خسائر التعليم لا تقتصر على تدمير المدارس

25 معلِّمًا في "الوازعية" قُتلوا خلال أول سنة من الحرب
محيي الدين فضيل
October 6, 2021

خسائر التعليم لا تقتصر على تدمير المدارس

25 معلِّمًا في "الوازعية" قُتلوا خلال أول سنة من الحرب
محيي الدين فضيل
October 6, 2021
Photo by: Mohammed Al-Selwi - Khuyut

مضت أربع سنوات منذ هدأت جبهات القتال في مديرية الوازعية- جنوب غرب محافظة تعز، بين الحكومة المعترف بها دوليًّا والقوات الموالية لها من جهة، وبين جماعة أنصار الله (الحوثيين).

هذا الهدوء ساعد في كشف الغطاء عن حجم الدمار الذي طال القطاع التعليمي في المديرية المتاخمة لمديرية "المضاربة" التي تتبع إداريًّا محافظة لحج. فخمس مدارس من 30 مدرسة في المديرية، طالها دمار كلي وجزئي بسبب الأعمال القتالية خلال السنة الأولى من الحرب، لتبدأ بعدها معاناة الأهالي بعد عودتهم من النزوح، جراء موجة تسرب الطلبة من المدارس وتوقف المئات منهم عن إكمال دراستهم بسبب بُعد المدارس ومخاطر الطرق المملوءة بالألغام.

مع بداية العام الجاري (2021)، سجلت المديرية زيادة في عدد الملتحقين بالمدارس تجاوز الـ12000 طالب وطالبة في عُزَل المديرية الأربع بخلاف العام المنصرم الذي لم يتجاوز فيه عدد الملتحقين بالمدارس 11650 -بحسب مدير عام مكتب التربية والتعليم بالمديرية- علي الظرافي.

وتعد مدرسة "الخنساء" بالشُّقَيْرا- مركز مديرية الوازعية، ومدرسة "الزهراء" في عُزلة "الظريفة"، أكبر مدرستين للبنات في المديرية، وتحتويان قرابة ألفي فتاة يدرسن فيهما، غير أن كلا المدرستين تعانيان من نقص الكادر التعليمي، فيما تقوم متطوعات من خرّيجات الثانوية للأعوام السابقة بتغطية هذا الفراغ.

يقول علي الظرافي، إن العملية التعليمية في المديرية "تعرضت لضرر كبير في المنشآت"، مؤكدًا خروج خمس مدارس عن الخدمة بسبب الدمار الذي طالها. أما الضرر الأكثر بشاعة للأعمال القتالية التي دارت في المديرية، فيتمثل في مقتل 25 معلمًا وإصابة سبعة آخرين بمضاعفات نفسية. يصف الظرافي هذه الخسارة بالفادحة، وبأنها خلّفت فراغًا في العملية التربوية بالمديرية يصعب ملؤه.

ويضيف الظرافي في حديثه لـ"خيوط": "حاولنا مرارًا التواصل مع جهات عديدة لتغطية النقص الذي خلّفه غياب هذا العدد من المعلمين، وغيرهم العشرات ممّن اتجهوا لمزاولة مهن أخرى بسبب شحة المرتبات والأجور وعدم انتظام صرفها، لكن حتى اللحظة لم نجد تجاوبًا فاعلًا يساعدنا في التوصل لحلول ناجعة".

ويفيد مدير التربية في المديرية بأن الأهالي يبذلون جهدًا كبيرًا في سبيل إنقاذ العملية التعليمية، وذلك من خلال مجالس الآباء والمبادرات المجتمعية، لافتًا إلى أن هذا التعاون ساند جهود مكتب التربية في معالجة بعض المشكلات التي خلّفتها الحرب في المديرية. كما يؤكد أن 80 متطوعًا في مدارس المديرية لهم إسهامات كبيرة في انتظام العملية التعليمية، متمنّيًا أن تكون هناك "لفتة من السلطات المحلية والمنظمات العاملة في اليمن، لإنقاذ هذا الجيل من التسرب من المدارس ومن وقوعه فريسة للجهل".

بادر العشرات من خريجي الثانوية والجامعات لتغطية النقص في الكادر التعليمي، وأسهموا بنجاح في إنقاذ العملية التعليمية، غير أن هذه المعالجات لا تزال مهددة بالتوقف بسبب عدم وجود أي حافز لأولئك المتطوعين

ويبدي نزار المشولي، وهو شخصية اجتماعية معروفة في مديرية الوازعية، ألمه لما وصلت إليه العملية التعليمية في المديرية، "من انفلات كبير بسبب تداعيات الحرب، سواء من حيث الدمار في المباني التعليمية أو التسرب في الكادر التعليمي والطلاب". 

ويضيف المشولي في حديثه لـ"خيوط"، أن المديرية خسرت كوادر تعليمية مؤهلة كثيرة في الحرب. ويتفق مع مدير مكتب التربية- الظرافي، في أن خسارة المديرية -ماديًّا وبشريًّا- في القطاع التعليمي، هي خسارة ليس من السهل تعويضها. وإلى ذلك يشير المشولي إلى أن الأهالي ما زالوا متخوفين من عودة الأعمال القتالية إلى المديرية، ناهيك عن خوفهم من الألغام المنتشرة في أماكن مختلفة، ولم يتم إخراجها بالكامل من أراضي المديرية.

مع عودة النازحين كانت العملية التعليمية مهددة بالتوقف بسبب فقدان أولئك المعلمين أثناء المواجهات العسكرية، وبسبب انقطاع آخرين عن التدريس والتوجه نحو مهن أخرى يكسبون منها لقمة العيش. هذا ما قاله عبدالقادر حسن، التربوي الذي يعمل في مدرسة الخنساء، في حديثه لـ"خيوط". ويضيف: "عملنا على توعية المجتمع بخطورة هذه المرحلة الحساسة، فلبَّى العشرات من المتطوعين النداء لتغطية النقص في الكادر التعليمي، وأسهموا بنجاح في إنقاذ العملية التعليمية". غير أن هذه المعالجات لا تزال مهددة بالتوقف بسبب عدم وجود أي حافز لأولئك المتطوعين؛ بينما لم تنجح بعد إجراءات استقطاع مبالغ من مرتبات المنقطعين عن التدريس لصالح المتطوعين- كما يقول حسن.


•••
محيي الدين فضيل

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English