مؤسسة الدمج الاجتماعي بلحج

مجهود ذاتي ونجاح لافت
مرفت الربيعي
February 23, 2023

مؤسسة الدمج الاجتماعي بلحج

مجهود ذاتي ونجاح لافت
مرفت الربيعي
February 23, 2023

منصة خيوط

مؤسسة الدمج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة لحج (جنوب اليمن)، هي إحدى المؤسسات التي اقتصر بقاؤها بمجهود ذاتي لتضمن استمرار نشاطها، كونها تعد شريان حياة لشريحة أرادت أن تثبت للمجتمع أنّ "الإعاقة" ليست بالجسد طالما وجدت الإرادة.

لهدف منشود، وغاية إنسانية نبيلة، تمثلت بالرفع من معاناة أمهات هذه الفئة، وتأهيلهن للعناية بأبنائهن، كرست أم نوارة (أعياد باشاذي) خبرتها بفتح مؤسسة الدمج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة، وكان شعارها "نتحد لأجلهم للأخذ بأيديهم كيفما وأينما كانوا". 

تقول باشاذي- رئيسة مؤسسة الدمج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة في لحج، إنّ الهدف من المؤسسة يتمثل في تدريب وتأهيل أطفال ذوي الإعاقة، والتخفيف من معاناة الأمهات وتأهيلهن للعناية بأبنائهن، فالمعلمات هن أمهات الأطفال الذين نقوم بتأهيلهم، وذلك للنهوض بهذه الفئة ليمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، دون الاعتماد على أحد.

وتتابع باشاذي: "أنا أم لطفلة (نوارة) كانت معاقة وطريحة الفراش وبعد تأهيلها تماثلت بالشفاء وأصبحت تمارس حياتها بشكل طبيعي، وتشارك في الاحتفالات وتدرس، فأردت من ابنتي أنموذجًا يحتذى به كل طفل معاق إيمانًا منا بهذه الفئة ودورها في المجتمع  ."

معلمات دون رواتب 

عملت "أم نوارة" لمدة خمس سنوات، رئيسة لقسم التوحد في إحدى الجمعيات الأهلية، واكتسبت خبرةً كرستها بإنشاء المركز، كون المنطقة التي يعملون فيها صبر بمديرية تبن، لا توجد فيها مراكز أو مؤسسات تأهيلية لذوي الاحتياجات الخاصة، لوجود أغلبها في الحوطة عاصمة المحافظة، الأمر الذي يعيق وصول سكان هذه القرى إليها بسبب مشقة الطريق وبُعد المسافة .

تستطرد باشاذي: "سابقًا، كان لدينا مركز للتدريب والتأهيل (مركز نوارة) وواجهتنا صعوبات تمثلت بالميزانية التشغيلية، وعند مقابلة وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المعترف بها دوليًّا، اقترح علينا إلغاء المركز وإنشاء مؤسسة.

في العام 2018، تم استخراج ترخيص باسم (مؤسسة الدمج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة)، والذي أصبح فيما بعد (مركز نوارة للتأهيل)، وتم افتتاحه في نوفمبر 2022.

جاء ذلك استنادًا إلى القانون رقم (61) لسنة 1999، بشأن رعاية وتأهيل المعاقين مادة (5) والتي تنص على أنّه "تنشأ المعاهد والمؤسسات والهيئات والمراكز اللازمة لتوفير خدمات التأهيل للمعاقين بالتنسيق مع وزارة العمل والتدريب المهني، ويكون إنشاؤها بترخيص من الوزارة وفقًا للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة.

يعمل المركز حتى اللحظة بجهود ذاتية منذ التأسيس، ولم يتم اعتماد أي مخصص مالي (أجور) للمعلمات من قبل الجهات الحكومية المختصة بالرغم من التوجيهات باعتماد موازنة تشغيلية للمركز، لم ترَ النور حتى الآن، في حين دورات سبل العيش التي تنفذها المنظمات لا تستهدف هذه المؤسسة التي تحتاج إلى دورات لتأهيل المعلمات.

وعن إمكانية تأهيل المعلمات من قبل المنظمات، يقول صائب عبدالعزيز ناشر- مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في لحج، لـ"خيوط"، إنّ المكتب يسعى إلى دعم كافة منظمات المجتمع المدني في المحافظة، وتم ترشيح العديد منها لدى منظمات دولية لمساعدتها في التدريب ورفع قدراتها".

تقول بشرى- معلمة في المؤسسة؛ كانت الطفلة (روعة) لديها "إعاقة" وطريحة الفراش، وخلال شهر تم إعطاؤها التمارين الرياضية، والتدليك، وتشجيعها؛ وخلال فترة وجيزة بدأت تمارس المشي، بعد ذلك اتخذت خطوةً أخرى تمثلت بتعليمها الأكل والشرب حتى لا تحتاج لمساعدة من ذويها، وها هي الآن تستطيع الجلوس على الكرسي دون مساعدة من أحد.

ويضيف ناشر أنّ هناك خطة للمكتب تتمثل بتقديم الدعم والمساعدة لهذه المؤسسات والمراكز، ومنها مؤسسة الدمج الاجتماعي، وسوف يتم متابعة الوزارة وصندوق المعاقين لاستخراج مخصص شهري لهم، وأيضًا إيجاد الدعم من مختلف الجهات الداعمة.

أقسام المؤسسة وأنشطتها 

خلال عامٍ فقط، حققت مؤسسة الدمج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة، إنجازات كبيرة بعد أن استأنفت العمل منذ عام بكادر من الإدارات الفاعلة وأقسام تعليمية ومهنية عديدة.

  • يعمل في المؤسسة (72) عاملًا من إداريات ومعلمات ذوات كفاءات متميزة موزعات على أقسام مختلفة، وإجمالي عدد الطلاب تجاوز (125) طالبًا وطالبة من جميع الفئات العمرية (5- 35) عامًا.
  • المؤسسة مكونة من ستة أقسام، هي: "التوحد، الداون، ما قبل الأكاديمي، الأكاديمي، التخاطب، التكامل الحسي (العمود الفقري)"، ويتم استقبال الطفل في قسم تقييم ودراسة الحالة للمعالجة النفسية لتشخيص حالته وإعداد خطة فردية تأهيلية وتدريبية وعلاجية، حسب الفئة المنتسبة .
  • وفق نظام العمل في المؤسسة، يتم تخصيص معلمة لكل طفلين إلى ثلاثة أطفال كون التعليم يقتصر بالجلسات الفردية للفئات المحددة والصعبة، مثل التوحد، الداون، الشلل الدماغي، التخاطب وصعوبات النطق.
  • يحدد أربعة أطفال إلى خمسة أطفال في جلسة واحدة لكل معلمة، مثل: قابل للتعلم الأكاديمي (الأطفال من لديهم صعوبات في التعلم)، من خلال المقياس الذي تم إعداده من قبل قسم إعداد الخطط.

 حسب القائمين على المؤسسة، فإنّ الطفل يتم تهيئته للتعليم في القسم ما قبل الأكاديمي، ومن ثم للقسم الأكاديمي والذي يتضمن دراسة المواد المقررة من قبل التربية بشكل مبسط حسب القدرات العقلية والذهنية، بمنهج خاص تم طباعته بمجهود ذاتي، في حين تم مؤخرًا الاتجاه لتعليمهم العديد من العلوم الأخرى وربطهم بالطبيعة، والبيئة؛ بحيث يتم التأهيل للدمج المدرسي ليستطيع الشخص متابعة مواهبه وقدراته العلمية ليتم صقلها وتأهيله مهنيًّا، ليصبح فردًا فعّالًا وله دور في مجتمعه.

قصص نجاح 

إرادة تكللت لحظاتها بنجاحٍ عظيم، أحلام مبتورة تتخطى قطار العمر لتذهب بأمل كبير، حيث لا وجود للمستحيل. هنا، وحيث كرسن وقتهن للعمل الإنساني النبيل، قصصُ نجاح ترويها الأيام بكلِّ تفاصيلها .

"سعادة عارمة انتابت عبدالهادي، وهو يترك كرسيه المتحرك ليخطو أولى خطواته مشيًا على قدميه بعد أن أقعدته الإعاقة على كرسيه لسنوات، وما أن مشى خطوات حتى صرخ باكيًا فرحًا ليترك معلمته عند الكرسي ويدفعه بعيدًا عنه".

تقول بشرى- معلمة في المؤسسة، لـ"خيوط": "كانت الطفلة (روعة)، لديها "إعاقة" وطريحة الفراش، وخلال شهر تم إعطاؤها التمارين الرياضية، والتدليك، وتم تشجيعها؛ وخلال فترة وجيزة بدأت تمارس المشي، بعد ذلك اتخذت خطوةً أخرى تمثلت بتعليمها الأكل والشرب حتى لا تحتاج لمساعدة من ذويها، وها هي الآن تستطيع الجلوس على الكرسي دون مساعدة من أحد".

وتتابع بشرى: "في الوقت الراهن، وضعنا خطة لتعليمهم الاعتماد على النفس في (الأكل، والشرب، والجلوس) دون مساعدة من الآخرين".

من جانبها، تقول مريم، عمة لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، لـ"خيوط"، إنّ الجهود التي تبذلها المعلمات في التأهيل والتدريب، والتي تظهر جليًّا في التحسن الملحوظ الذي يطرأ على الأطفال، هي جهود عظيمة وجبّارة، مضيفةً: "لدينا طفل يعاني من صعوبة النطق، وبفضل الله وبجهود المعلمات استطاع النطق". 

 صقل مواهب

إمكانات شحيحة تقف في طريقهم، وأبواب طُرِقت فأوصِدت أمامهم دون جدوى، ولكون الإرادة قوية فهي وليدة الأمس، ولكنها لامست أملًا كان مستحيلًا لشريحة تريد أن تضع بصمتها في المجتمع .

تؤكد باشادي أنه بسبب نقص الإمكانيات هناك العديد من الأطفال الذين لم تستطع المؤسسة استيعابهم، وتم رفضهم بعد الوصول إلى الحد الأقصى مقارنةً بعدد الفصول، كما تحتاج المؤسسة إلى "سقيفة" للألعاب، للوقاية من حر الشمس، وسور للمزرعة ومنظومة كهربائية ومستلزمات طبية وكراسي متحركة.

 تضيف بالقول: "هناك الكثير من الشباب ممن لديهم مواهب بالرسم والفن المعماري، لذلك وضعنا تصورًا بافتتاح ورش في الصناعة والهندسة لتدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل ليكتسبوا مهنة تعود بالنفع عليهم وعلى أسرهم".

•••
مرفت الربيعي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English