غضب محتجّين في تعز: "الجوع يطوقنا"

أزمة اقتصادية غير مسبوقة وانهيار متسارع للعملة
سكينة محمد
December 6, 2021

غضب محتجّين في تعز: "الجوع يطوقنا"

أزمة اقتصادية غير مسبوقة وانهيار متسارع للعملة
سكينة محمد
December 6, 2021
Photo by: Hamza Mustafa - © Khuyut

تشهد محافظة تعز (جنوب غرب اليمن) مظاهرات غاضبة، تطالب بوقف تدهور العملة الوطنية ووضع معالجات عاجلة ودائمة لإنقاذ الاقتصاد المتهاوي، ومحاسبة الفاسدين، والتنديد بغلاء المعيشة والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية وتوفير الخدمات الأساسية. 

وتواصل العملة المحلية في المناطق المحسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًّا، انهيارها المتسارع بعد تجاوزها حاجز 1700 ريال للدولار الواحد، مخلفةً تبعات جسيمة في تدهور معيشة المواطنين في ظل حلول عقيمة زادت الوضع سوءًا، وفاقمت الأزمة الإنسانية المتفجرة التي تصنفها الأمم المتحدة بالأكبر على مستوى العالم.

في السياق، قالت سميرة عبدالله 46 عامًا لـ"خيوط": "أنا موظفة بقطاع التربية والتعليم وراتب الشهر لا يزيد عن 90 ألف ريال، بينما كيس الدقيق الواحد (50 كيلو غرامًا) يصل إلى نحو 50 ألف ريال، إذ وفق حديثها تستهلك أسرتها المكونة من 7 أفراد حوالي ثلاثة أكياس شهريًّا، وهو ما يعني عدم القدرة على توفير الخبز والمعاناة من الجوع.

تضيف أنها خرجت كغيرها من المحتجين تطالب الحكومة المعترف بها دوليًّا بالرحيل في حال عجزت عن تخفيف هذه المعاناة عن كاهل المواطنين، فالحرب الحقيقية وفق قولها، حرب لقمة العيش.

أزمة اقتصادية

منذ أسابيع، تشهد اليمن أزمة اقتصادية خانقة إثر تدهور غير مسبوق للعملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا، وسط اختناقات تجارية ومعيشية حادة.

يدعو اقتصاديون الحكومةَ المعترف بها دوليًّا إلى الكف عن التعامل بردة الفعل مع موجات الأزمات الاقتصادية، وأن تتبنى استراتيجية شاملة لإصلاح الوضع الاقتصادي المتردي.

وجابت تظاهرات واسعة شوارع مدينة تعز وسط هتافات غاضبة ومنددة بعجز الحكومة المعترف بها دوليًّا والتحالف بقيادة السعودية والإمارات، الذي أكد متظاهرون أنه يعمل على تغذية الصراعات داخل اليمن ودعم الأحزاب بالمال والسلاح حتى تستمر الحرب أطول فترة ممكنة.

ويؤكد الناشط الاجتماعي محمد الفقيه الدهبلي لـ"خيوط"، أن الاحتجاجات ستستمر بشكل يومي، وهناك تصعيد بصور مختلفة، مثل إضراب المحال التجارية وخروج المظاهرات وتوقف الجامعات وغيرها من الوسائل الاحتجاجية ضد سياسة التجويع وانهيار العملة.

وكان تكتل تجار تعز قد أعلن في بيان صادر عنه الجمعة 3 ديسمبر/ كانون الأول، الإضراب الشامل لمدة ثلاثة أيام تنتهي الإثنين 5 ديسمبر/ كانون الأول، مع إمكانية التمديد. 

وطالب محتجون بإيجاد حلول عاجلة للأزمة الاقتصادية ومنع تدهور العملة الوطنية واستعادة قيمتها، وفق حديث محمد حميد، أحد الناشطين المحتجين، والذي أكد أن مطالبهم واضحة ومشروعة، فقد بحت أصواتهم وهم يطالبون بُحتّ أصواتنا ونحن نطالب بها منذ قرابة ستة أشهر بوضع حد لتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتدهور العملة، وإقالة كل رموز الفساد ومطالبة دول الإقليم والعالم من أجل إنقاذ اليمن من الانهيار الاقتصادي الشامل. 

إجراءات وقائية

إلى ذلك، شهدت محافظات أخرى مثل عدن وحضرموت احتجاجات واسعة على انهيار سعر الصرف، والتنديد بتردي قيمة العملة الوطنية التي وصلت لمستويات قياسية لأول مرة؛ ما يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية واتساع رقعة الجوع والفقر في بلد يعيش ما نسبته ٧٠٪ من سكانه تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. 

نجيب عبدالله (مواطن) قال لـ"خيوط": "الوضع في عدن كارثي، سنموت من الجوع والله، لا تتوفر أي خدمة، والأسعار مرتفعة والناس حالتهم مزرية، والحكومة بفنادق الرياض ولا يهمها الشعب".

الحكومة المعترف بها دوليًّا أعلنت في اجتماع طارئ عقدته الأحد 5 ديسمبر/ كانون الأول، عن حزمة من الإجراءات لمواجهة الأزمة الاقتصادية وتدهور العملة المحلية.

واعتمدت الحكومة مجموعة إجراءات قالت إنها مؤقتة وعاجلة لتخفيف تبعات ارتفاع أسعار السلع الأساسية جراء تراجع سعر صرف العملة الوطنية، بالتركيز على وصول الدعم المباشر إلى المستحقين، حيث أقر دعم الأفران في العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دوليًّا عدن والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، بما من شأنه بيع الخبز بأسعار مناسبة للمواطنين.

وكلفت الحكومة المعترف بها دوليًّا وزارة الصناعة والتجارة إعدادَ تصور شامل حول ذلك وتقديمه بشكل عاجل للمناقشة والإقرار، إضافة إلى تكثيف حملات الرقابة على أسعار السلع الأساسية.
وأكدت أن هذه الإجراءات تأتي كآليات إسعافية مؤقتة لدعم ومساندة المواطنين في هذا الظرف الحرج، وأن الأساس إحداث تحسن في الوضع الاقتصادي وإيقاف التدهور.

وشكك مواطنون بجدية الإصلاحات الحكومية بعد أن فقدت الثقة بالمواطن، حيث يقول الشاب محمد عامر لـ"خيوط": "فقدنا الثقة تمامًا في الحكومة، وكل ما نسمعه لا نصدقه، كل الإجراءات لحظية، وليست جذرية". 

من جانبه، يدعو الباحث الاقتصادي وفيق صالح في حديثه لـ"خيوط"، الحكومة المعترف بها دوليًّا، إلى الكف عن التعامل بردة الفعل مع موجات الأزمات الاقتصادية، وأن تتبنى استراتيجية شاملة لإصلاح الوضع الاقتصادي المتردي. 

وشهدت أسواق المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا موجة غلاء غير مسبوقة وارتفاع قياسي في أسعار جميع المواد الغذائية وإغلاق لأفران الخبز نتيجة ارتفاع أسعار الدقيق.

وكانت المظاهرات في تعز قد جسدت جنازة لكيس الدقيق، ودفنه في إشارة إلى ما وصلت إليه الأوضاع من تردٍّ كبير في مختلف الجوانب المعيشية.


* تحرير خيوط


•••
سكينة محمد

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English