يتيمة الأبوين بـ"ساق" يتيمة

الحرب تضاعف أحزان الطفلة فرح
زكريا الكمالي
March 17, 2020

يتيمة الأبوين بـ"ساق" يتيمة

الحرب تضاعف أحزان الطفلة فرح
زكريا الكمالي
March 17, 2020

وزّعت الحرب غصصها على كافة شرائح المجتمع اليمني بدون استثناء، لكن الأطفال هم أكثر من سيحملون ندوبها لعقود قادمة، وسيروون للأجيال كيف سُحقت زهرة أعمارهم في نزاعٍ دامٍ ما زالت وتيرته تتصاعد منذ أكثر من 5 سنوات.

وكما حصدت أرواح مئات الأطفال، ضاعفت الحرب من أحزان الآلاف منهم، وجعلتهم يصارعون ماتبقى من سنوات أعمارهم، بأعضاء دخيلة على أجسادهم، كما هو حال الطفلة فرح أمين ماجد، المنحدرة من مديرية "صبر الموادم" في محافظة تعز.

فقدت "فرح" (15 سنة)، ساقها اليمني جراء قذيفة صاروخية سقطت على منزلها في بلدة "الصياحي" التابعة لصبر الموادم- محافظة تعز. ومنذ أبريل 2017، أصبحت الطفلة اليتيمة بشكل مبكر، تشق مصاعب الحياة بساق يتيم أيضاً؛ والداها توفيا في حادث انقلاب سيارة، وساقها بترته شظية قذيفة قبل سنتين.

وكغيرهامن آلاف الأطفال اليمنيين الذين يدفعون فاتورة باهظة لنزاع لا أفق لنهايته، تحولت حياة الطفلة "فرح" إلى مسلسل من الغصص والمواجع.

تضطر "فرح" لقطع مسافة تقارب 600 متر، من أجل الوصول إلى مدرستها في قرية "الصياحي" بجبل صبر، ونظرا لوعورة الطريق وطول المسافة، تسبب لها ساقها الصناعي الكثير من المتاعب والآلام.

ظلت الطفلة اليتيمة حبيسة منزل عمها لعدة أشهر تتجرع المعاناة بمفردها، لكن الحرمان من التعليم لعام دراسي ونصف، كان أكثر ما يؤرقها، ويضاعف من أحزانها الممتدة لسنوات طويلة منذ فقدان والديها.

تقول فرح لـ"خيوط": "الحرمان من الدراسة زاد من أحزاني.. كانت الدمعة لاتفارقني طيلة عام ونصف".

وتضيف الطفلة التي تعشق مدرستها: "بمساعدة جمعيات خيرية، حصلت على ساق صناعي وهأنذا أعود إلى المدرسة".

استعادت"فرح" جزءاً من ابتسامتها المفقودة بعد عودتها إلى فصول الدراسة ومشاهدةزميلات الصفوف الأولى، مطلع العام (2019/ 2020)، لكن الساق الصناعي لم يترك لفرحتها أن تكتمل، ويخذلها في بعض الأيام.

تضطر "فرح" لقطع مسافة تقارب 600 متر، في طريق متعرجة عبر تلال ووديان، من أجل الوصول إلى مدرستها الريفية في قرية "الصياحي" بجبل صبر. ونظرا لوعورة الطريق وطول المسافة، تسبب لها ساقها الصناعي الكثير من المتاعب والآلام.

تلقت "فرح" وعوداً من منظمات بنقلها للعلاج والدراسة خارج اليمن، لكنها تشعر بالحسرة لعدم وجود أقارب لها بإمكانهم متابعة ترتيبات السفر

وعلى الرغم من مواجعها، إلا أن "فرح" ترفض التخلي عن تعليمها، وتقول: "يكفي أنني حُرمت من التعليم لعام كامل.. لم يعد لدّي في هذه الحياة غير الدراسة".

ولا زالت المخاطر تحدق بحياة الطفلة "فرح"، فمدرستها التي تقصدها صباح كل يوم بعد مشوار شاق، ليست في منأى عن سقوط قذائف جديدة، وذلك لوقوعها في مناطق تماس بين طرفي النزاع.

تلقت"فرح" وعودا من منظمات بنقلها للعلاج والدراسة خارج اليمن، لكنها تشعر بالحسرة لعدم وجود أقارب لها بإمكانهم متابعة ترتيبات السفر مع بعض الجهات الإنسانية التي كانت قد قدمت لها العروض.

لاتوجد إحصائيات شاملة لعدد اليمنيين الذين فقدوا أطرافهم منذ بداية الحرب، وتفيد تقارير أممية، بأن الأرقام تجاوزت الـ20 ألف نسمة، وأن هذه الإصابات باتت شائعةبصفة متزايدة خلال النزاع.

وكما هو الحال مع "فرح"، يعجز الآلاف ممن فقدوا سيقانهم، شراء أطراف صناعية نظراً لكلفتها الباهظة، وهو ما جعل منظمات دولية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تقوم بتلبية احتياجات المعاقين، من خلال 4 مراكز في صنعاء وعدن والمكلا وتعز.

خلال عام واحد من الحرب فقط، أنتجت مراكز اللجنة الدولية للصليب الأحمر، نحو 400 طرف صناعيّ، وما يقارب 5977 من أجهزة تقويم العظام، لكن المؤسف، وفقا لبيان اللجنة الدولية، أن نحو 40 بالمائة من الضحايا في مراكزها هم من الأطفال.

وبالنظر إلى تلك الإحصائيات المخيفة خلال عام واحد، فمن المتوقع أن تكون الحرب قد حصدت أطراف آلاف من الأطفال، مع توسع خطوط المواجهة في محافظات يمنية مختلفة، وتطور الأسلحة والألغام التي تصطاد براءة الطفولة أكثر من أي شيء آخر.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English