موت كامن لأسرة في حَجّة

تربص بهم في حوش المنزل
خيوط
November 18, 2022

موت كامن لأسرة في حَجّة

تربص بهم في حوش المنزل
خيوط
November 18, 2022

أسرة تماسكت حتى في أكثر أوقات الحرب حلكة على إثر اندلاع الحرب في منطقتهم قرية الخباشية، مديرية حيران، محافظة حَجّة (شمال غربي اليمن) في العام 2015، في ظلّ عجر الأب عن أخذ أولاده والهرب بهم لمكان آمن بسبب عجزه المادي. هكذا فضّلوا البقاء في منزلهم المبني من القشّ والطين؛ في البداية دخل أنصارالله (الحوثيون) واستولوا على القرية، ثم دخلت القوات الحكومية مسنودة بقوات التحالف بقيادة السعودية وأخرجتهم منها في العام 2019، لكن لم يستطع أحد إثنائهم عن مغادرة المكان.

تحمّلوا ويلات الخوف وهم يسمعون أصوات الرصاص والمدافع والصواريخ، منها ما يمرّ من فوق بيوتهم وما ينفجر بالقرب منهم، لكن كتب لهم النجاة. 

في يوم الثلاثاء الـ26 من أبريل/ نيسان 2022، وعند الساعة الـ07:00 مساءً، كان جميع أفراد الأسرة في المنزل؛ الوالدين وأطفالهم الثلاثة، وكعادتهم قضوا بعض الوقت في المسامرة والتحدّث بعضهم إلى بعض، فيما كان الأب إبراهيم قحمي (40 عامًا) ويعمل بائع خضار، مستلقيًا داخل العريش (غرفة مبنية من القش والطين)، وظل البقية في حوش المنزل. 

عندها لاحظ الطفل علي (10 أعوام) كومةً من التراب ناتئة في الحوش على غير العادة، وكأنّ شيئًا مدفونًا أسفلها. أخذه فضول المعرفة، فقام، وبجانبه أمه، بنبش التراب ومحاولة تحريك الجسم في الأسفل بقدمه، وما أن وطأت قدمه الكومة، حتى سُمِع دوي انفجار أصمّ الآذان. أصيبت الأم باحتراق في وجهها ويديها، فيما احترق صدر مريم (13 عامًا) ونصفَ وجهها من الجهة اليسرى، وأصيب علي بحروق في يده اليسرى وصدره وبطنه وظهره، أما محمد (7 أعوام) فاحترق جسمه كله. 

توجّه الأب للبحث عن المساعدة لدى جيرانه وأصدقائه، وتمكّن من جمع مبلغ 500 ريال سعودي، أعطاها للمسؤول، والذي أمر الطقم (عربة عسكرية) بالتحرك، فانطلقوا بالأسرة إلى مدينة صامطة السعودية، وهناك قاموا بتطبيبهم، وأفاد الأب أنّهم قوبلوا بالإهمال وسوء المعاملة من العاملين هناك.

خرج الأب من العريش مذعورًا فرأى أفراد أسرته مرميّين على الأرض، وملطخين بدمائهم، وحتى جزء من منزل القش كان يحترق. تسمّر للحظة غيرَ مستوعبٍ ما حدث، ثم ركض هنا وهناك محتارًا، وقد شلّ الموقف عقله. كان عاجزًا بشكل كلي عن التصرف وإنقاذ أسرته المنكوبة، فبدأ بالصراخ لعل أحدهم يأتي ويخرجه ممّا هو فيه. 

حضر إلى المكان جندي وسأله المساعدة، فترجّاه الأب أن يفعل، فطلب منه الأول قيمة جالون بترول، فوافق، فقام بإسعافهم إلى قرية الجعدة التي كانت توجد بها عيادة إسعافات أولية، ولأنّ حالة الأسرة خطرة، طلبت منهم العيادة نقلهم لأقرب مستشفى متكامل. 

لم يستطع الأب فعل شيء، لأنّ العربة العسكرية التي أوصلتهم إلى العيادة عادت أدراجها، فاضطر إلى التوجّه إلى منطقة العمليات المشتركة للقوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا والتحالف، وقابل أحد المشرفين هناك، وطلب منه المساعدة، فطلب الأخير نفس طلب الأول: "البترول عليك، والسيارة علينا". رد عليه الأب المفجوع: "أنت تعلم أنني بائع خضار، ولم أعد أملك شيئًا"، رد عليه المشرف: "دبّر نفسك".

توجّه الأب للبحث عن المساعدة لدى جيرانه وأصدقائه، وتمكّن من جمع مبلغ 500 ريال سعودي، أعطاها للمسؤول، الذي أمر الطقم (عربة عسكرية) بالتحرك، فانطلقوا بالأسرة إلى مدينة صامطة السعودية، وهناك قاموا بتطبيبهم، وأفاد الأب بأنّهم قوبلوا بالإهمال وسوء المعاملة من العاملين هناك. 

بعد 15 يومًا من البقاء في مستشفى صامطة، وفي عزلة تشبه السجن، عاد إلى قريته، وجمع ما تبقّى له من أغراض وانتقل إلى قرية أخرى قريبة، حيث يوجد أقرباء له ساعدوه على بناء بيت جديد من القش والطين، وواصل بيع الخضروات ليؤمن معيشته وعائلته، يقول الأب: "تأملنا في القوات الحكومية والتحالف، لكن في الأخير لا مفر ولا مهرب من طرفي الحرب".

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English