هل ماتت مبادرات فتح منفذ الحوبان- تعز؟

معاناة مستمرة لسنوات ومفاوضات دون جدوى
صفية مهدي
April 2, 2020

هل ماتت مبادرات فتح منفذ الحوبان- تعز؟

معاناة مستمرة لسنوات ومفاوضات دون جدوى
صفية مهدي
April 2, 2020

   "كنا نشعر أن الطريقَ دائرةٌ غيرُ منتهية؛ كان وعراً ومزدحماً وضيقاً. عندما تأتي سيارةٌ على الخط المعاكس، نضطرّ في بعض المناطق للعودة عشرات الأمتار إلى الوراء"، تقول فاطمة العنسي -صحافية وأمٌّ لطفلين -عبرت منذ شهر ونصف، طريق الأقروض (جنوب مدينة تعز). في هذا الطريق، تتكثف معاناة يومية للآلاف من المسافرين، بسبب إغلاق طريق الحوبان- تعز (المدخل الشرقي للمدينة)، فيما لا تزال أطرافُ الحرب تتبادل الاتهامات بعرقلة جهود إعادة فتحه.

    كانت فاطمة في طريقها من صنعاء إلى تعز، برفقة طفليها، إلى جانب نساءٍ وأطفالٍ ورجلٍ كبير السن من نفس العائلة، يعاني مرضَ السكر. تقول فاطمة لـ"خيوط": "عندما وصلنا الحوبان نُقلنا إلى سيارة (دفع رباعي) كون الباص الذي كنا على متنه من صنعاء غيرَ قادرٍ على تحمل وعورة الطريق". من هناك بدأت  رحلة الطريق البديل، والتي عادة ما تستغرق ما يزيد عن خمس ساعات، لكنها وبسبب الازدحام وحوادث السير، قد تستغرق أحياناً ما يصل إلى عشر ساعات.

   وتضيف: "تعبت بسبب وعورة الطريق وساعات السفر الطويلة، وخصوصاً أنني كنت حينها بعد مرحلة ولادة، وفوق كل ذلك، كانت نقاط التفتيش تؤخرنا ويعبث أفرادها بأغراضنا أثناء تفتيشها".

الأقروض.. طريق العذاب البديل

   بعد أن يصل المسافر، القادم من صنعاء أو من أي منطقة في الشمال، إلى الحوبان، فإنه يكون قد أصبح عملياً في تعز؛ إذ لا تستغرق المسافة من هناك إلى المدينة سوى ما يصل إلى 10 دقائق. لكن، وبسبب إغلاق المنفذ الشرقي، أصبح على المسافر أن يستعد لبدء رحلة جديدة، مكلفة ومليئة بالمخاطر عبر طريق خدير- الأقروض، والذي لا تستطيع السير فيه سوى السيارات المرتفعة (سيارات الدفع الرباعي).

  أنس محمد، (30 سنةً)، يتحدث لـ"خيوط" عن المشقة التي عاناها عندما سافر أواخر العام 2019، مع زوجته وطفليه، عبر طريق "الأقروض". يصفها بأنها مشقة تفوق قدرته على الوصف، وأنه بعد أن اضطر لترك سيارته الخاصة (نوع elentra)، عاش ساعاتٍ صعبةً لا تنحصر، فقط، بتلك التي قضاها على متن سيارة "صالون" (موديل قديم) أثناء توقفها في الطريق. كانت أمامهم شاحنة نقل بضائع معطلة تسببت بانسداد الطريق الضيق. "كنت أعلم أن الرحلة تستغرق أكثر من 6 ساعات، لكن لم أكن أتخيل حجم التعب والعناء إلا عندما عشتهما مع عائلتي التي وصلت بحالة صحية متعبة، فشعرتُ بالقهر وبالظلم الواقع على المواطنين بسبب إغلاق الطريق". يضيف أنس.

مفاوضات فتح الحوبان

   نظراً للأهمية التي يشكلها، كان منفذ الحوبان خلال الأعوام الأخيرة محور مفاوضات ومبادرات استمرت لأشهر متفرقة وصلت ذروتها في سبتمبر 2019. حينها أبلغت سلطات أنصار الله (الحوثيين)، وتحديداً وزير الأشغال والطرق في حكومة صنعاء، غالب مطلق، ممثلين عن الحكومة المعترف بها دولياً بأن ما سموها "توجيهات عليا" صدرت بفتح طريق الحوبان، وفقاً لما أعلنه رئيس لجنة المفاوضات في الحكومة المعترف بها دولياً، عبد الملك شمسان.

طريق مسدود

  سادت أجواء التفاؤل بعد إعلان الطرفين استعدادهما فتح المنفذ، لكن جهود التنفيذ تعثرت من جديد، بعد اتهام السلطة المحلية بمحافظة تعز، التابعة للحكومة المعترف بها دوليا، لجماعة أنصار الله (الحوثيين) بالتنصل عن المبادرة التي أعلنوا عنها. وقالت السلطة المحلية حينها، بتعز إنها قامت بالخطوات المطلوبة من جانبها، وذلك من خلال فتح طريق عقبة منيف في حوض الأشراف.

   وفي سياق ردهم على الاتهامات بتنصلهم من المبادرة، يقول علي عبده محمد القرشي، عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله  ورئيس لجنة التفاوض لفتح المنفذ، بأن سلطات صنعاء انتظرت الرد من ممثلي الحكومة المعترف بها دولياً، لكنهم لم يتجاوبوا، وأنه على إثر ذلك، أصدرت لجنة التفاوض من جانب جماعة أنصار الله (الحوثيين) بيانين حملا رقمي 1 و2. "وصلنا معهم إلى طريق مسدود." قال القرشي لـ"خيوط".

  وكان الطرف الممثل لجماعة أنصار الله (الحوثيين) أصدر في 17 أكتوبر 2019 بياناً (رقم 2) هاجم فيه السلطة المحلية التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، والتي قال إن ردها على ما وصفه بـ"المبادرة الإنسانية" "انحصر في التقاط الصور في زيارتها إلى شرق وغرب المدينة"، دون تنسيق أو ترتيب معهم، بل ودون اختصاص أو صفة في ذلك، حد تعبير البيان.

وأوضح القرشي أن المبادرة "تتضمن إزالة الحواجز ومعوقات مرور المواطنين وحمايتهم وتشكيل لجان إشرافية ورقابية لضمان استمرار العبور الآمن من والى المدينة".

  وتواصلت "خيوط" مع عبد الكريم شيبان، رئيس لجنة التفاوض والتهدئة من جانب الحكومة المعترف بها دولياً، بشأن ما تردد مؤخراً عن إحياء جهود فتح المنفذ، غير أن شيبان رد بالقول أنه "لا جديد حول فتح الطريق، وكل ما في الأمر أن الحوثيين لم يوافقوا على فتحه".

ومنذ الشهور الأولى للحرب الدائرة في اليمن، تم إغلاق المنافذ الثلاثة لمدينة تعز. وفيما تم فتح منفذ "الدحّي" على إثر اشتباكات عنيفة بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) والقوات التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، لا يزال منفذ الحوبان (شرق) ومنفذ شارع الستين (شمال غرب) مغلقان. لقد آلت جميع المبادرات لفتحهما إلى الفشل.

_________________
الصورة لـ: أحمد الباشا

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English