تعز تكابد العطش

الحصار والهدر يرفع العجز إلى 145%
المعتصم الجلال
March 22, 2021

تعز تكابد العطش

الحصار والهدر يرفع العجز إلى 145%
المعتصم الجلال
March 22, 2021
Photo by: Hamza Mustafa

تعاني تعز جنوبي غربي اليمن من أزمة مياه خانقة منذ سنوات طويلة ضاعفتها الحرب، وما تتعرض له المدينة من حصار وهدر كميات كبيرة من المياه، مع انتشار الحفر العشوائي للآبار.

 تعز وهي واحدة من أكثر المحافظات اليمنية المهددة بالجفاف واتساع فجوة البحث عن مياه صالحة للشرب، هذا الأمر تفاقم خلال السنوات الأخيرة ووصل إلى مستويات قياسية لم يعد للمواطن القدرة على تخزين ما يكفيه لشهرٍ واحد، سواء في خزان المنزل الأرضي أو السطح؛ ندرة المياه هذه تتزايد حدتها في المواسم غير الماطرة وتتصدر المشهد العام كأبرز الأزمات التي تتهدد سكان المدينة.

ومع شحة المياه في المدينة وانعدام وصول المشروع الحكومي لأغلب الأحياء، لجأ السكان بشكلٍ رسمي إلى الاعتماد على صهاريج المياه (الوايتات) والتي باتت غالية الثمن، إذ يصل سعر صهريج الماء سعة 6 ألف لتر إلى 14 ألف ريال، دون الاعتماد على تسعيرة الجهات المختصة والتي يؤكد العاملين على الصهاريج أنها بعيدة عن الواقع ولا تفي بالتزاماتهم، وقد مضى على إقرارها عامان دون تغيير يواكب المعطيات الجديدة التي تمر بها المحافظة.

خدمة معلقة 

تمتلك تعز حوضًا مائيًّا يضخ قرابة 2500 مترًا مكعبًا في اليوم والذي يغذي المدينة عبر المؤسسة العامة للمياه، هذا الحوض توقف عن الضخ لآبار المدينة منذُ فبراير/ شباط 2019، وتتهم السلطات في تعز التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا جماعة أنصار الله (الحوثيين) التي تسيطر على الأجزاء الشرقية من المدينة حيث مكان الحوض، بتعمد إيقاف الضخ من ذلك الحين، ما فاقم من معاناة السكان في هذا القطاع الحيوي الذي تحتاج تعز كحاجةٍ كافية منه إلى 35 ألف لتر مكعب في اليوم الواحد بعجزٍ يقدرُ بـ145% مع تزايد تراجع ينابيع المياه، والتي كانت تضخ قبل ستة أعوام بحوالي 17 ألف لتر مكعب في اليوم، وفق تقديرات المؤسسة العامة للمياه. 

تعتمد المؤسسة العامة للمياه على دعم منظمة اليونسيف في تشغيل مولدات ضخ المياه إلى أحياء المدينة والتي تزودها بنحو 150 ألف لتر من مادة الديزل، مع الافتقار لأي نفقة تشغيلية من السلطة المحلية أو إيرادات للمؤسسة.

يقوم بعض المزارعين في مناطق بريف تعز وبعض المستثمرين في المدينة بالحفر العشوائي أو "الارتواز"، والتي تتسبب بهدر المياه الجوفية، ورفع نسبة العجز في المياه، وتقلل من فرص ديمومة الآبار الصالحة للشرب

يقول حسن المجاهد - مدير مؤسسة المياه بتعز، لـ"خيوط": "توجد في المدينة 18 بئرًا عاملة ولا تغطي سوى 15% من الاحتياج العام"، مؤكدًا أن المؤسسة تنفذ بتمويل من الجمعية الكويتية مشروعًا في هذا الخصوص يتضمن حفر ستة آبار جديدة ستسهم في تغطية نسبة من العجز في بعض مناطق المدينة. كما أن هناك دراسة يتم تنفيذها بمعية جامعة تعز لحفر عشرة آبار في منطقة الضباب وربطها بأنبوب الضخ إلى مستودعات المناخ في المدينة إلى جانب الآبار القديمة في ذات المنطقة".

يضيف المجاهد: "الأزمة حاليًّا مستمرة، بسبب انقطاع الديزل لمدة 25 يومًا، ونحن لا نغطي إلا أجزاء بسيطة من مديريتي المظفر والقاهرة، أما صالة وبسبب ارتفاعها، فلا نستطيع الضخ إليها".

لا تكفي آبار وادي الضباب والدمينة والآبار المالحة في المدينة، لتغطية احتياجات مديريات المركز الثلاث (القاهرة، المظفر، صالة)، إذ يسعى بعض مالكي صهاريج الماء للحصول عليه من المناطق الريفية القريبة، وهناك يواجهون صعوبات إضافية، تتعلق بوعورة الطريق التي تكلف وقودًا مضاعفًا للمركبة، يتحملها المستهلك، وأخرى تتعلق برفض سكان القرى تعبئة الصهاريج القادمة من المدينة؛ مرجعين أسباب رفضهم إلى محدودية الماء لديهم، والسماح بخروجه يعني استنزاف حاجتهم منه.

خزانات السبيل ملاذ السكان

تسعى بعض المنظمات المحلية بالشراكة مع متعهدين دوليين إلى إقامة خزانات ماء سبيل تتوزع في أحياء المدينة، بغرض تغطية نقص السكان من الماء وتخفيفًا عليهم من الأسعار الباهظة التي باتت بعيدة عن متناول الأسر الفقيرة في ظل أزمة الحرب المستعرة في البلاد منذُ ست سنوات، والتي أتت على مختلف مناحي الحياة، إضافة إلى الحصار الذي تتعرض له المدينة.

يشير فؤاد سيف، رئيس مبادرة روّاد الإنسانية، إلى أنه استطاع تأمين خزان بسعة ثلاثة آلاف لتر، يتم تعبئته بشكل شبه يومي من إحدى المنظمات المحلية في منطقة أسفل بير باشا غرب المدينة، ويغطي بعضًا من احتياجات المربع الذي يتواجد فيه بمقدار أربعين لتر لكل أسرة في اليوم الواحد.

ويصف فؤاد سيف لـ"خيوط"، حالة المستفيدين من خزانات السبيل: "يتهافت سكان الحي فور سماع مولد الصهريج بتدافع؛ بغرض الحصول على الماء من الدفعة الأولى وتأمين حاجة اليوم؛ هذا الأمر يتطلب البحث على ممول آخر حتى نستطيع توزيع الكميات ولو بحدودها الدنيا".

الحفر العشوائي 

بعيدًا عن الرقابة، يقوم بعض المزارعين في مناطق بريف تعز وبعض المستثمرين في المدينة بالحفر العشوائي أو الارتواز، والتي تتسبب بهدر المياه الجوفية ورفع نسبة العجز في المياه وتقلل من فرص ديمومة الآبار الصالحة للشرب، حيث يزداد توسعها دون وقفة جادة من الجهات المعنية.

أخذت نبتة القات النصيب الأوفر من المياه، وتتسبب باتجاه الإقدام على الحفر العشوائي الذي بات ينتشر في أغلب مناطق تعز التي تزرع نبتة القات، وفي المحصلة تأتي بالسلب على مخزون المحافظة الجوفي، وجعلها على حافة عطش السكان فضلًا عن مزروعات الخضروات والفواكة.

وتحظى مديرية ماوية شرقي المحافظة بالنصيب الأكبر من حيث الحفر العشوائي واستقدام آلات الارتواز، ويشكو السكان من تعطل الكثير من الآبار الرئيسية ذات العمق القصير؛ نتيجة للحفر الجائر، من 500 إلى 700 متر هو العمق الذي بات يوفر المياه لمزارع القات هناك، إذ لم يعد بالإمكان إيجاد بئر على عمق 20 مترًا أو أقل بالطريقة التقليدية، فقد أخذت الطرق الحديثة معظم ما في باطن الأرض من مياه.



إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English