جبل حبشي

صورة حية لمقاومة الحرب بالتنمية
المعتصم الجلال
March 10, 2020

جبل حبشي

صورة حية لمقاومة الحرب بالتنمية
المعتصم الجلال
March 10, 2020
|

في مقابل الحرب المستعرة في تعز، تشكل نموذج مقاوم لها في مجال آخر غير حمل السلاح والمواجهة العسكرية. ففي أكثر المناطق ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة، أخذ المواطنون على عاتقهم تنمية مجتمعاتهم في مختلف المجالات.

صور مختلفة تتجلى أمامك وأنت تزور مديرية جبل حبشي في ريف محافظة تعز؛ مشاهد تبدو للناظر بديعة وهي تزين المنطقة بحلة لم تكن مألوفة من قبل.

الطرقات شريان الحياة

من أكثر المشاريع التنموية انتشارًا في مديرية جبل حبشي، رصف وإعادة تأهيل الطرق المتهالكة حيث يتسابق سكان العُزَل فيما بينهم في إصلاح الطرقات الممتدة لمسافات طويلة. ولأن الحرب أوقفت الميزانية التشغيلية للمديرية، فقد أخذ المواطنون على عاتقهم مسؤولية النهوض بمجتمعهم الريفي؛ إيمانًا منهم بأن اليد الباذلة في المصلحة العامة تؤتي ثمارها على المدى القريب، وتنهي مشقة سنوات طويلة من الحرمان.

جهود مجتمعية وأخرى ساهم بها الصندوق الاجتماعي للتنمية، كانت حصيلة حراك تنموي شامل طيلة سنوات الحرب.

أرقام تحكي الإنجاز

أوردت السلطة المحلية في مديرية جبل حبشي أرقامًا كبيرة فيما يخص رصف الطرقات الذي قامت به المبادرات الاجتماعية والصندوق الاجتماعي للتنمية: "في مجال رصف الطرقات، تم رصف طرق 64قرية من أصل 11 عزلة من قرى ومحلات المديرية بإسهامات المجتمع المحلي والصندوق الاجتماعي للتنمية والسلطة المحلية بالمديرية، والتي بلغت إجمالًا ما يقارب 10 كم2،بالإضافة إلى تنفيذ العشرات من مشاريع رصف الطرق كمبادرات ذاتية على نفقة المجتمع.

وتنوعت المبادرات المجتمعية في رصف الطرقات من حيث أصغر وأوسط وأكبر رصف للطرق. ففي عزلة المراتبة وتحديدًا قرية عصوان نُفذ أصغر رصف لأجزاء من طريق عقبة الكرو بطول 100 متر وعرض 3أمتار، والذي بلغت تكاليفه إجمالًا 2788000 ريال توزعت ما بين 2288000 ريال كمساهمة وتبرعات من المجتمع والأهالي من سكان العزلة، و500000 ريال كمساهمة من الصندوق الاجتماعي للتنمية بالشراكة مع السلطة المحلية بالمديرية، واستغرق تنفيذه40 يومًا ويستفيد منها 1600 نسمة. بينما ساهمت المبادرات المجتمعية في رصف أجزاء من طريق الحبيل التابعة لعزلة بني بكاري بطول 150 مترًا وعرض 3 أمتار، والذي بلغت تكاليفه إجمالًا 4330350 ريالًا توزعت ما بين 3500000 ريال كمساهمة وتبرعات من المجتمع والأهالي من سكان العزلة، و830350 ريالًا كمساهمة من الصندوق الاجتماعي للتنمية بالشراكة مع السلطة المحلية بالمديرية، واستغرق تنفيذه 45 يومًا ويستفيد منها 10000 نسمة. فيما توزعت أكبر المبادرات المجتمعية في رصف الطرق في العديد من المناطق، كان أحدها رصف أجزاء واسعة من طريق عقبة بير الحود بمناقل التابعة لعزلةبني بكاري بطول 300 متر وعرض 4 أمتار، والذي بلغت تكاليفه إجمالًا  9800600 ريال توزعت ما بين 8100250 ريالًا كمساهمةوتبرعات من المجتمع والأهالي من سكان العزلة، و1700350 ريالًا كمساهمة من الصندوق الاجتماعي للتنمية بالشراكة مع السلطة المحلية بالمديرية، واستغرق تنفيذه 60 يومًا ويستفيدمنها 7857 نسمة. بالإضافة إلى الآلاف من أهالي المديريات المجاورة كونها تعد شريانًا حيويًّا مهمًّا يربط المحافظة ببعض مديرياتها بعد قطع الخطوط الرئيسية أثناء الحرب والحصار المفروض على المدينة".

التعاون يخلق بيئة مواتية للعمل

عامل تكسير أحجار في مشروح طريق جبل حبشي - تصوير أحمد باشا.

  في خضم معركة كسر الجمود في التنمية، اتخذ السكان المحليون في جبل حبشي طريقة فريدة من نوعها في إدارة نشاطاتهم من خلال إقامة انتخابات لرؤساء لمجالس القرى، إضافة لأعضاء يشرفون على مجمل النشاطات التنموية والاجتماعية، ومتابعة المنظمات المحلية والخارجيةالممولة للمشاريع. هذه الخطوة مثلت نقلة نوعية في طريق إرساء عمل مؤسسي صحيح، والقضاء على العشوائية التي دومًا ما تعتري الأعمال والمبادرات في مناطق مختلفة.

وعلى الرغم من تشجيع ودعم وقد كان الصندوق الاجتماعي للتنمية مشجعًا وداعمًا لهذه الظاهرة الديمقراطية التي أصبحت واقعًا معاشًا في ظل قيامها بأعمال عادت بالنفع على المجتمع.

يقول هائل الجلال وهو رئيس مجلس تعاون قرية وادي البير في جبل حبشي، إن المديرية "حققت نجاحات ملموسة، خاصة فيما يتعلق بتنمية الطرقات والمدارس، وهذه الجهود في أغلبها قام بها المجتمع من فلاحين ومغتربين وتجار، إضافة لدعم بعض المنظمات وبإشراف من المجلس المحلي. ولقد كان للجهود التي تبذلها مجالس القرى أثر في إنماء هذا العمل، كماأنها تسعى لخلق بيئة مجتمعية تحتكم لمؤسسات من طينتها."

  لم يقتصر إنجاز سكان جبل حبشي في مواجهة الحرب على ما ذكر آنفًا، حيث تنتشر العديد من المبادرات الخدمية والاجتماعية والثقافية في مختلف العُزَل، وهدفها تعزيز الوعي الجمعي بضرورة الالتزام بمحددات ومعايير في كل أعمالهم وسلوكهم حتى يواكبوا التطور الكبير في المجتمعات الأخرى، وما حققته من طفرة في مجال الوعي الاجتماعي.

 يبقى لكل مجتمع ريفي خصوصيته، لكن استشهادنا بمايدور في جبل حبشي يبعث على السعادة؛ إذ يجب على الريف أن يتحول إلى النمط المتحضر وفق موجهات تقوم بالدرجة الرئيسية على المصلحة العامة، وإذابة مشاريع الفرقة التي تولدها الحروب التي تدفع المجتمع للتخلي عن ممارسة دوره في استثمار طاقاته بعيدًاعن التبعية والأهواء الذاتية.

مديرية جبل حبشي دُرة مديريات ريف تعز، وإحدى تجليات الفعل التعزي الأصيل والمقاوم في سبيل الحياة، حيث غدت نموذجًا يُشار إليه بالبنان بفعل تكاتف أبنائها، في مشهد يبعث على الأمل أن القادم سيكون أكثر إشراقًا طالما أن اليد تبني، والعين تسهر، والنفس تجود.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English