مخلّفات الحرب إذ تعيق حياة المدنيين

إصابة جامع الحطب الصغير
خيوط
December 13, 2022

مخلّفات الحرب إذ تعيق حياة المدنيين

إصابة جامع الحطب الصغير
خيوط
December 13, 2022
© Khuyut

أوقاتٌ قليلةٌ هي التي شهدت فيها أبين هدوءًا نسبيًّا، أوقات لا يمكن أن تذكر، إذا استثنيناها مع حالة الاحتراب الدائم، من الثمانينيات إلى أحداث 2011، إلى العام 2015، إلى 2019، وها هي حرب جديدة تطل برأسها، بين قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتنظيم القاعدة الذي عاد للظهور مجدّدًا في أغسطس/ آب 2022.

كل هذه الحروب لا تنسحب بسلام، إلّا وخلّفت وراءها بقايا أسلحة، لا تقل فتكًا بالمدنيّين ومصالحهم من الحرب المباشرة نفسها، وخاصة على الأطفال. فمن المناطق التي أصبحت في العام 2011، ساحة لمعارك بين الحكومة وعناصر تنظيم القاعدة، كانت قرية وادي أحمد، بمديرية زنجبار. 

عناصر التنظيم اتّخذوا من المزارع المحيطة بالقرية، ومن ذلك وادي دهل أحمد، مكانًا للاختباء فيه، فخلّفوا وراءهم كثيرًا من البقايا، التي انفجرت على فترات متفاوتة ووقع ضحاياها مدنيّون، ومن ذلك الطفل أحمد منصور صالح (13 سنة)، الذي تعيش أسرته هناك، في "وادي الموت" كما أصبح الأهالي يدعونه. 

وتتكوّن أسرة الطفل أحمد من والده منصور (40 سنة)، وهو جندي متقاعد يعمل في جمع الحطب، ووالدتهم ربة المنزل، وسبعة من الأبناء، منهم أربعة ذكور وثلاث إناث، جميعهم تركوا المدرسة من الصف الخامس من أجل جمع الحطب، ومِن ثَمّ تحويله إلى فحم وبيعه. هذه المهنة لم تجعل حياتهم أفضل في ظل أوضاعِ معيشةٍ صعبة وتدهور اقتصادي وأمني، وضعف لأداء السلطة المحلية في المحافظة. 

في يوم الأربعاء، 17 أغسطس/ آب 2022، خرج أحمد، عند السابعة صباحًا إلى الوادي، مع إخوته علي (15 سنة)، ومحمد (14 سنة)، لجمع الحطب، ثم افترق عنهما، وبعد أن جمع ما استطاع الحصول عليه، حفر حفرة ليقوم بحرق الحطب فيها، ولم ينتبه إلى وجود مقذوف ناري من بقايا الحرب في المكان، ولذا عندما أشعل النار وانتظر لتتم عملية الحرق، وقع الانفجار. 

تم إسعافه إلى هيئة مستشفى الرازي، وهناك أُجرِيت له إسعافات أولية، حيث اتضح إصابته بشظية عميقة جدًّا في الكتف الأيمن، وأخرى متفرقة في أنحاء جسده، ولذا تمت معالجته واستخراج الشظايا، لكن الطفل لا يزال يعاني من الخوف الشديد ويتلقى العلاج في المنزل.

ويقول والد الطفل: "تعلّمت مهنة جمع الحطب من والدي، وكثير ما أصادف مخلفات الحرب في طريقي، لكن لا يمكنني أن أتراجع عن هذه المهنة، لأنّني في حاجة ماسة إليها". 

يشرح والد أحمد، كيف وصلهم خبر الانفجار الذي أصاب طفله: "سمعنا دويّ صوتٍ وصل إلى المنزل، فلم نبالِ، وكنّا نظنّ أنّه انفجار روتينيّ كما يحدث بين وقت وآخر، ولم نكن نتوقع أنّ المصاب هو أعزّ ما نملك: ابني أحمد. 

ما هي إلّا دقائق، وجاء أحمد يركض إلى المنزل وهو خائف ويمسك بجرح في كتفه. كان جسده ممتلِئًا بالدم، وهو يرتجف. كانت الساعة العاشرة والنصف صباحًا، لكنّه لم يستطع الاحتمال، وأغمي عليه عند باب المنزل، من شدة الخوف ولِمَا تعرّض له من نزيف.

تم إسعافه إلى هيئة مستشفى الرازي، وهناك أُجرِيَت له إسعافات أولية، حيث اتضح إصابته بشظية عميقة جدًّا في الكتف الأيمن، وأخرى متفرقة في أنحاء جسده، ولذا تمت معالجته واستخراج الشظايا، لكن الطفل لا يزال يعاني من الخوف الشديد ويتلقى العلاج في المنزل".

الطفل أحمد ليس الوحيد ضحية هذا النحو من القتل البارد، فهناك كثيرون أمثاله، بعضهم فقَدَ حياته، وآخرون يعيشون بأعضاء غير مكتملة، إلى جانب ما يورّثه هذا الترويع من أثرٍ نفسي لدى الضحايا وأسرهم. 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English