ليست مبالغة، ولكنها حقوق

حتى الأماني يستكثرونها على المرأة
هالة عبدالله
March 8, 2021

ليست مبالغة، ولكنها حقوق

حتى الأماني يستكثرونها على المرأة
هالة عبدالله
March 8, 2021
Photo by: Mohammed Al-Mekhlafi

لطالما كانت المرأة محورًا رئيسيًّا للنقاشات في شهر مارس على وجه التحديد، الذي يشهد اليوم الثامن منه يومًا عالميًّا للمرأة، لكنها تظل مجرد نقاشات وأحلام لم تحصل النساء على إثرها، على أي حقوق حقيقية ملموسة، رغم استكثار البعض حتى الأماني على النساء.

يرون في الحديث المستمر عن المرأة وحقوق المرأة بأنه مبالغة ورفاهية، ومن وجهة نظرهم "مش وقت"، وأن هناك أمور أهم يجب المطالبة بها والحديث عنها، والبعض الآخر يرى أن الحديث عنها هو مطالبة بإخراج المرأة عن العادات والتقاليد السائدة.

للأعراف والتقاليد المتوارثة أثر مباشر في تكريس الوصاية على المرأة، وجاءت الجماعات الدينية بمختلف أشكالها و"زادت الطين بلة"، حتى أصبح هناك من يستخدم الأمور الدينية للتحريض على المرأة.

انتشرت النصوص الدينية المناهضة لخروج المرأة للعمل أو الدراسة، واختلاطها بالذكور كونه حرامًا وغير جائز شرعًا، بالإضافة إلى ذلك انتشرت الأدلة المؤكدة على قوامة الرجل على المرأة، ووجوب طاعة الزوج مثلًا.

يعتقد البعض، أن السماح لبعض النساء بالدراسة والعمل يحقق أعلى مستويات الاعتراف بالمرأة، وحقها ككيان مستقل ويدفعها للتمرد، وهذه وجهة نظر ضيقة تنظر فقط للأمور بشكل سطحي وغير واقعي، وعلى من أراد معرفة الوضع الحقيقي للنساء في اليمن فليذهب إلى القرى أو المحاكم أو المنظمات، وسيكتشف الوجه الآخر لما تعيشه المرأة.

لا ينظر أصحاب هذه العقول إلى الفتيات اللاتي قتلن بسبب قضايا الشرف، القضايا التي يصبح القانون أمامها هشًّا قليل الحيلة "قضية شرف"، ليضيع حق الفتاة وتزهق روحها ليرفع ذكور العائلة رؤوسهم بعد إزهاق روح ابنتهم؛ إرضاء للمجتمع

بشكل أدق، في مجتمع كاليمن، يجب أن تكون المرأة دائمًا تحت رحمة وسطوة الذكر، عملًا بـ"الرجال قوامون على النساء"، حتى لو كان هذا الذكر سببًا في تعذيبها وتعنيفها وتحويل حياتها إلى جحيم.

قد يكون هذا الذكر أبًا أو أخًا أو حتى ابنًا. عندما يتحدثون عن المبالغة بالحديث عن حقوق المرأة يتناسون قضايا العنف ضد النساء، الحرمان من الميراث، منعها من الدراسة أو العمل، أو ربما الخروج من المنزل بشكل عام.

يتناسون قصة العنود التي أحرقها زوجها بماء النار، يتناسون قصة مروة البيتي، التي أحرقها زوجها وقتلها أمام أبنائها، بل ويتناسون الصغيرات اللاتي لقين حتفهن في صفقة تزويج في سن صغيرة جدًّا ولم يستطعن تحمل الآلام المتعلقة بالزواج، سواء العنف الجنسي من الزوج أو الحمل والولادة في سن صغيرة جدًّا.

يغضون الطرف عن النساء اللاتي يتزوجن بالإكراه، ويكون أزواجهن مختلين عقليًّا ومرضى نفسيًّين، لكنهن لا يستطعن الاعتراض؛ لأن طاعة الزوج من طاعة الله في الموروث الديني. إضافة إلى ذلك، في المجتمع العربي يعتبر الطلاق وصمة عار، ويفضل الأهل بقاء ابنتهم في منزل الجحيم على أن تعود عليهم مع وصمة العار "مطلقة".

لا ينظر أصحاب هذي العقول إلى الفتيات اللاتي قتلن بسبب قضايا الشرف، القضايا التي يصبح القانون أمامها هشًّا قليل الحيلة "قضية شرف"، ليضيع حق الفتاة وتزهق روحها، ليرفع ذكور العائلة رؤوسهم بعد إزهاق روح ابنتهم، إرضاءً للمجتمع.

من يدعي أن الموضوع فيه مبالغة لا يرى تلك العائلات التي تقتل أحلام بناتها وطموحها لمجرد أنها خلقت فتاة، بحجة أن المرأة مكانها في بيتها ويحرم عليها الاختلاط بالرجال. قد يمنعونها من الذهاب للمدرسة، وإن تفضلوا وسمحوا لها، يحددوا لها ما يسمح لها أن تدرسه وما هو ممنوع. أو ربما يقومون بتزويجها في منتصف رحلتها الدراسية؛ لأن "المرة ما لها إلا بيتها وزوجها". وبذلك يقتلون حلم الفتاة التي كانت في طفولتها تريد أن تصبح يومًا ما طبيبة أو مهندسة أو ربما عالمة آثار، فيتحقق الحلم بشكل معكوس، وتتحول هي أو ملامح وجهها إلى نحت أثري.

الكثير من التبريرات، التي يحتمي بها أصحاب "نظرية المبالغة"، غالبًا ما تكون جوفاء ومحشوة بالأدلة التي تم تعبئتهم بها وتوارثوها من الأجداد أو جاءت مستحدثة مع التيارات الدينية التي بدأت بالظهور وتسريع انتشارها بالتحريض ضد المرأة والتضييق عليها، بحجة المحافظة عليها وتكريمها.

لا أنادي بالحرية المطلقة للمرأة، ففي اليمن يكفي أن نرفع عنها الظلم فقط، وندحض الفكرة التي يتبناها أصحاب نظرية المبالغة بالحديث أن المطالبة بالحقوق هو مجرد رفاهية. هذه حقوقنا ولا يجب التفريط فيها والسكوت عنها في أي فترة من الفترات، والحروب ستسمح بتكريس العنف والاستبداد وتجعلهم يعيدون فكرة وأد البنات من جديد.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English