تجاهل ترميم "الجمهورية" وانتشالها من بين الأنقاض

بعد تعرضها للتدمير والنهب
رأفت الوافي
January 20, 2021

تجاهل ترميم "الجمهورية" وانتشالها من بين الأنقاض

بعد تعرضها للتدمير والنهب
رأفت الوافي
January 20, 2021
الصورة ل : محمد الكمالي

تسببت الحرب الدائرة في اليمن منذ أواخر مارس/ آذار 2015، في توقف وسائل الإعلام الرسمية والأهلية، لا سيما الصحف والمجلات الورقية، فيما تعرض بعضها للتدمير والنهب، في ظل تضييقٍ مارسته مختلف الأطراف على العمل الصحفي في البلاد بشكل عام.

كانت مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة والنشر من بين المؤسسات والوسائل الصحفية التي تضررت بسبب الحرب، إذ توقفت صحيفة الجمهورية بعد أكثر من نصف قرن من الإصدار، فيما تعرضت المؤسسة للنهب والتدمير والسطو، حيث كانت تمتلك منظومة من أحدث وأكبر المطابع والآلات في الشرق الأوسط، لكنها اليوم أصبحت مجرد مبنى متهالك وأطلال شاهدة على تاريخها العريق في الصحافة اليمنية، وعلى ما لحق بها من دمار.

مدير مكتب الإعلام بمحافظة تعز- جنوب غربي اليمن- نجيب قحطان، يأسف في حديثه لـ"خيوط"، لتجاهل "جميع الأطراف المعنية" إعادةَ ترميم مبنى مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة والنشر وتأهيلها ودعمها ، بما يليق بعودة ممارسة أهم مؤسسة صحفية في محافظة تعز لدورها.

محتويات منهوبة

بعد أن شكل محافظ تعز السابق أمين محمود خلال العام 2018، لجنة تتسلم المؤسسات الحكومية التي كانت تخضع لسيطرة القوات العسكرية والأمنية التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا، كانت مؤسسة الجمهورية للطباعة والنشر من ضمن الجهات التي تم تسليمها، لكنها سُلّمت منهوبة المحتويات وأرشيفها المالي والإداري تعرض للتلف، بالإضافة إلى تدمير آلاتها.

ست سنوات من الحرب الدائرة في اليمن، كان للصحافة نصيب من تبعاتها وأضرارها، في ظل ما طال الصحفيين خلالها من انتهاكات تنوعت بين القتل والاعتقال والتوقيف والتشرد والبطالة، فيما تعرضت معظم المقرات والمؤسسات الإعلامية للنهب والتدمير والإغلاق من قبل الأطراف المتنازعة

في هذا الصدد يوضح زكريا الجرادي، مدير الشؤون المالية بمؤسسة الجمهورية لـ"خيوط"، بعد تسلمه المبنى، أنه انصدم بالوضعية التي كانت عليه غرفة الآلات، يقول: "تفاجأت بما كانت عليه آلة KPA الألمانية، التي تعد رأس مال المؤسسة وتم شراؤها على ثلاث مراحل، وكلفت المؤسسة نحو 2.5 مليون دولار".

الجرادي يؤكد أن هذه المطبعة تعتبر من أحدث الآلات في الشرق الأوسط، حيث تعرضت للتدمير بشكل كلي، بالإضافة إلى إحراق الأرشيف المالي والإداري للمؤسسة.

كانت مؤسسة الجمهورية تحتوي على مطابع وآلات كبيرة وحديثة، لكن سقوط القذائف على المبنى جعل منها هدفًا مشروعًا للسطو من قبل جماعات مسلحة، فككت تلك المعدات والأجهزة إلى قطع صغيرة ليسهل إخراجها، كما يتابع الجرادي: "لم يستطيعوا إخراجها أو تشغيلها، بسبب كبر حجمها والتشفير الذي فيها، تم تفكيك هذه الآلة إلى قطع صغيرة وسرقتها، وبيع أجهزتها، مما أدى إلى إتلافها وخروجها عن العمل".

لم تكن الحرب وحدها من تسبب بإيقاف عجلة الجمهورية بعد أكثر من نصف قرن من الدوران، بل الحكومة المعترف بها دوليًّا أيضًا التي غضت الطرف عن ترميمها وإعادة تشغيلها، كما يرى سكرتير صحيفة الجمهورية طيب رشاد في حديثه لـ"خيوط"، والذي يشدد على أن نهب وتدمير صحيفة الجمهورية يشكل خسارة كبيرة لتاريخ الصحافة في اليمن، إضافة إلى إحراق أرشيفها الذي كان يحتوي على العديد من الصحف والمجلات، التي كانت شاهدة على حقبة زمنية تاريخية تمتد منذ ستينيات القرن العشرين الماضي، حين صدور أول عدد من صحيفة الجمهورية.

يضيف، أنه تم نهب أجهزة ماكنتوش إخراج صحفي، يقدر سعر الجهاز الواحد بأربعة آلاف دولار، بالإضافة إلى مطابع تجارية والعديد من الأجهزة المكتبية.

مبنى صحيفة الجمهورية - تعز

محاولات لإعادتها إلكترونيًّا

تعتبر صحيفة الجمهورية من أوائل الصحف اليمنية الصادرة بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، إلى جانب صحيفة الثورة، كما تحظى بشعبية كبيرة من الكتاب والجمهور المتابع، وتوقفها عن العمل شكل خسارةً كبيرةً للجمهور القارئ بتعز واليمن بشكل عام، كما يعتقد الطيب، الذي يرى أن صحيفة الجمهورية كانت في فترات عديدة تعتبر الأولى جماهيريًّا على مستوى البلاد، لكنه يأسف لعملية تجاهل هذا المنبر الإعلامي من قبل السلطات المعنية في الحكومة المعترف بها دوليًّا، رغم أنه كانت هناك محاولات لإعادة إصدارها بجهود فردية، لكنها باءت بالفشل.

في يناير/ كانون الثاني 2018، كانت هناك محاولات وجهود فردية لصحفيين عاملين في الصحيفة لإعادة إصدارها إلكترونيًّا. لكن هذه الجهود واجهت العديد من الصعوبات وعراقيل كثيرة أدت إلى تعثرها بعد أكثر من شهر من العمل عليها، سيما بعد تغيير المحافظ أمين محمود، الذي كان له جهد كبير في دعمها وتشجيعها.

تنوعت الانتهاكات بين الاختطافات والاعتقالات بـ33 حالة بنسبة 29,5%، من إجمالي الانتهاكات، يلي ذلك التهديد والتحريض على الصحفيين 22 حالة بنسبة 19,6%، ثم المنع والمصادرة بنحو 13 حالة بنسبة 11,6%

ممثل وزارة الإعلام ورئيس لجنة تقييم الأضرار بصحيفة الجمهورية وضاح عبدالقادر، يقول لـ"خيوط"، إن جهود ودعم المحافظ السابق أمين محمود كانت بدأت تنعكس بشكل فعلي لإعادة صحيفة الجمهورية إلكترونيًّا، وتدشين موقع جديد على شبكة الإنترنت وفق معايير عالمية، وتم تشغيل الموقع لمدة سنة كاملة، لكنه توقف بعد شهر ونصف من العمل بعد تغيير المحافظ، في الوقت الذي شارفت فيه هذه الجهود على إصدار الصحيفة ورقيًّا.

انتهاكات جسيمة بحق الصحافة

ست سنوات من الحرب الدائرة في اليمن كان للصحافة نصيب لا بأس به من تبعاتها وأضرارها، في ظل ما طال الصحفيين خلالها من انتهاكات تنوعت بين القتل والاعتقال والتوقيف والتشرد والبطالة، فيما تعرضت معظم المقرات والمؤسسات الإعلامية للنهب والتدمير والإغلاق من قبل الأطراف المتنازعة، حيث وقعت على مسؤوليتها تدمير عديد من المؤسسات الإعلامية، توزعت بين مسموعة ومرئية ومقروءة.

يتحدث بهذا الخصوص أشرف الريفي، عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين لـ"خيوط" قائلًا، إن هناك 40 وسيلة إعلامية ومكتب لوسائل إعلام تعرضت للتدمير والاقتحام والنهب منذ بداية الحرب.

وتتصدر اليمن البلدان الأكثر انتهاكًا للحريات الصحافية منذُ الانعطافة الكبرى للحرب في مارس/ آذار 2015، ويعيش الصحفيين بين الخوف والقلق، ولربما يتعرضون للقتل والاعتقال على أيدي أطراف الصراع.

وفق تقرير صادر عن نقابة الصحفيين اليمنيين مطلع الشهر يناير/ كانون الثاني 2021، فقد تعرضت الصحافة خلال العام المنصرم 2020، لنحو 112 انتهاكًا، تقع مسؤوليتها على الحكومة المعترف بها دوليًّا وجماعة أنصار الله (الحوثيين) وأطراف أخرى.

وأفاد التقرير بأن الحكومة بتشكيلاتها وهيئاتها المختلفة ارتكبت 50 حالة انتهاك بنسبة 44,6% من إجمالي الانتهاكات، فيما ارتكبت جماعة أنصار الله (الحوثييين) 33 حالة بنسبة 29,5%، وارتكب مجهولون 13 حالة بنسبة 11,6%، والمجلس الانتقالي الجنوبي 12 حالة بنسبة 10,7%، وحالة واحدة ارتكبها فصيل في المقاومة بنسبة 0,9%..

وتنوعت الانتهاكات بين الاختطافات والاعتقالات بـ33 حالة بنسبة 29,5%، من إجمالي الانتهاكات، يلي ذلك التهديد والتحريض على الصحفيين 22 حالة بنسبة 19,6%، ثم المنع والمصادرة بنحو 13 حالة بنسبة 11,6%، والمحاكمات والتحقيقات 10 حالات بما يقارب 8,9%، ثم الإيقاف عن العمل 10 حالات بنسبة 8,9%، يلي ذلك التعذيب بحوالي 7 حالات بحوالي 6,3%، و6 حالات اعتداء بنحو 5,4%، و3 حالات قتل بنسبة 2,7%.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English