كيف حول الصراع القائم اليمن إلى سجن كبير

المحتجزون اليمنيون.. من السجون إلى المخيمات
علي جميل
October 21, 2020

كيف حول الصراع القائم اليمن إلى سجن كبير

المحتجزون اليمنيون.. من السجون إلى المخيمات
علي جميل
October 21, 2020
© ICRC

  أفرج طرفا النزاع في اليمن- الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، يومي الخميس والجمعة 15-16 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، عن 1056 محتجزًا من المدنيين والمقاتلين، ضمن خطوة مرحلية لتنفيذ "اتفاقية تبادل الأسرى" الملحقة بـ"اتفاق ستوكهولم". 

  ووقع ممثلو الحكومة المعترف بها دوليًا وسلطة أنصار الله (الحوثيين) "اتفاق استوكهولم" في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2018، وفي 27 سبتمبر/ أيلول 2020، تم توقيع اتفاقية تبادل الأسرى في مدينة مونترو السويسرية، بعد 21 يومًا من لقاء جمع طرفي النزاع برعاية الأمم المتحدة، وبرئاسة مشتركة من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

     وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الجمعة 16 أكتوبر/ تشرين أول 2020، في بيان، عن تسهيل هذه العملية لتبادل المحتجزين، بالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني والهلال الأحمر السعودي، وأوضحت إنها قامت بتنفيذها على متن 11 رحلة جوية من وإلى خمس مدن في اليمن والمملكة العربية السعودية، هي: صنعاء، سيئون، عدن، أبها، الرياض، وأن عدد المحتجزين المفرج عنهم من كلا الطرفين بلغ نحو 1056 محتجزًا.

     وقالت اللجنة في تغريدات نشرتها تباعًا في صفحتها على منصة "تويتر"، إن خمس من طائرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، انطلقت صباح الخميس 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، من مطارات أبها وصنعاء وسيئون، ضمن عملية نقل وإطلاق سراح المحتجزين السابقين، التي اتفقت عليها أطراف النزاع في اليمن، وإن الطائرات الخمس هبطت بعد ذلك، في مطارات الرياض وصنعاء وسيئون ضمن عملية نقل وإطلاق سراح هؤلاء المحتجزين.

    وأشارت اللجنة الدولية إلى أنه، وبالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني والهلال الأحمر السعودي، تمت في اليوم الأول للإفراج، عملية نقل وإطلاق سراح 484 محتجزًا سابقًا بين صنعاء وسيئون والسعودية، وأن طائرة إضافية انطلقت من مطار صنعاء متجهة إلى سيئون، وأخرى من سيئون إلى صنعاء، ضمن عملية إطلاق سراح ونقل المحتجزين السابقين، ليصبح عدد المفرج عنهم الذين تم نقلهم أكثر من 700 محتجز سابق بين السعودية وصنعاء وسيئون.

لم تتوقف عمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، حسب تقارير المنظمات الحقوقية، عند المنخرطين في الصراع من أتباع الأطراف، بل طالت طيفًا واسعًا من المدنيين الذين احتجزوا من أماكن عملهم أو منازلهم أو من الطرقات

     في اليوم التالي 16 أكتوبر/ تشرين الأول، استمرت عملية نقل المحتجزين بين المطارات المحددة، إذ أقعلت طائرتان تابعتان للجنة الدولية للصليب الأحمر، إحداهما من عدن إلى صنعاء، والأخرى من صنعاء إلى عدن. ونقلت الطائرة المتجهة من صنعاء إلى عدن على متنها 76 محتجزًا سابقًا، وفي المقابل، نقلت الأخرى المتجهة من عدن إلى صنعاء، 101 محتجز سابق، إضافة إلى طائرتين إضافيتين تحركتا من عدن إلى صنعاء والعكس، لنقل المزيد من المحتجزين السابقين ضمن العملية التي وافق عليها أطراف النزاع في اليمن.

     وبالرغم من أنّ أهاليَ بعض المفرج عنهم، تحدثوا لـ"خيوط"، عن أن ذويهم من المحتجزين لم يُخيروا بين البقاء في مناطق سيطرة الطرف المحتجز لهم أو الانتقال لمناطق سيطرة الطرف الآخر، إلا أن مفرجًا عنهم آخرين قالوا لـ"خيوط" أيضًا، إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أجرت معهم مقابلات قبيل الإفراج عنهم، ووضعت لهم خيار اختيار مكان السكن بعد الإفراج، وإنهم اختاروا الانتقال للسكن في المناطق التي توجهوا إليها بمحض إرادتهم، وأن اثنين منهم على الأقل، اختارا بالفعل البقاء في مناطق سيطرة الطرف المحتجز لهم. 

     وأكدت اللجنة أنها سهلت إطلاق سراح ونقل 352 محتجزًا سابقًا بين عدن وصنعاء، ليصل إجمالي عدد المحتجزين الذين أطلق سراحهم من الطرفين، خلال اليومين، 1056 محتجزًا.

خطوة هامة لحلحلة ملف معقد

    إلى ذلك، تحدثت تقارير للمنظمات الحقوقية، عن أن عمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، التي قامت بها أطراف النزاع، لم تتوقف عند المنخرطين في النزاع والأعمال العدائية، بل طالت طيفًا واسعًا من المدنيين الذين احتجزوا من أماكن عملهم أو منازلهم أو من الطرقات.

    واتهمت هذه التقارير الأطراف بارتكاب خروقات جسيمة لقواعد القانون اليمني النافذ ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقالت إنه لم تُوجَّه للعديد من المحتجزين تهمٌ رسمية، وتم احتجازهم لمدة طويلة في أماكن غير مؤهلة للاحتجاز، وأن كثيراً منهم تعرضوا للتعذيب وضروب من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. 

     ماجد فضائل، الناطق الرسمي لـ"اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى"، التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا أكد في تصريح لـ"خيوط" أن التعقيدات موجودة في ملف الأسرى والمحتجزين، لكن ما حدث في مونترو السويسرية خطوة إيجابية نحو بناء الثقة، التي لن تكتمل إلا بتصفير المعتقلات والسجون بالإفراج عن الجميع تحت قاعدة "الكل مقابل الكل". ولفت فضائل إلى ما سادت مشاورات مونترو بسويسرا من "أجواء إيجابية، وإحراز تقدم كبير في ملف الأسرى والمحتجزين والمعتقلين".

     وأضاف فضائل أن مفاوضات مونترو كادت أن تفشل في آخر يومين سبقت الاتفاق، نتيجة ظهور بعض المواقف المتحفظة تجاه بعض الأسماء المدرجة في كشوفات التبادل، منهم أحد الوزراء في الحكومة المعترف بها دوليًّا، المحتجز لدى سلطة أنصار الله (الحوثيين)، والمشمول بقرار أممي يطالب بالإفراج عنه.

     رغم ذلك، قال فضائل إنه تم المضي قدمًا في الاتفاق، بناءً على توجيهات من رئاسة الجمهورية، والتوقيع على ما تم التوصل إليه، والبدء بتنفيذه على أن يكون هناك توقيع على اتفاق آخر يتضمن عقد جولة مشاورات في أقرب وقت، يتم التوافق عليه ومشروط بالاتفاق على توسعة الإعداد له، بحيث يتضمن بعض الأسماء ومنهم المشمولين بقرار مجلس الأمن، والتي تحفظ عليها الطرف الآخر.

     وبخصوص الإشكاليات التي حدثت قبل يومين من توقيع اتفاق التبادل وتم على إثرها استثناء 10 محتجزين من كل طرف، قال لـ"خيوط" عصام شرف، المتحدث باسم لجنة الأسرى التابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين)، إن أحد المسؤولين عن أحد أماكن الاحتجاز التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا، رفض تسليم محتجزين محددين في كشوفات سلطة أنصار الله (الحوثيين)؛ الأمر الذي قال إنه "اضطرهم" إلى اتخاذ خطوة مماثلة بالتحفظ إزاء محتجزين من الطرف الآخر في عملية التبادل. وتوقع شرف أن تحل "هذه الإشكالية" التي قال إن مكتب المبعوث الأممي قبل نهاية الشهر الجاري (أكتوبر/ تشرين أول 2020)، كون أسماء المحتجزين المتحفظ عليهم مدرجة في الكشوفات التي تم التوافق عليها.

    وأضاف شرف أن مدنيين كانوا ضمن المحتجزين الذين تم الإفراج عنهم، منهم مجموعة من الصيادين احتجازهم في عرض البحر، ومواطنين تم احتجازهم من المناطق الحدودية مع السعودية، وغيرها من المناطق اليمنية.

     وفي الوقت الذي لم تشمل المحادثات واتفاقية تبادل المحتجزين، القوات الإماراتية والقوات الموالية لهادي في محافظة تعز، فقد أكد شرف أن اتفاقية التبادل شملت بقية الأطراف، بما فيها قوات "حراس الجمهورية" في الساحل الغربي، والمجلس الانتقالي الجنوبي. 

اجتماعات واتفاقيات تمهيدية

    يعد لقاء مونترو الذي عقد بسويسرا في 15 سبتمبر/ أيلول 2020، وانتهت جلسات أعماله في 27 من الشهر نفسه، اللقاء الرابع في مناقشات اللجنة الإشرافية على تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين منذ مشاورات ستوكهولم.

    الناطق الرسمي للجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا، أرجع أسباب العراقيل التي واجهتها اتفاقية تبادل الأسرى والمحتجزين خلال الفترة الفاصلة بين توقيع "اتفاق ستوكهولم" ولقاء مونترو، إلى تعنت سلطات صنعاء، التي -كما يقول- عملت على "تسيس هذا الملف"، واستغلاله سياسيًا، متهمًا سلطة أنصار الله (الحوثيين) بالاستمرار في "اختطاف المدنيين واستخدامهم رهائن، لغرض مبادلتهم بأسرى حرب مقاتلين"، إضافة إلى رفضهم الإفراج عن المعتقلين المشمولين بقرار مجلس الأمن، وعدم الإفراج أو مبادلة جميع الصحفيين المحتجزين لديهم.

    وكان العدد المتفق عليه في الجولة الثالثة في الأردن- والحديث للمسؤول في الحكومة المعترف بها دوليًّا- نحو 1420 محتجزًا، لكن، كما يقول فضائل، فإن "تعنّت" سلطات صنعاء "حال دون الوصول إلى هذا العدد، ولذا تم الاتفاق فقط على 1081" محتجزًا.

    وأشار فضائل إلى أن 80% من المحتجزين الذين تسلمتهم الحكومة المعترف بها دوليًّا، والمفرج عنهم من قبل أنصار الله (الحوثيين)، هم محتجزين مدنيين، وأنه "تم القبض عليهم من منازلهم أو من الطرقات لغرض استخدامهم رهائن ويتم مبادلتهم بأسرى"- حسب تعبيره.

     وبحسب بيان للمبعوث الأممي، صادر عن اللقاء المنعقد في مونترو، فقد اتفق ممثلون للحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين)، على الإفراج الفوري عن مجموعة أولى من المحتجزين، طبقًا لقوائم الأسماء المتفق عليها. وأضاف البيان أنه في ختام الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية برئاسة مشتركة لمكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر. ويستند الاتفاق على خطة الإفراج التي توصل إليها الطرفان، خلال مشاورات سابقة عقدت في عمّان منتصف فبراير/ شباط 2020.

مديرة قسم الإعلام في مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، ازميني بالا، قالت لـ"خيوط"، إنه يجري العمل حاليًّا على تحديد مكان وزمان الاجتماع القادم للجنة الإشرافية، إذ اتفق الأطراف على اللقاء مجددًا فور تنفيذ المرحلة الأولى من التفاوض

     ونوقش اتفاق التبادل الذي وقع في ستوكهولم، في أربع جولات لاحقة من المناقشات؛ كانت الأولى في العاصمة الأردنية عمّان في 15-17 يناير/ كانون الثاني 2019، تبعها لقاء آخر في عمان أيضًا في 5 - 8 فبراير/ شباط 2019، ثم اجتماع ثالث في 10 - 16 فبراير/ شباط 2020. وتم الاجتماع الرابع في مدينة مونترو السويسرية في 15-27 سبتمبر/أيلول 2020.

     وكان ملف المحتجزين قد طرح على طاولة المفاوضات لأول مرة في مشاورات الكويت، التي بدأت الخميس 21 أبريل/ نيسان 2016، واختتمت يوم السبت 6 أغسطس/ آب 2016، وبناءً على نقاشات ثنائية بين الأطراف، أُقرت اتفاقية التبادل في مفاوضات ستوكهولم، التي انعقدت بين 6 - 13 ديسمبر/ كانون الأول 2018.

    وخرج لقاء مونترو، باتفاق وقعه الطرفان، وشمل الإفراج عن 1081 محتجزًا من الطرفين، منهم 400 من جماعة أنصار الله (الحوثيين)، و681 من الحكومة المعترف بها دوليًا، بينهم 15 سعوديًّا و4 سودانيين.

    المبعوث الأممي، إلى اليمن، مارتن غريفث، أشاد في إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي، صباح تنفيذ الاتفاق، بهذه الخطوة، لكنه قال إنها "لا تشتمل آلاف اليمنيين الآخرين الذين تمّ اعتقالهم خلال هذا النِّزاع". ومن المحتمل أن تعيد اللجنة الإشرافية لتبادل الأسرى والمحتجزين التئامها في نهاية مارس/ آذار 2021، لمناقشة المزيد من عمليات التبادل، بناء على الالتزام المشترك الذي وقعت عليه في لقاء سويسرا.

    وقالت مديرة قسم الإعلام في مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، ازميني بالا، في تصريح لـ"خيوط"، إنه يجري العمل حاليًّا على تحديد مكان وزمان الاجتماع القادم للجنة الإشرافية، إذ اتفق الأطراف، كما توضح ازميني بالا، على اللقاء مجددًا فور تنفيذ المرحلة الأولى من التفاوض، وأنه وفق توقعاتها، لن تكون هناك أية عراقيل تحول دون لقائهم مجددًا.

محاكمات وقصف محتجزين

     نقابة الصحفيين اليمنيين رحبت من جهتها بعملية إطلاق سراح خمسة صحفيين، ضمن هذه الصفقة، وهم: "هشام طرموم، وهشام اليوسفي، وهيثم عبدالرحمن الشهاب، وعصام أمين بالغيث، وحسن عنّاب"، الذين قالت إنه "تم اختطافهم من أماكن عملهم".

    ودعت نقابة الصحفيين إلى إطلاق سراح بقية الصحفيين "المختطفين"، وهم: عبد الخالق عمران، توفيق المنصوري، أكرم الوليدي، حارث حميد، سلطان قطران، وحيد الصوفي، بلال العريفي، محمد عبده الصلاحي، محمد الجنيد، وأستاذ الإعلام، وديع الشرجبي، ووليد المطري.

    وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) حكمت في 11 أبريل/ نيسان 2020 بالإعدام على أربعة صحفيين محتجزين منذ العام 2015. وكان هؤلاء الصحفيين جزءًا من مجموعة أوسع ضمت 10 صحفيين وجهت لهم المحكمة تهمًا بصورة رسمية، في ديسمبر/ كانون الأول 2018، منها التجسس، ولاقت هذه المحاكمة إدانات واسعة في الأوساط الحقوقية.

     وكانت محاكمة الصحفيين واحدة من محاكمات عدة طالت عشرات المحتجزين أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، التي انتهت إلى أحكام بالإعدام، كان أبرزها الحكم على 36 محتجزًا على خلفية النزاع الدائر في البلاد.

    عبد المجيد صبرة، مُحامٍ متخصص في قضايا المحتجزين تعسفًا والمخفين قسرًا، قال لـ"خيوط": إن "تلك المحاكمات تفتقر لأبسط مقومات المحاكمة العادلة والمنصفة"، وأنه "رغم الجهود التي نبذلها وتبذلها المنظمات الحقوقية في الدعم القانوني للضحايا، إلا أن الأطراف تتخذ من تلك المحاكمات ذريعة لرفض وعرقلة الإفراج، بحجة أن القضاء هو المختص بأمر الإفراج من عدمه".

     ولم تكن هذه المحاكمات، هي الانتهاكات الوحيدة التي طالت المحتجزين، ففي تقريره "جائحة الإفلات من العقاب في أرض معذبة" الذي صدر في 9 سبتمبر/ أيلول 2020، أورد فريق الخبراء البارزين المعني باليمن، أن مقاتلات التحالف العربي "السعودية والإمارات"، شنت ليلة السبت 31 أغسطس/ آب 2019، سلسة من الغارات الجوية استهدفت مركز احتجاز غير رسمي كانت تديره جماعة أنصار الله (الحوثيون) في محافظة ذمار جنوبي صنعاء. وقال الفريق إن هذا المركز كان متعارفًا على كونه مركز احتجاز، وأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر سبق أن زارته عدة مرات قبل أن تستهدفه مقاتلات التحالف العربي، وأكد الفريق أن 134 من المحتجزين قضوا في هذه الهجمة، فيما جُرح 40 آخرون.

     ولم تكن تلك المرة الأولى التي يشن فيها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، هجومًا على مراكز احتجاز. ففي 21 مايو/ أيار 2015، قصفت مقاتلات "التحالف" مبنى في جبل هرّان بمدينة ذمار، كان (أنصار الله) الحوثيون يحتجزون فيه مدنيين، بينهم صحفيين اثنين. وفي 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، قصف مقاتلات التحالف العربي أيضًا سجن الزيدية بمحافظة الحديدة. وفي 13 ديسمبر/ كانون الأول 2017، شن التحالف هجومًا على مركز احتجاز في مقر الشرطة العسكرية بصنعاء.

    من جانبها، رحبت سماح سبيع، مديرة وحدة الدعم القانوني في منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، بتنفيذ الأطراف للمرحلة الأولى من التبادل، وأشارت إلى أنه "خلال الفترة من يوليو/ تموز 2019 حتى يوليو/ تموز 2020، ساهمت محاميات ومحامو منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في مختلف المناطق اليمنية، في الإفراج عما يقارب 300 محتجز، قدمت لهم المنظمة الدعم القانوني أمام الجهات والأطراف المختلفة".

    يذكر أنه ومنذ العام 2015، وحتى العام 2020، نجحت وساطات محلية في إتمام اتفاقات تبادل لمئات المحتجزين من المقاتلين، بين الأطراف في عدة عمليات ناجحة، فيما واجهت مبادرات أخرى عراقيل لوجستية.

    وتزامنت هذه المساعي مع مخاوف للمنظمات الحقوقية والأمم المتحدة من تعرض المحتجزين اليمنيين لانتشار جائحة كوفيد 19، والمخاطر العالية لانتشارها، ما حدا بها لتوجيه نداءات متعددة للأطراف للإفراج عن المحتجزين. وفي استجابة محدودة بين مارس/ أذار ومايو/ أيار 2020، أفرجت أطراف النزاع عن العشرات من المحتجزين.

أسئلة وإشكالات

    منذ لحظة سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) بقوة السلاح على العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، ثم إعلان حملة عسكرية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات في 26 مارس/ آذار 2015، كمحطتين بارزتين تؤرخان للحرب الراهنة في اليمن، التي تدخل عامها السادس، وثقت منظمات مواطنة لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، وفريق الخبراء البارزين، وثقت تورط جميع أطراف النزاع في وقائع الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، التي طالت آلاف الأشخاص في مختلف المناطق.

    ودعت سماح سبيع، الأمم المتحدة والصليب الأحمر وأطراف النزاع في اليمن، إلى "تصميم آلية للإبلاغ من قبل الأفراد والمنظمات عن حالات الاحتجاز، التي تطال المدنيين الذين لم تشملهم قوائم المحتجزين التي أعدتها الأطراف". وحثت سبيع المبعوث الخاص للأمم المتحدة وأطراف النزاع، "إقرار مدونة سلوك تخلق قطيعة مع جرائم الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب، وتعزيز سيادة القانون وضمان حرية التنقل في جميع الظروف".

     أمة السلام الحاج رئيسة رابطة أمهات المختطفين، قالت بدورها لـ"خيوط"، إن اتفاقية تبادل المحتجزين كانت قبل عامين وتم الآن إنجازها، وثمنت الحاج، الجهود التي بُذلت للإفراج عن المحتجزين، سواء من المدنيين أو المقاتلين.

    وأضافت أن الصليب الأحمر خيّر المحتجزين المفرج عنهم في البقاء في مناطق إقامتهم بعد الإفراج، أو الانتقال إلى مناطق سيطرة الطرف الآخر، ولكن الكثيرين فضلوا الانتقال لمناطق سيطرة الطرف الآخر، نظرًا لما حدث في مرات سابقة، إذ تم الإفراج عن معتقلين، ومن ثَمّ تم إعادة احتجازهم مرة أخرى.

     وأوضحت الحاج أن المفرج عنهم لا يزالون في أماكن أشبه بالمخيمات، خصوصًا في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا مثل مأرب؛ مشيرة إلى أن السلطات هناك لم تقُم بوضع ترتيب معين للمفرج عنهم، لتسكينهم أو لوضعهم في أماكن خاصة لإقامتهم. وترى رئيسة رابطة أمهات المختطفين، ضرورة أن يكون هناك معالجات لأوضاع هؤلاء المفرج عنهم، وذلك لعدم وجود أي مصدر دخل لهم وعدم قدرتهم على مزاولة كثير من المهن، لكبر سن كثير منهم.

    وبخصوص ما جرى من دمج المحتجزين المدنيين مع المحتجزين من المقاتلين، تشير الحاج إلى أنها أكبر مشكلة واجهتها منظمات المجتمع المدني، إذ تقول: "كنا نطالب بأن يتم الإفراج عن المحتجزين المدنيين دون شروط، وتحسين أوضاعهم بعد الإفراج عنهم"، ولذلك، فهي تدعو للإفراج عن بقية المحتجزين دون قيود أو شروط، ودون أي مفاوضات أو ربطهم بأية قضايا سياسية في إطار الحرب والنزاع الراهن.

..............

* مصدر الصور في المادة: غرفة الإعلام في موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English