فاجعة قصف الطيران.. تنعش الإصابة بداء السكري

صدمات وحالات ذعر يخلفها الضرب الجوي
جمال سيلان
January 27, 2022

فاجعة قصف الطيران.. تنعش الإصابة بداء السكري

صدمات وحالات ذعر يخلفها الضرب الجوي
جمال سيلان
January 27, 2022

لم يكن يخطر ببال أسرة الطفلة منار الشميري، القاطنة بجوار كلية الدفاع والطيران (غرب العاصمة صنعاء)– أن الفاجعة أو الصدمة النفسية التي تعرضت لها ابنتهم منار، إثر تعرض الحي الذي تسكنه لضرب جوي عنيف، ستصيبها بداء السكري، يقول والدها منير الذي روى القصة لـ"خيوط"، بعد مضي نحو ثلاثة أسابيع من فاجعة منار، بدأت تعاني من ضعف شديد، واصفرار بالجسم، وتم إسعافها إلى مستشفى الجمهوري بالعاصمة صنعاء، لنكتشف إصابتها بداء السكري، الذي وصل لدرجة 600، أصيبت على إثره بغيبوبة، وتم إدخالها إلى العناية المركزة.

مأساة منار الشميري ليست الوحيدة، فالكثير من اليمنيين يعانون من صدمات نفسية إثر الضرب الجوي العنيف، والذي عاد بشدة هذه الأيام، كما كان في بداية الحرب عام 2015، وبسببه ظهرت على الأشخاص الذين يقطنون الأماكن المستهدفة بالقصف أعراض مرض السكري.

حيث يؤكد جميل صالح أن أخته أم محمد (40 سنة)، والتي تقطن بمنطقة نُقُم بالعاصمة صنعاء، أصيبت بداء السكري، جراء تعرضها لـ"فجعة" (صدمة نفسية)، إثر الغارة الجوية الشهيرة، التي وقعت على المنطقة في العام 2015، وتعالت نيرانها، قبل أن تنفجر، ليسمعها معظم سكان العاصمة صنعاء.

 يقول جميل لـ"خيوط"، إنه بعد الضربة بأسابيع بدأت أخته تشعر بأعراض مرَضية، وحينما تم عرضها على طبيب أكّد إصابتها بداء السكري، مشيرًا إلى أن أخته التي تعد أمًّا لأربعة أطفال صارت تعاني مرارة مرض السكر، وتتكبد تكاليف علاجه في ظل وضعٍ اقتصادي لا يَسُرّ.

منظمة مواطنة لحقوق الإنسان وثّقت هجمات للتحالف بقيادة السعودية والإمارات منذ التصعيد الأخير في 17 يناير/ كانون الثاني 2022، أدّت إلى مقتل 124 مدنيًّا وجرح 190 آخرين، كما استهدفت مناطق مكتظة بالسكان ومنشآت خدمية حيوية.

ليالٍ مرعبة يعيشها سكان العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات يمنية أخرى على إثر تكثيف طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات غاراته الليلة منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وزادت بشكل كبير منذ مطلع يناير/ كانون الثاني 2022.

كما وثّقت "مواطنة" خلال شهر يناير/ كانون الثاني 2022، (9) هجمات جوية شنتها مقاتلات التحالف بقيادة السعودية والإمارات وألحقت أضرارًا وخسائر بحق مدنيين و/أو أعيان مدنية في خمس محافظات يمنية؛ هي: العاصمة صنعاء، وصعدة، وشبوة، والحديدة، ومأرب. راح ضحية هذه الهجمات ما لا يقل عن 110 قتلى مدنيين، بينهم 8 أطفال و3 نساء، وجرح ما لا يقل عن 93 مدنيًّا، بينهم 6 أطفال و3 نساء.

ذعر الطيران

علي الشرعبي، الصحفي المتخصص في الجانب الصحي، يؤكد أن زوجته أصيبت بمرض السكري، والسبب أنها كانت برفقة والدتها في منطقة عصر بالعاصمة صنعاء جوار معسكر التموين، وفي إحدى ليالي العام 2015 تم قصف معسكر التموين بأكثر من 12 صاروخًا، ومن شدة القصف أصيبت بذعر شديد، وبعد أسابيع بدأت تشعر بأعراض مرَضية، اضطرت بسببه بعد ثلاثة أشهر لإجراء فحص تراكمي للسكر، لتظهر نتائجها أنها أصيبت بالداء. مرجعًا ذلك لتعرضها للصدمة النفسية الناتجة عن ضرب الطيران.

وبصفته متخصصًا في الشأن الطبي، أوضح أن هناك حالات كثيرة أصيبت بداء السكري جراء حالات الذعر التي يتركها ضرب الطيران.

وتساءل الشرعبي عن عدم تشغيل صفارات الإنذار قبل الضرب، والتي تستشعر الخطر بفترة زمنية قبل وقوع القصف، حتى يتهيأ المرء ويستعد له نفسيًّا، لأنه في ظل غياب صفارات الإنذار، ينصدم الشخص بالقصف، ويصاب بالذعر، ويجد نفسه قد قفز من المكان الذي يجلس عليه.

وأبدى لومه على وزارة الصحة والأطباء بعدم قيامهم بالتوعية اللازمة لما ينبغي أن يتخذه المواطن حالما تعرضت منطقته للقصف الجوي.

إجراءات السلامة

ليالٍ مرعبة يعيشها سكان العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات يمنية أخرى على إثر تكثيف طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات غاراته الليلة منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وزادت بشكل كبير منذ مطلع يناير/ كانون الثاني 2022.

بدوره نجيب العنسي، مدير مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية بصنعاء، يقول إن المركز كان يعمل فلاشات ومنشورات توعوية عن الاحتياطات الأمنية واحتياطات السلامة حال التعرض للقصف الجوي، وذلك في بداية الحرب على اليمن حينما كان القصف مكثفًا، ونشرت هذه الفلاشات في القنوات الرسمية.

ويضيف أن "مصلحة الدفاع المدني نزلت بحملة للمدارس استمرت عامًا كاملًا، كان الهدف منها توعية الناس بإجراءات السلامة والصحة حينما يتعرضون للضرب الجوي. والمفترض إعادة هذه التوعية حاليًّا طالما والقصف الجوي قد عاد بكثافة".

وعن غياب صفارات الإنذار، قال العنسي، إنه تم تركيبهن ولم يتم ربطهن، حيث وزعت على مراكز الشرطة، ولم يتم ربطها بمنظومة شبكية متكاملة وغرفة عمليات، أو تجريبها مسبقًا، وهذا الأمر يتطلب عملًا تقنيًّا ومبالغ مالية كبيرة.

موضحًا أن صفارات الإنذار يتم استخدامها في الدول الأخرى لإنذار الناس حتى يتمكنوا من دخول الملاجئ، وفي اليمن لا توجد ملاجئ. مؤكدًا أن القوات المسلحة تستطيع رصد دخول الطائرات الأجواء اليمنية، لكن لا تستطيع تحديد وجهة هذه الطائرات، التي يمكنها الوصول لأهدافها في دقائق.  

من جانبه، يقول الدكتور/ محمد السراجي، أخصائي أمراض الباطنية بمستشفى الثورة بالعاصمة اليمنية صنعاء، إن الأشخاص الذين تكون عندهم قابلية للإصابة بداء السكري، ويفترض أن يصابوا بعد عشرين أو ثلاثين سنة بهذا الداء، حينما يتعرضون لصدمة نفسية تظهر عليهم أعراض داء السكري مباشرة، مؤكدًا أنه من خلال معالجته لأمراض السكر قابَلَ حالتين عزت إصابتهما بمرض السكري؛ للفاجعة التي تعرضوا لها بسبب ضرب الطيران، ناصحًا الأشخاص الذين يتعرضون لصدمة نفسية بسبب القصف الجوي، حينما يشعرون بعدها بخمول وبتعب لا يعرف أسبابه، عليهم مراجعة مركز صحي، وإجراء فحوصات السكر العادي، وفحص سكر الدم، وفحص السكر التراكمي.

وأكّد السراجي على أهمية إعادة تأهيل الأشخاص الذين يصابون بصدمات نفسية ومعالجتهم من آثار ما بعد الصدمة.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English