حجاج يمنيون ضحايا الوكالات والأوقاف

الخدمات المقدمة لا توازي حجم المبالغ المدفوعة لها
سهير عبدالجبار
June 15, 2024

حجاج يمنيون ضحايا الوكالات والأوقاف

الخدمات المقدمة لا توازي حجم المبالغ المدفوعة لها
سهير عبدالجبار
June 15, 2024

انطلقت أفواج الحجاج اليمنيين برًّا وجوًّا، ابتداء من منتصف مايو/ أيار 2024، حيث شهدت المنافذ والمطارات اكتظاظًا بمؤدِّي شعيرة الحج لهذا العام من مختلف المحافظات اليمنية.

أعداد الحجّاج اليمنيّين لهذا العام بلغ (24255) حاجًّا، وفقًا لبيانات وزارة الأوقاف ووكالات السفر، ومن بين هؤلاء تم نقل (12400) حاج إلى الأراضي المقدسة جوًّا من مختلف المطارات اليمنية ومن ضمنها مطار صنعاء، بينما تم نقل (11855) حاجًّا، برًّا عبر منفذ الوديعة المفتوح. ووفقًا لمنشور رسمي على صفحة الوزارة، فإن تكلفة الحج للشخص الواحد لهذا العام بلغت 17650 ريال سعودي ما يعادل حوالي 4700 دولار أمريكي؛ أي ما يقارب مليونين ونصف مليون ريال للعملة القديمة المتداولة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وأزيد من ثمانية ملايين ريال بالعملة المتداولة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها، غير أنّ هذا المبلغ متغير بالنسبة للمسافرين برًّا عن المسافرين جوًّا.

معاناة سفر وشعارات سياسية

واجه الحجّاج المنتقلون برًّا عبر منفذ الوديعة، أصنافًا من المعاناة، بدءًا بكثافة نقاط التفتيش المنتشرة على طول طريق السفر حتى الوصول للمنفذ، مرورًا بسوء الخدمات المقدمة.

محمد الخولاني، حاجٌّ يمنيّ، تحدث لـ"خيوط"، عن المعاناة التي واجهها أثناء السفر من صنعاء وحتى منفذ الوديعة، قائلًا: "لا أدري كم عدد النقاط التي تم تفتيشنا فيها، لكني أعلم أنها لا تعد، منذ تحركت الحافلة من صنعاء وحتى المنفذ، إذ كان يتم إيقاف الحافلات التي تقلّنا ساعات طويلة، يفتشون الوثائق، ويتأملون الوجوه كأنهم يبحثون عن مشتبه بهم بيننا، على الرغم من أن هناك بعثة يفترض أنها نسقت مسبقًا فيما يخص الجانب الأمني".

ويضيف الخولاني: "لقد تم إقحام الصراع في كل شيء، لكنني هنا أحمّل الحجّاج أنفسهم مسؤولية أي تصرف يسيء للشعيرة المقدسة، ويحولها إلى مجرد مهاترات، وشعارات جوفاء، بعيدًا عن الهدف السامي الذي قدموا لأجله، وهو ما حدث بالفعل وكنت شاهد عيان عليه، إذ سمعت إخوة يردّدون شعارات سياسية، ويهتفون بعبارات من شأنها أن تحرف مسار وجوهر شعيرة الحج، التي تدعو لنبذ الرفث والفسوق والجدال". 

"محبس الجن" ورداءة الخدمة

أمام المبالغ الباهظة التي دفعها الحاج البسيط، الذي قد يكون وفرها من قوت أسرته على مدى سنوات، لا يحظى بخدمات توازي المبالغ المدفوعة، ليس مقارنة بالخدمات المقدَّمة لبعثات الحج الأخرى، ولكن بالنظر إلى الحد الأدنى الذي يفترض أن يكون عليه الحال.

صفاء محمد، حاجّة يمنية، تحدثت لـ"خيوط"، عن الخدمات التي قُدمت لهم في موسم الحج لهذا العام، قائلة: "الخدمات المقدَّمة للحجّاج اليمنيّين في السكن والمخيمات سيئة، إذ أعتقد أنه لا يمكن مقارنتها بالأماكن المخصصة للدول الأخرى من حيث رقي الخدمات بالنظر إلى عدد الحجاج اليمنيين، أما بالنسبة لخدمات وكالات السفر ومكاتب التفويج، فجميعها تقدم نفس المستوى من الخدمات بتفاوت يكاد لا يلمس، إلا إذا كان الحاجّ لديه شخص معروف في إحدى هذه الوكالات أو المكاتب".

تسرب مقطع فيديو يُظهر حُجّاجًا يتناولون الفاصوليا، وجبة وحيدة للغداء، وليس للإفطار أو العشاء، وآخرين لا يجدون ما يأكلون، بالرغم من أن ميزانية الوجبات في الحج بلغت 450 ريالًا سعوديًّا، الأمر الذي أثار حفيظة الحجاج وذويهم على سوء التنظيم، وسوء الإدارة والمعاملة، وعلى الفساد الذي ظهر من الأيام الأولى.

يبدو أنّ معضلة تحديد مكان المخيمات وأبراج السكن في المشاعر المقدسة، هي معضلة سنوية، إذ يقطع الحجّاج اليمنيون -وأغلبهم كبار السن- عشرات الكيلومترات لأداء مناسكهم، وفقًا للحاجّة اليمنية، سعاد قائد، التي تحدثت لـ"خيوط"، عن المكان الذي تم تخصيصه للحجاج اليمنيين هذا العام، قائلة: "تم تخصيص مكان في مكة المكرمة للحجاج اليمنيين يدعى (محبس الجن)، هو قريب نسبيًّا مقارنة بالأماكن التي خصصت في أعوام سابقة، لكنه بالنسبة لي ولأشخاص كثر يعانون من أمراض مزمنة واحتكاكات في المفاصل والعظام، ما يزال بعيدًا نسبيًّا".

تجدر الإشارة إلى أنّ التكاليف تحدّدها وزارة الأوقاف السعودية، كونها هي من تختار الفنادق والمخيمات المخصصة للحجاج، يمنيين وغير يمنيين، في مناطق محددة ومعينة، وبالنسبة للراغبين في اختيار باقات حج (VIP) تحتوي على خدمات أرقى وراحة إضافية، يتعين عليهم دفع مبالغ إضافية، حيث تقوم الوكالة بحجز فنادق أخرى لهم.

في سياق متصل، تسرب مؤخرًا مقطع فيديو يُظهر حجّاجًا يتناولون الفاصوليا، وجبة وحيدة للغداء، وليس للإفطار أو العشاء، وآخرين لا يجدون ما يأكلون، بالرغم من أن ميزانية الوجبات في الحج بلغت 450 ريالًا سعوديًّا، الأمر الذي أثار حفيظة الحجّاج وذويهم على سوء التنظيم، وسوء الإدارة والمعاملة، وعلى الفساد الذي ظهر من الأيام الأولى.

بدلًا من تكرار الأخطاء سنويًّا 

من جهتها، أصدرت وزارة الأوقاف والإرشاد، بيانًا قالت فيه إنه بناء على توجيهات وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة المعترف بها، بالرقابة الشديدة والالتزام بالعقود، قام وكيل الوزارة لقطاع الحج والعمرة، بزيارة ميدانية لمطابخ الإعاشة في مكة المكرمة، وخلال الزيارة لوحظ تأخير أحد متعهدي الإعاشة في تقديم وجبة غداء الحجّاج وعدم الالتزام بمعايير الخدمة. وبناءً على ذلك، قررت الوزارة إلغاء التعاقد معه واستبداله بآخر.

محمد عبدالله، أحد العاملين في وكالات الحج والعمرة، أوضح لـ"خيوط" أنّ عملية الحجز تتم عبر الوزارة المعنية، حيث توفر الوزارة مجموعةً من الخيارات للوكالات المعتمدة، فيما يتم تقسيم نسبة الحجز بين الوزارة والوكالة بنسبة 60٪ للوزارة، و40٪ للوكالة.

تفضّل نورة حسن، حاجّة يمنية، الاعتماد على نفسها في تنسيق وإدارة شؤون سفرها وإقامتها دون الركون على وكالات ومكاتب التسفير والتفويج؛ لأنها تعتقد أنّ ذلك أضمن لها من الوقوع في أخطاء قد تعكر عليها صفو رحلتها إلى الله، كما تقول لـ"خيوط"، مضيفةً: "حجزت في فندق خارج مطار عمان الدولي، وهو المطار الترانزيت الذي نستأنف رحلتنا عبره للمملكة، وحال الحجز تأكدت من وجود رحلات في اليوم نفسه، علاوة على أن محطة الهبوط كانت لمطار الطائف عوضًا عن مطار جدة؛ بسبب ازدحام الأخير واكتظاظه بالرحلات من بلدان العالم المختلفة، هذا التدبير وفّر لي الكثير من الوقت والجهد، كما أنه جنّبني نوبات التعصب والغضب من أخطاء المكاتب والوكالات التي قد تصل إلى حد عدم توفير الأكل والشرب، والمواصلات، لضيوف الرحمن القادمين من اليمن".

•••
سهير عبدالجبار

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English