تفاؤل وحذر تجاه حوسبة اختبارات المدارس

طلبة يتمنون ألّا يُظلموا وآباء اعتبروها مجازفة
خيوط
August 21, 2020

تفاؤل وحذر تجاه حوسبة اختبارات المدارس

طلبة يتمنون ألّا يُظلموا وآباء اعتبروها مجازفة
خيوط
August 21, 2020

بخلاف المعتاد، دشنت وزارة التربية والتعليم في الحكومة التابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين)، في 15 أغسطس/ آب 2020، الاختبارات الوزارية للمرحلتين الأساسية والثانوية، بنماذج امتحانات متعددة.

تعتمد هذه النماذج نظام الحوسبة والتصحيح الإلكتروني لأول مرة، إضافة إلى دمج اسم وصورة ورقم جلوس الطالب في ورقة الاختبار.

وإذ اعتبر كثير من المعلمين والطلبة، هذه الفكرة "ممتازة من الناحيتين الموضوعية والمهنية"، إلا أنها لم تكن كافية من حيث إجراءات منع الغش، التي تهدف إليه كل هذه العمليات الفنية. ذلك أن منع الغش في الاختبارات، بحسب الأستاذ عبدالسلام مقبل، يعتمد في الأساس على الوازع القيمي والأخلاقي للقائمين على عملية الاختبارات، بَدءًا بالمعلِّمين الذين يتولون مهام مراقبة سير الاختبارات داخل القاعات، وانتهاءً بمدراء المراكز الامتحانية.

ويضيف مقبل في حديث لـ"خيوط"، أن "الغش لا ينحصر على استراق أو تبادل الإجابات بين الطلبة داخل قاعة الامتحان، بل يمتد إلى تلقينهم الإجابات، وأحيانًا كتابتها في دفاترهم". ويشير مقبل في هذا السياق، إلى أن هناك معلمين، في الأعوام الماضية، قاموا بذلك، خاصة في الأرياف.

وفي حين لا يقتصر الغش في الاختبارات على الأرياف، إلا أنه أكثر شيوعًا، ما أدّى خلال الأعوام الماضية، إلى هضم آلاف الطلبة المتفوقين والمجتهدين، وحصول آلاف آخرين على معدلات نجاح متفوقة على الرغم من إهمالهم في التحصيل العلمي.

توفِّر طريقة الاختبارات الجديدة الوقت والجهد للطلبة والمعلمين على حد سواء، ومن شأنها أن تسهل عملية التصحيح، لكن عيوبها الفنية واضحة؛ فطريقة الإجابات المغلقة المبنية على الاختيار من متعدد، من الناحية الفنية؛ لا تمنح الطالب فرصة لمراجعة إجابته، كون أي استعجال برسم أية إشارة اختيارية، تتثبت على الورقة بصورة نهائية (إجابة نهائية)، ولا تقبل الاستدراك والمراجعة.

بالنسبة للمصحِّحين، الطريقة الإلكترونية هي الأفضل؛ حيث كان المعلمون المرشحون لتصحيح دفاتر الاختبارات، يبذلون جهودًا شاقّة في قراءة الإجابات وتفحُّصها، لا سيما إجابات الطلبة ذوي المستوى المتدني في الخط والتعبير. لكن هذه المرة، ستكون الإجابة بالإشارة فقط.

الأستاذة زهراء أحمد، وهي مدرِّسة لغة عربية في المرحلة الثانوية، تصف في حديثها لـ"خيوط"، طريقةَ التصحيح القديمة في اختبارات الثانوية العامة التي عملت فيها أكثر من مرة؛ "كنا نواجه صعوبة في قراءة خط الطلاب؛ بسبب تدنّي مستويات الكثير منهم في الكتابة؛ حيث الخط ضعيف والإملاء أيضًا، وكان هذا يؤخرنا كثيرًا، لكن أعتقد هذه السنة ستكون العملية أسهل".

بعض الطلاب اعتبر هذه الطريقة "أنسب وأفضل"؛ لأنها تعتمد على التركيز والنباهة، وليست جيدة بالنسبة للطلاب البارعين في الحفظ فقط. تقول الأستاذة سميحة سالم: "هذه طريقة حديثة، ولها إيجابيات كثيرة، لكن مطلوب من طلابنا وطالباتنا التركيز والتروِّي. نحن نبذل جهدًا لإرشاد الطلبة في عدم التسرع، وحتى الآن، تسير العملية بشكل مُرْضٍ للطلبة، والعبرة بالنتائج".

حتى الآن لا يزال العديد من الطلبة يعتبرون هذه الطريقة نموذجية ومناسبة؛ لكن هل يمكن الوثوق بهذه المعنويات العالية لدى طلبة لم يختبروا أنفسهم بعد على مثل هكذا طريقة امتحانية؟

وبحسب إحدى المعلمات المشاركات في مراقبة الاختبارات بمدرسة سالم الصباح للبنات في صنعاء، فإن هناك طلابًا لا يزالون غير مدركين لأهمية الحفاظ على ورقة الإجابة. وتضيف: "بعضهم يرتبِكُون أثناء الاختبار، بسبب التسرع والتهور في تثبيت إجابة محددة، ثم يتشككون بعد ذلك ويقومون بشطب الاختيار السابق واعتماد اختيار بديل، أو يعبثون بالورقة بسبب قلة التركيز أو السرحان أو الحيرة الطويلة، ثم يقعون في أخطاء جسيمة".

حتى الآن لا يزال العديد من الطلبة يعتبرون هذه الطريقة نموذجية ومناسبة؛ لكن هل يمكن الوثوق بهذه المعنويات العالية لدى طلبةٍ لم يختبروا أنفسهم بعد على مثل هكذا طريقة امتحانية؟ إذ إن الاختيارات دقيقة جدًّا ومتشابهة، لكن بالنسبة للطلاب الأذكياء الذين يقرؤون الأسئلة بتركيز وتأنٍ، فقد تكون العملية بسيطة.

بشرى محمد عبدالله، طالبة ثانوية عامة، قالت لـ"خيوط": "كل المواد سهلة والاختبار أسهل من الماء"، لكن زميلتها أفنان محمد، ليس لديها ذات اليقين؛ "نجيب على أسئلة الاختبار، وعلى الله. نتمنى ألاّ يظلمونا، نحن واثقات من أنفسنا، لكن الله أعلم، من يدري!"، تقول أفنان.

هناك تفاؤل بنجاح طريقة الاختبارات هذا العام، وَفقًا لهذا النهج الجديد، خاصة فيما يتعلق بالطلبة المتفوقين والمجتهدين. لكن تبقى المخاوف قائمة، لا سيما لدى بعض أولياء الأمور الذين يرون أن في هذه الطريقة المحوسبة للاختبارات والتصحيح الإلكتروني، "مجازفة"، كما يرى وليد محمد.

ويُضِيف وليد أنه كان يفترض أن تُخضَع طريقة حوسبة الاختبارات هذه للتجربة، "على الأقل لمدة عام دراسي؛ لكي يتمكن الطلبة من الاعتياد عليها". وتابع: "أن يكون الطلبة طوال 12 سنة دراسية، يخوضون الاختبارات بطرق أخرى وبالأسئلة المفتوحة، ثم فجأة يجدون أنفسهم أمام أسلوب امتحانيّ جديد لأول مرة، فهذه مجازفة غير مسؤولة".

وكانت تعليمات وزارة التربية والتعليم، في الحكومة التابعة لسلطة صنعاء، خصصت يومًا واحدًا لكلٍّ من طلبة الشهادتين الأساسية والثانوية، للتدرب على طريقة الاختبارات المحوسبة، قبل بَدْء الاختبارات رسميًّا. وقبل ذلك، أقامت دورة تدريبية لمدراء الاختبارات في المحافظات والمديريات التابعة لسلطاتها، على هذه الطريقة الجديدة في الاختبارات.

ومنذ العام الدراسي 2015/2016، كثُرت تظلمات الطلبة وأولياء أمورهم، بشأن هَضْمِ درجاتِ طلبةٍ متفوِّقين، وحصولِ آخرينَ غير مجتهدين على معدلات نجاح متفوقة؛ وذلك بسبب تفشي ظاهرة الغش في الاختبارات، بصورة متصاعدة.


•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English