رمضان في موطن الجبن "العَوْشَقي"

طبق يومي على مائدة الصائمين في "مَوْزَع"
عبدالباسط القادري
May 11, 2021

رمضان في موطن الجبن "العَوْشَقي"

طبق يومي على مائدة الصائمين في "مَوْزَع"
عبدالباسط القادري
May 11, 2021
Photo by: Hamza Mustafa - Khuyut

لا تقتصر شهرة "موزع" على موقعها الساحلي القريب من ميناء المخا ومن مضيق باب المندب. لا تقتصر أيضاً على مكانتها التاريخية كمدينة تجارية ودينية، ولا على مزارع الموز والذرة والباباي، هناك منتج تقليدي شديد الشهرة والشعبية في اليمن يُصنع في "موزع" هو الجبن "العوشقي".

  تتبع مديرية موزع إدارياً محافظة تعز، وتقع جنوب غرب مدينة تعز. وفي عُزلة "العواشقة" (العزلة تقسيم إداري في اليمن)، جنوب مديرية موزع، يبقى للجبن "العوشقي" نكهته الخاصة التي لا تضاهيها أي نكهة أخرى طوال العام. لكن رمضان له ميزته الخاصة التي تجعل الجبن حاضراً على موائد كل أسرة من أهالي هذه "العزلة" وهي الأكبر على مستوى المديرية. من هذا المكان ينتشر الجبن "العوشقي" إلى عدة محافظات أخرى، سواءً بطريقة تجارية أو كهدايا يتبادلها الأهل والأصدقاء، كرمز للمحبة وكرم النفس. 

  على الرغم من أن "الجبن البلَدي" يُصنع في مناطق أخرى في "موزع" والمديريات المجاورة لها، إلا أن الجبن "العوشقي" يظل متميزاً في مذاقه وفوائده الصحية. محبو هذه الأكلة الشعبية يستطيعون تمييز الطبق المصنوع في "العواشقة" عن غيره. ولذلك، لا غرابة في أن يحتفي أهالي المنطقة بصنعتهم الفريدة على المائدة الرئيسة للإفطار.

  يعمل قرابة نصف الأهالي في عزلة "العواشقة" في صناعة الجبن، ويرسلونه أو يذهبون لبيعه في أسواق المديرية بالجملة والتجزئة، وبالتالي، يزداد عدد فرص العمل لكثير من المشتغلين ببيع الجبن وتصديره إلى المدن الرئيسية القريبة. 

  علاوة على تميُّز الجبن "العوشقي" بالمذاق الأفضل بين جميع أنواع "الجبن البلدي" في اليمن، ففائدته الصحية تتركز في احتوائه على نسبة عالية من الكالسيوم، ويعتمد صانعوه على صغار الأغنام للحصول على مادته الرئيسية، حيث يخصصون بعض صغار الماعز للذبح في سن مبكرة، واستخراج كيس صغير في بطنه يسمونه "المَلْبَن"، ويتركونه حتى يجف.

يعمل في إنتاج الجبن في مديرية "موزع"، الرجال والنساء على حد سواء، ويباع في الأسواق داخل موزع وفي مدن يمنية أخرى، كما يتم حجزه مسبقاً من قبل بعض الباعة الذين يتعاملون مع بعض الأسر ويشترونه منها بالجملة

  وفقاُ لسالم بَهْصر، وهو من صانعي الجبن في مديرية "موزع"، فبعد تجفيف ذلك الكيس عدة أيام، يأخذون كمية قليلة من محتوى "الملبن" ويضيفون إليها الحليب الذي يوضع في إناء معدني. بعد ذلك توضع أواني الجبن خارجاً في مكان ملائم، بينما يحتفظ الصانع بالمتبقي من المادة الرئيسية التي تبقى صالحة لصناعة أطباق أخرى طيلة شهر كامل. ويوضح بهصر في حديثه لـ"خيوط"، أن هذه العملية تساعد على تخمّر الجبن وتصلبه، حيث يُترك قرابة10 ساعات ثم يتم نقله إلى إناء آخر. وعندما يكتمل صنع الأطباق ويصبح حجمها مناسباً، توضع بين كومة حطب لحرقها وتدخينها، وهي العملية الأخيرة قبل نقل المنتج إلى السوق.

   تتفاوت أسعار أطباق الجبن "العوشقي" بحسب حجمها ودرجة جودتها، وتتراوح بين ألف ريال للطبق الصغير وخمسة آلاف ريال للطبق الكبير. أما حجم استفادة مربيي المواشي- صناع الجبن- من صغار الماعز، فتعتمد على كمية الأمطار، حيث تسهم المواسم المطيرة في زيادة إنتاجهم واستفادتهم.

الجبن في رمضان

 يقدَّم الجبن "العوشقي" في مديرية "موزع" على مائدة الافطار ضمن الوجبات الرئيسية، حيث يطحن مع "البسباس" (الفلفل الأخضر أو الأحمر) والثوم والطماطم. 

  يقول ناصر الدراوي، من سكان "موزع"، إن طبق الجبن على مائدة الإفطار في رمضان ليس فقط طبقاً رئيسياً، بل صار من العادات التي لا تغيب عن طقوس الإفطار بعد كل غروب طيلة شهر رمضان. ويشير الدراوي في حديثه لـ"خيوط"، إلى معرفة الأهالي بالفوائد الصحية للجبن، خاصة للعظام والأسنان. غير أنه يشكو ارتفاع أسعار الأطباق هذا العام بسبب تأخر هطول الأمطار على المنطقة.

  ويعمل في إنتاج الجبن في مديرية "موزع"، الرجال والنساء على حد سواء، ويباع في أسواق المديرية وفي مدن يمنية أخرى، كما يتم حجزه مسبقاً من قبل بعض الباعة الذين يتعاملون مع بعض الأُسَر ويشترونه منها بالجملة. وعلى عكس شكوى المواطن الدراوي من ارتفاع أسعار الجبن "العوشقي"، يشكو صانعوه من انخفاض أسعاره مقارنة بارتفاع الأسعار الذي طال كل سبُل المعيشة، خاصة أن كثيراً منهم يعتمدون على صناعة الجبن البلدي، كمصدر رئيسي لكسب العيش.

* تحرير خيوط

•••
عبدالباسط القادري

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English