الأجسام المتفجرة

الموت المرميّ على القارعات

منذ بداية الحرب في اليمن، التي اندلعت في العام 2015 والمستمرّة إلى اليوم، لا تزال الألغام والأجسام المتفجِّرة والشراك الخداعية، من أكثر المخاطر التي تتهدّد المدنيّين على المدى البعيد، إذ تشكّل حربًا موازية لا تقل ضراوة عن الأخرى القائمة بقنابلها وقذائفها وطائراتها.

وفي لحظات السلام التي فرضتها الهُدنة المنتهية في البلاد، خلال العام الجاري، أفصح هذا النوع المتروك والسائب من السلاح عن بشاعته بحقّ المدنيّين والمدنيّات، وخاصة في محافظة الحُديدة، التي شهدت حالةً من التَّماس الحربي العنيف، ومِن ثَمّ انسحابًا عسكريًّا مفاجئًا. المدنيّون، الذين قُدّر لهم أن يعودوا إلى مصالحهم في المناطق التي كانت مغلقة عليهم، دفعوا ثمنًا باهظًا من دمائهم ودماء أبنائهم ونسائهم، إمّا بسبب الألغام التي زرعت معظمها جماعةُ أنصارالله (الحوثيين) أو بقايا الأسلحة، التي تبدو المسؤولية فيها مشتركة مع الطرف الآخر.

إنّ خطورة هذا السلاح، هو في كونه يأخذ أشكالًا متعددة، وبعضها جذّاب لا يمكن التعرُّف عليه، إذ إنّ القنابل العنقودية التي ألقاها التحالف بقيادة السعودية والإمارات في بعض المناطق، شكّلت خطرًا جسيمًا حتى بعد إلقائها على أهدافها بفترة طويلة، وانفجر بعضها بمدنيّين، اعتقدوها لقية يمكن التكسُّب منها. تُغري أيضًا، الأجسامُ المتفجرة الأطفالَ، في مناطق النزاع، فهناك الصواعق المتفجّرة، وفخاخ أخرى، على هيئة عصائر أو قناني مياه وصخور، واتهمت جماعة أنصارالله (الحوثيين)، وخاصة في مناطق الساحل الغربي، بصناعة هذا النوع من الموت.

الشراك الخداعية، أيضًا هي الأخرى تشكّل ضررًا بالغًا على المدنيين، وأوقع تفخيخ المنازل بهذا الشكل من الاستهداف، مدنيّين وناشطين، وصحفيين، ومن ذلك ما شهدته مدينة تعز، وأحياءها. 

استخدامُ هذا النوع من السلاح، يعني أنّ أطراف الحرب في اليمني، تفتقر لأدنى شعور بالمسؤولية، تجاه المدنيين وبقايا الشرائح المحمية بالقانون الدولي الإنساني. فزراعة الألغام ومن ثَمّ وقوعها في طريق المدنيين، يعني فيما يعنيه عدم وجود خرائط ثابتة ودقيقة لمناطق زراعة الألغام، ما يجعل خطرها بالغًا ومستدامًا، إضافة إلى تأثيرها القائم، والمتمثّل في منع المزارعين، في الاستثمار في حقولهم، وبالتالي توقف عجلة التنمية، وكثير من اليمنيين يعتمدون في على ما تنتجه أراضيهم من محاصيل. 

في هذا الملف، تحاول "خيوط"، أن تلقي الضوء على جزءٍ من الكارثة التي تمثّلها هذه الأجسام المتفجرة، من خلال قصص إنسانية، وتقارير صحفية، أملًا في أن تلقى تجاوُبًا من أطراف النزاع أولًا، في استشعار مسؤوليتهم، كي لا تقع هذه الألعاب الخطيرة في أيدي المدنيين، أو تُزرع في طريقهم، عوضًا عن تجنّب استخدام الألغام الفردية ووضع خرائط موثوقة لما تم زراعته في وقت سابق، وإيقاف هذا النزيف المستمر من دماء المدنيين.

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English