مؤسسة تنمية القيادات الشابة

من مبادرة صغيرة إلى مؤسسة رائدة
خيوط
April 17, 2022

مؤسسة تنمية القيادات الشابة

من مبادرة صغيرة إلى مؤسسة رائدة
خيوط
April 17, 2022

قبل عقدين ونيف، لم يكن أحدٌ يتخيل، أن تتحول مبادرة صغيرة، هدفها تأهيل مجموعة من الفتيات على تجاوز صعوبات المرحلة التعليمية، إلى واحدةٍ من أقدم وأشهر منظمات المجتمع المدني على مستوى اليمن، وساهمت في تأهيل آلاف النخب الشبابية؛ أصبح عددٌ غير قليل منهم يشغلون مناصب قيادية وريادية، في القطاعين الخاص والعام.  

تلك كانت مؤسسة تنمية القيادات الشابة، التي وُلِدت بذرتُها الأولى قبل 22 عامًا، من مبادرة صغيرة، عُرِفتْ باسم "مبادرة عالم الفتيات"، التي تأسست سنة 1998، شَكّلتْ نواةً لما أصبح لاحقًا منظمة غير حكومية، تُعنى بالشأن المجتمعي في اليمن عمومًا، وبفئة الشباب (من الجنسين) على وجه الخصوص.  

في مهد الانطلاقة الأولى تلك، كان مفهوم "المجتمع المدني" مختلفًا عمَّا أصبح عليه لاحقًا، إذ لم تكن المنظمات غير الحكومية معروفةً بشكل كبير وقتها، رغم الظهور الفعلي لبعضها، لم يكن نشاطها بالشكل الذي هي عليه اليوم.  

بعد سنوات من العمل والخبرة وتطبيق التخطيط الاستراتيجي، تغيرت الرؤية إلى إيجاد يمنٍ يؤدي فيه الشباب الناشطون، وذوو المهارات والمؤهلات العالية، دورًا رائدًا في المجتمع، يساهم في التغيير نحو الأفضل، من خلال رفع مشاركة الشباب في جميع الجوانب؛ الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وتزويدهم بالمهارات المهنية، والاتصالية، والقيادية، والحياتية، حسب احتياجات المجتمع وسوق العمل.

مشاريع رائدة بدأت بخطوة 

بعد عامين من تأسيس مبادرة "عالم الفتيات"، تطورت الفكرة إلى ما أطلق عليه حينها "مركز اللغات العالمية للفتيات"، الذي استمر هو الآخر عامين، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة أكثر شمولًا انطلقت عام 2005، مع تنفيذ أول مشروع يشمل الشباب من الجنسين، تلتها مرحلة الانفتاح على الجانب الاجتماعي والإنساني اتكاءً على رصيد الخبرة المتراكمة خلال سنوات، وصولًا إلى النجاح الاستثنائي الذي صارت إليه اليوم.

رغم الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن، تبدو المؤسسة أكثر إصرارًا على الاستمرار في تعضيد دورها الريادي في مجال تنمية المجتمع، وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والمواطنة المتساوية بين الشباب اليمني

في البدء، كان برنامج "إعداد القيادات الشابة لخريجات الثانوية"، أول مشروع متخصص، تم إطلاقه بهدف صقل مهارات الفتيات اللاتي تخرجن حديثًا من الثانوية، وتأهيلهن لاجتياز المرحلة الجامعية، من حيث التحصيل، وإعداد البحوث الأكاديمية، واللغة الإنجليزية، واستخدام البرامج الحاسوبية، وآليات البحث الفعّال على الإنترنت، إلى جانب جملة من المهارات الحياتية والاجتماعية الأخرى. 

ونظرًا للنجاح الكبير الذي حققه البرنامج، اتسع لاحقًا ليشمل الجنسين، بعد أن كان مقتصرًا على الفتيات. ورغم التغيُّر الذي طرأ في شكل البرنامج عدة مرات، استمر على وتيرته على مدى 20 عامًا (من 2002 إلى 2022).  

ومن أبرز مشاريع مؤسسة تنمية القيادات الشابة أيضًا، مركز تطوير الشباب اقتصاديًّا، بالإضافة إلى مركز معلومات حقوق الإنسان، إلى جانب برنامج المشاركة المدنية للشباب (إشراك الشباب في المجتمع المدني)، بهدف تكوين قادة شباب يساهمون في تنمية مجتمعاتهم.

إلى جانب تأسيس "المجلس الاستشاري الشبابي"، عام 2007، وما تلاه من برامج حققت نجاحًا ملموسًا، مثل برنامج "نسيج اليمن" لبناء قدرات منظمات المجتمع المدني اليمنية، والمجموعات الشبابية، وكذلك برنامج "الكاميرا صوت الشباب"، الذي استمر لسنوات، بهدف التوعية المجتمعية من خلال الكاميرا، إضافة إلى برنامج "خديجة"، الذي أسهم في تأهيل كوكبة من المتدربين الشباب (من الجنسين)، على مهارات العمل الحرّ، وتفعيل دورهم في مستقبل التنمية الاقتصادية في مجتمعاتهم المحلية. 

قفزات نحو تنمية شاملة 

على مدى سنوات اهتمت مؤسسة تنمية القيادات الشابة بالمواطنة، ونفَّذتْ عديدًا من المشاريع والتدريبات وحملات المناصرة في هذا الجانب، لعل أبرزها مشروع "تعزيز المواطنة 2011" وهو أحد المشاريع الإقليمية التي تم تنفيذها على مستوى عربي في ثماني دول (مصر، الأردن، فلسطين، اليمن، السودان، لبنان، المغرب، العراق)، هو منهاج متعدد الاختصاصات، يستخدم وسائل تعليمية تفاعلية واستراتيجيات تعليمية تعاونية، ويركز على مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات وصنع القرارات، شاركت فيه 40 مدرسة من اليمن. 

كما عملت مؤسسة تنمية القيادات الشابة، على تعزيز الوعي السياسي للشباب في المجتمع اليمني، وإزالة الفهم المغلوط عن كون السياسة تخص النخب دون المجتمع، من خلال تأهيل القيادات السياسية الشابة، في التنمية السياسية والشرعية السياسية، والإصلاح السياسي، وكل ما يتعلق بتعزيز الوعي السياسي، من خلال برنامج "القيادات السياسية الشابة" (2012-2014).

وبناء على التجربة الناجحة لمشروع "مشاركة" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي نفذته المؤسسة، من 2013 حتى نهاية 2015، قامت مؤسسة تنمية القيادات الشابة بتعزيز المشاركة الاجتماعية والاقتصادية للشباب، وخاصة الشابات والفئات المهمشة، داخل مجتمعاتهم، والمشاركة بفعالية أكبر من أجل النهوض بالديمقراطية والمساواة والحقوق والحريات الأساسية، وذلك بتنفيذ مشروع "جسور" في بناء القيادة لدى الشباب لتعزيز حقوق الإنسان في اليمن.

ومن خلال برنامج "تظافر من أجل حقوق الطفل" (2013-2016)، قامت المؤسسة بتسليط الضوء على قضايا الزواج المبكر، والتسرب من التعليم وقضية العقاب البدني في المدارس، ورفع وعي الشباب والشابات بأهمية قضايا حقوق الطفل، من خلال الربط بين العاملين في المجتمع المدني في بيئة التعليم والمهارات التقنية، وتشجيع العاملين في المجتمع المدني للعمل على التعبير بكل ما له علاقة بحقوق الطفل.

وكانت مؤسسة تنمية القيادات الشابة، في طليعة منظمات المجتمع المدني التي تبنَّت برنامج "استراتيجية تمكين الشباب"، بَدءًا ببرنامج "التلمذة المهنية" عام 2014، بهدف خفض نسبة البطالة، مستهدفًا الشباب المحرومين، وذوي المهارات المنخفضة أو المتوسطة، إلى جانب النساء، وشباب الحضر والريف، والعاملين في البيئات الخطرة، بمجموع خمسة مشاريع، نُفِّذتْ في عدة محافظات يمنية، حتى نهاية عام 2021. 

إلى جانب دورها في تعزيز دور المرأة في مجال المشاركة السياسية، من خلال تعزيز التواصل بين اللاعبين الناشطين في المجال السياسي، بالإضافة إلى الإسهام في التخفيف من تبعات الأزمة الإنسانية التي تعصف باليمن، جراء الحرب الدائرة في البلاد، منذ مارس/ آذار 2015، قررت مؤسسة تنمية القيادات الشابة، الاستجابة لاحتياجات السكان في هذه الأزمة الإنسانية، للمساهمة في تخفيف العبء عن الفئات الأشد فقرًا، من خلال تركيز الاهتمام على المساعدات الطارئة للأمن الغذائي والحماية، وزيادة فرص كسب العيش، والمساهمة في الحد من الفقر الريفي، وتنمية قدرة الأشخاص الأكثر ضعفًا على إدارة المخاطر والاستجابة لها، وحماية حقوق الفئات الضعيفة، خصوصًا المرأة والطفل.

تكريم محلي ودولي

تقديرًا للدور المشهود الذي لعبته مؤسسة تنمية القيادات الشابة، خلال العقدين الماضيين، نالت تكريمًا دوليًّا ومحليًّا، أبرزها نيلها تكريم جامعة الدول العربية، في يناير/ كانون الثاني 2011، تقديرًا لإسهاماتها في دعم السياسات والعمل الشبابي في اليمن.

وفي عام 2012، تم اختيار مؤسسة تنمية القيادات الشابة، من قبل RGP، كواحدة من المنظمات غير الحكومية التي تلقت التدريب الأساسي والتدريب المتقدم، والعمل للحصول على شهادة ISO-9001.

كما حصلتْ على جائزة مقدمة من منظمة إيكويتاس الكندية (المركز الدولي لتعليم حقوق الإنسان)، تقديرًا للعمل الاستثنائي الذي تقوم به؛ لتشجيع أعضائها وتمكينهم من خلق تغيير إيجابيّ في مجتمعاتهم، وذلك من خلال مشاركة بعض أعضاء المؤسسة في برنامج إيكويتاس الدولي للتدريب على حقوق الإنسان في مدينة مونتريال الكندية. 

وفي 11 مارس/ آذار 2014، منحت الشركة اليمنية للغاز المسال، مؤسسة تنمية القيادات الشابة، "جائزة بلقيس" السنوية (20 ألف دولار)، باعتبارها مؤسسة رائدة في مجال تنمية المرأة اليمنية. 

ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن، تبدو المؤسسة أكثر إصرارًا على الاستمرار في تعضيد دورها الريادي في مجال تنمية المجتمع، وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والمواطنة المتساوية بين الشباب اليمني، ورفع مهارات ووعي الشباب في مجال حقوق الطفل، إعدادًا لدورهم كناشطين ومدربين في مجال حقوق الإنسان. 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English