الأضاحي بعيدة عن متناول اليمنيين

تردٍّ معيشي يسلب الكثير فرحة وطقوس العيد
July 8, 2022

الأضاحي بعيدة عن متناول اليمنيين

تردٍّ معيشي يسلب الكثير فرحة وطقوس العيد
July 8, 2022

عبدالكريم عامر

أمة الرحمن العفوري 

تشهد أسعار الأضاحي ارتفاعًا كبيرًا في صنعاء وعدن ومختلف المدن اليمنية في ظل تردٍّ معيشي يشمل النسبة الغالبة من السكان في اليمن، يجعلهم عاجزين عن شراء الأضاحي وإحياء أحد أهم الطقوس الدينية الأساسية المرتبطة بعيد الأضحى.

ويصل سعر الأضحية من الماعز والأغنام إلى أكثر من 100 ألف ريال (180 دولارًا بسعر الصرف في صنعاء؛ 560 ريالًا للدولار الواحد)، بينما يتجاوز سعره في محافظات أخرى -خصوصًا الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا- أكثر من 200 ألف ريال (سعر صرف الدولار يساوي 1210 ريالات في عدن).

يؤكد المواطن الأربعيني، محمد الضياني، لـ"خيوط"، عدمَ قدرته على شراء أضحية العيد لأطفاله بسبب ارتفاع أسعارها، بينما يشير خالد حاتم، وهو موظف في إحدى المؤسسات العامة في صنعاء، إلى تردي الوضع المعيشي مع انعدام الدخل وتوقف صرف الرواتب.

وتعاني كثير من الأسر اليمنية من فقر وعوز وعدم القدرة على تلبية احتياجات ومتطلبات العيد من أضاحٍ وملابس وحلويات، كونها عادات وتقاليد وطقوسًا اعتادوا ممارستها في مثل هذه المناسبات الدينية.

تأثرت معظم الشرائح الاجتماعية في اليمن من التعقيدات المعيشية خلال سنوات الحرب التي أدّت إلى تدهور الاقتصاد الوطني وانحدار العملة المحلية، وانعكاس ذلك في انخفاض دخل الفرد إلى أدنى مستوى، واعتماد كثير من سكان البلاد على المساعدات الإغاثية.

تبريرات أسواق المواشي

تقول أم أحمد، من سكان مدينة عدن، إنه مضى وقت طويل عليهم لم يأكلوا فيه اللحم ولم يدخل منزلهم، لعدم قدرتهم على شرائه. 

أم أحمد ممّن يعيشون مرارة الواقع المعاش، فهي أم لسبعة أطفال، أكبرهم يعاني من مرض التوحد ولم تستطِع توفير الدواء له ولا تسجيله في المراكز الخاصة بمرضى التوحد، إلى جانب رعاية أمها الكبيرة في السنّ، والتي تعاني الكثير من الأمراض ولا تستطيع الحركة. مثل هذه الأسرة وغيرها لم تعد أضاحي العيد بالنسبة لهم ذات أهمية، ولم يستطيعوا توفيرها في السنين السابقة، ولا حتى هذا العام أيضًا.

وبحسرة وانكسار، تواصل قائلة لـ"خيوط": "جيراني أعطوني ملابس مستعملة لعيالي"، فتختصر بكلمات قليلة حكايات تطول ولا تُنسى عن مرارة الوضع الصعب التي تعيشه.

أم محمد ما هي إلا نموذج للعديد من الأسر اليمنية التي تعاني من تفاقم الوضع المعيشي، والمحرومين من بهجة العيد وممارسة عاداته وطقوسه، ومنها شراء أضحية وملابس وغيرها من الاحتياجات.

لم تحرم الأسر الفقيرة من أضاحي العيد نتيجة لقلة أعداد المواشي في الأسواق أثناء الموسم، بل بسبب أسعار المواشي المرتفعة، إضافة لعدم توفر السيولة النقدية لدى غالبية الأسر الفقيرة. 

يؤكد مواطنون من سكان صنعاء عدم قدرتهم على توفير أضحية، إضافة إلى عجزهم عن شراء مختلف أنواع اللحوم كالدجاج والسمك في العيد، الأمر الذي يضاعف من حدة معاناتهم التي جعلت العيد بالنسبة لهم عبارة عن يوم عادي مليء بالحسرة بدلًا من طابع الفرح الذي يطغى على مثل هذه المناسبات

في السياق، يُرجع تجار مواشٍ في أسواق صنعاء الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، وفي مدينة عدن العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دوليًّا، سببَ ارتفاع أسعارها إلى مجموعة من العوامل؛ منها تكاليف شرائها من العاملين في تربية المواشي والثروة الحيوانية، إضافة إلى الضريبة التي يتم دفعها على كل رأس، وتبعات أزمات الوقود، وارتفاع أسعار أعلاف المواشي، وتدهور سعر صرف العملة، وأسباب أخرى متعلقة باستيراد المواشي.

يقول حسن لطف، تاجر مواشٍ في صنعاء، لـ"خيوط"، إنهم يدفعون جبايات (مبالغ مالية) في المنافذ عن كل رأس من الأغنام والأبقار التي يتم جلبها من مناطق بعيدة إلى أسواق العاصمة صنعاء، بينما السلطة التي تقوم بتحصيل هذه الجبايات قامت قبل أيام من حلول عيد الأضحى برفع أسعار الوقود، مضيفًا أنّ تجار المواشي يبذلون جهدًا كبيرًا في إيجاد وتوفير المواشي في التنقل من منطقة لأخرى.

من جانبه، يشير نبيل عبده، أحد بائعي المواشي في مدينة عدن، لـ"خيوط"، إلى أنّ هناك العديد من الأسباب التي ساعدت بشكل كبير على ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام؛ منها ارتفاع المشتقات النفطية، إضافة إلى موجة الجفاف التي ضربت الصومال والتي تعد المصدر الرئيسي للمواشي التي تستخدم أضاحي للعيد، إلى جانب تقلبات سعر صرف العملة المحلية، والذي يعد سببًا أساسيًّا لارتفاع الأسعار بشكل عام .

فرحة ناقصة

يعبّر عدد من الموظفين المدنيين في صنعاء، عن سخطهم الشديد إزاء الظروف الصعبة التي يمرون بها، منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015، والتي تتجسد بشكل أكبر في مثل هذه المناسبات العيدية، حيث دفعتهم إلى اتباع خيارات قاسية لتوفير متطلبات الحياة المعيشية، والقادرون منهم على شراء أضحية يشترونها لكن بطرق قاسية للغاية.

المواطن علي صالح ناصر، يتحدث لـ"خيوط"، أنه يتبع مع بعض الأسر جيرانِه نظامَ التشارك في شراء أضحية واحدة وتقاسمها فيما بينهم، إذ قاموا بشراء أضحية من الأبقار وصلت سعرها إلى نحو 800 ألف ريال.

ويؤكّد مواطنون من سكان صنعاء عدم قدرتهم على توفير أضحية، إضافة إلى عجزهم عن شراء مختلف أنواع اللحوم كالدجاج والسمك في العيد، الأمر الذي يضاعف من حدة معاناتهم التي جعلت العيد بالنسبة لهم عبارة عن يوم عادي مليء بالحسرة، بدلًا من طابع الفرح الذي يطغى على مثل هذه المناسبات.

هكذا حوّلت الحرب ملايين اليمنيين إلى فقراء وأغرقتهم في تفاصيل الكثير من مآسي الحياة، وفرضت عليهم اتّباع نمط معيشي مختلف لم يكونوا قد اعتادوا عليه في الفترات السابقة، وبدت أيامهم خلال أعوام الحرب نوعًا من الصراع لأجل بقاء أُسرهم على قيد الحياة.

* تحرير خيوط

•••

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English