بين المحضار والفضول

أيوب وأبوبكر!
عبدالرحمن بجاش
July 1, 2022

بين المحضار والفضول

أيوب وأبوبكر!
عبدالرحمن بجاش
July 1, 2022

ليست القضية من أحسن ممن..
وليست الحكاية من أشعر ممن ..
وليس من يغني أحسن ممن..
بيت القصيد: هناك من يطرب الإنسان، وهناك من "يُضرجح" كما قال الفضول لأحدهم كرد فعل لنسيانه أمر منفعة خاصة نسي المُضرجح قضاءها.
قالت لي صديقة جزائرية: "الله أعطاكم أبوبكر".

وقالت أخرى عبر زميلنا المصور عبدالله حويس، وهي جزائرية أيضًا: "يكفيكم أنّ الآنسي يمني"، سألتها مستغربًا: "ومن أين حصلتِ على أشرطة الآنسي؟"، قالت: "من حويس الأب الذي كان له علاقة بالغناء والآنسي...".

في شارع حدة، وكنت أتمشى مع الصديق الفنان علي الأسدي، التقينا بصديق عزيز -توفّي قبل عام- كان أحد عشاق أم كلثوم، أسأل علي: "من هو الفنان الأكبر في هذه البلاد"، قال الأسدي: "محمد سعد عبدالله"
أن نضع المحضار والفضول فوق منصة في وسط سوق ونظل نصرخ من منهم أحسن من الثاني، سيجعل رواد السوق يرموننا بالبيض؛ لأنهم ربما لم يعرفوهما كشخصين! لكن عندما يسمعوا أبوبكر تتمايل رؤوسهم طربًا، ويدندنون مع أيوب "وادي الضباب ماءك غزير سكاب"، يعني أن هذا نهر وذاك نهر، ولكل نهر مساره أو مجراه ومنبعه.

يتحول الأمر المهم في هذه البلاد دائمًا إلى مناسبة "للمكارحة"، وهات يا صياح وشتائم وصراخ، وفي الأخير تكتشف أن معظم من يصرخ لا يسمع أغاني، بل ربما يحرمها! لكنه وجد نفسه على حلبة يتصارع الناس عليها حول أي ثور لا يمكن أن يكون أحسن من ثورنا!

الغناء جزء من منظومة الفنون، والفنانون وشعراء الأغنية جزء من لغة عالمية هي الأغنية التي حافظت على وحدة هذه البلاد، والأغنية وحدها هي من اجتازت الحواجز ووصلت إلى أسماع اليمنيين، ولم تستطع أي حواجز منعها أو الوقوف في وجهها.

الأغنية في الأول والأخير، قصيدةٌ مجيدة، ولحن طروب، وآلة تترجم الكلمة إلى نغمة، وعازف متمكن، وصوت يجتاح المشاعر بدون استئذان.

مغنون استطاعوا أن يصلوا ويخلدوا في أذهان المتلقين، وآخرون، كما قال الفضول، مضرجحين وقفوا وسط الطريق، فالإحساس الناتج عن الموهبة لم يسعفهم، فلم يستمروا.
وكأي شيء في الحياة، هذا جميل، وذاك أجمل، وذلك فوق الجمال، وكل يختار ما يناسب ثقافته وذوقه وإحساسه بألحان الطبيعة التي تحولت إلى نغمات تطرب الأسماع وصوت مؤدَّى يصل إلى أعماق ذائقة الإنسان.

لو سألني أيٌّ كان: "من أحسن أم كلثوم أو فيروز؟" سأقول فورًا: "أسمع للاثنتين، وأطرب لهما، ويشجيني عبدالحليم وبعض أغاني فريد، وتطرب روحي لمحمد رشدي وشادية وفايزة أحمد، وأتذوق وردة، وإن كان أنيس منصور دائمًا يتهم صوتها بأنه بلا شخصية، ويعجبني أحمد فتحي عازفًا وأطرب لأغانٍ ثلاث يؤديها بجمال لا حدود له: "الهاشمي قال، صنعانية، يا بوزيد"، ومن منا لم يتمايل لسماع الصوت الكبير المرشدي.

في شارع حدة، وكنت أتمشى مع الصديق الفنان علي الأسدي، التقينا بصديق عزيز -توفّي قبل عام- كان أحد عشاق أم كلثوم، أسأل علي: "من هو الفنان الأكبر في هذه البلاد"، قال الأسدي: "محمد سعد عبدالله".
في الفن عمومًا، لا تصلح معايير البيع والشراء في التقييم.
سألني صديق عزيز: "ما هي مناسبة اختيار أو كيف تم اختيار يوم 1 يوليو من كل عام يومًا للأغنية اليمنية؟
أقول هنا: تم ذلك بقرار من وزير ثقافة الشرعية، وأي قرار يتخذ من قبل أي طرف من أطراف الصراع يصب في مصلحة عامة، نحن معه ونروج له، وإعلان يوم في العام للأغنية مبادرةٌ جيدة في وجه الوجع، فنحن في زمن يجري فيه تحريم الغناء والموسيقى، وفي وجه القبح تكون الأغنية أجمل صفعة.

•••
عبدالرحمن بجاش

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English