو من موقع العمل في خط تماس لقوات العمالقة التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا وجماعة أنصار الله (الحوثيين).

فبثانية واحدة انقلب الوضع من عمل بلا كلل وبأمان إلى حال من الفزع والخوف للضحية ولصديقه الذي اعتراه الفزع، واضطر بعدها لترك العمل نهائيًّا والبحث عن عمل في مكان آخر.

في سؤال قد يطرحه من هم في أماكن لم تشهد حربًا، وهو: ما الذي حملهم للعمل في هذه المناطق القريبة من مواقع الاشتباك؟!

وجوابه هو: نزح الكثيرون وبقي من لا يعرف سوى عمله الذي يعمل فيه ومنزله وحيه ومدينته، وهؤلاء هم ضحايا حي الربصة بالحوك بالحديدة.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English