أربعة أيام بدون إنترنت: كيف تأثرت حياة اليمنيين؟

تضرر 23% من المستخدمين في صنعاء بسبب انقطاعه
وفاء سليم
January 26, 2022

أربعة أيام بدون إنترنت: كيف تأثرت حياة اليمنيين؟

تضرر 23% من المستخدمين في صنعاء بسبب انقطاعه
وفاء سليم
January 26, 2022

عاش اليمنيون أربعة أيامٍ عصيبة بعد توقف تامّ للإنترنت، شَمِل معظم المحافظات اليمنية، عقب استهداف طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات لبوابة الإنترنت الرئيسية بمحافظة الحُديدة (غربي اليمن).

مساء الخميس عند الساعة 10:15 تقريبًا، شنّ التحالف بقيادة السعودية والإمارات هجومًا جويًّا على مبنى الاتصالات (السنترال) في الحُديدة، والذي يربط اليمن بالبوابة الدولية لخدمة الإنترنت (الكابل البحري)، مما ألحق أضرارًا أدّت إلى انقطاع خدمة الإنترنت كليًّا عن معظم أنحاء البلاد. 

وتسبب انقطاع الإنترنت في بضعة أيام، بخسائر كبيرة، تصل إلى قرابة 4 ملايين دولار في اليوم الواحد، بحسب موقع NetBlocks المتخصص في أمن شبكات الإنترنت.

ويمتلك اليمن سبع منافذ خاصة بخدمة الإنترنت؛ منها أربعة منافذ برية، وثلاث منافذ بحرية، إلا أنه مع احتدام الصراع واستهداف شبكات الاتصالات أدّى إلى توقف 4 منافذ عن العمل وبقاء ثلاثة فقط، أهمها منفذ الغيضة البحري "فالكون" والذي يحوي الجزء الأكبر من السعات الدولية للإنترنت، إضافة إلى منفذ عدن البحري والذي تم تحديثه في 2014، إلا أنه لا يغطي مساحة كبيرة من اليمن ويقتصر على مدينة عدن حيث أعادت الحكومة المعترف بها دوليًّا تشغيله في العام 2018، لكسر سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على جميع شبكات الاتصالات والإنترنت في اليمن.

تبعات التوقف

لطالما لجأ اليمنيون للشبكة العنكبوتية تارة للبحث عن الأخبار ومتابعتها أو للدراسة والعمل والاطلاع، وتارة للترفيه والتسلية والهروب من واقع بلادهم عن طريق الضحك والسخرية من أوجاعهم، وتلك هي الشريحة الكبرى من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والتي تمثل نسبة 70,6% من خلال الاستبيان الذي قامت به "خيوط"، وأحيانًا للتواصل مع ذويهم في المهجر، الذين فرقتهم الحرب ولم تجمعهم سوى مواقع التواصل الاجتماعي لسهولة الاتصال عبرها.

لم ينتهِ الأمر بمعاناة طلاب الجامعات بسبب انعدام الإنترنت بشكل مستمر لفترات متفاوتة، بل وصلت المعاناة لطلاب المرحلة الثانوية، الذين أصبح جزء منهم يعتمدون على أخذ دروسهم عن طريق الإنترنت بعد عزوف بعض المعلمين عن التدريس وزيادة عدد الطلبة في الفصول الدراسية.

لكن انقطاع الإنترنت بشكل كامل في اليمن أثّر بشكل كبير على اليمنيين، بالرغم من قلة المدة التي توقف فيها الإنترنت عن العمل، والتي وصلت إلى أربعة أيام.

بحسب الاستبيان الذي قامت به "خيوط"، وشَمِل شريحة من المواطنين، فإن 23% من مشتركي شبكات الإنترنت في العاصمة صنعاء، والذين كانوا يمارسون أعمالهم عن طريقه، تأثروا سلبًا بسبب انقطاعه، ومنهم من خسر عمله نتيجة لذلك.

يونس سرحان، والذي يعمل في تصميم الجرافيك والمونتاج، يقول لـ"خيوط"، إنه تضرر بشكل كبير بسبب توقف الإنترنت؛ لأن عمله يعتمد اعتمادًا كليًّا على الشبكة العنكبوتية، حيث يتواصل مع عملائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لذا توقف عمله بنسبة 100%، وخسر كثيرًا من المتعاملين لديه.

لم يكن يونس فقط هو المتضرر من انقطاع الإنترنت في اليمن، فسارة يحيى، والتي تعمل في SHE IN YEMEN حكت معاناتها لـ"خيوط"، قائلة: "أصابنا انقطاع الإنترنت بصدمة كبيرة، وتعطل عملنا بسبب توقف الطلبات، حيث لم نستطع أن ننهي الطلبات السابقة؛ لأننا فقدنا الاتصال بالخارج لإنجاز العمل، وبالعملاء أيضًا لتأكيد طلباتهم والتأكد منها والإيداع لحساباتنا لتكملة الطلبيات، نتيجة توقُّف جميع شركات الصرافة والتحويلات".

جزء أساسي من الحياة

على الرغم من أن اليمنيين هم الأقل تواجدًا في شبكة الإنترنت على مستوى المنطقة العربية، لكن الأحداث الأخيرة والحرب التي تشهدها اليمن، ساهمت بشكل كبير في ازدحام الشبكة العنكبوتية بالمستخدمين اليمنيين بشكل كبير.

وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة المواطن اليمني، بل هي العين الأخرى التي من خلالها يستطيع معرفة ما يجري من أحداث في العالم، وتبرز فيها تفاعلاته ومشاركاته من خلالها.

يؤكد هشام المليكي، والذي يعمل في تصميم الجرافيك، لـ"خيوط"، أن الإنترنت أصبح جزءًا أساسيًّا في الحياة بشكل عام، وفقدانه يمكن أن يفقر دولًا لا أفرادًا فقط.

أما محمد القيسي، يعمل في مجال تقنية المعلومات، فيشير لـ"خيوط"، إلى أنّ توقُّف الإنترنت أجبره على تغيير نمط حياته اليومي بشكل كبير وقضاء وقت أطول مع العائلة بعد أن كان الإنترنت يستحوذ على الجزء الأكبر من يومه، هو وغيره من مستخدمي شبكة الإنترنت.

عبدالله حسان، تاجر، يوضح لـ"خيوط"، أن انقطاع الإنترنت تسبب في إحداث عجز في المعاملات التجارية والحوالات المالية الداخلية والخارجية والأعمال الحيوية في جميع أنحاء اليمن.

وفي سياق آخر، فإن غالبية الطلبة الجامعيين يعتمدون بشكل كبير على الإنترنت لتطوير دراستهم والقيام بالأبحاث والمشاريع وإشباع تخصصاتهم عن طريق الإنترنت من خلال المطالعة، ويمثّلون 6.4% من الطلبة في صنعاء.

يقول سامح منصور، طالب جامعي في كلية الهندسة، لـ"خيوط"، إن انقطاع الإنترنت أثّر بشكل كبير وسلبي على دراسته وجعلته يشعر بالإحباط والقلق، وعجز عن المذاكرة لأنه في مرحلة دراسية قائمة على وجود الإنترنت حسب تخصصه.

لم ينتهِ الأمر بمعاناة طلاب الجامعات بسبب انعدام الإنترنت بشكل مستمر لفترات متفاوتة، بل وصلت المعاناة لطلاب المرحلة الثانوية، الذين أصبح جزء منهم يعتمدون على أخذ دروسهم عن طريق الإنترنت بعد عزوف بعض المعلمين عن التدريس وزيادة عدد الطلبة في الفصول الدراسية؛ فالطالبة زينب، والتي تتغيب عن المدرسة بسبب انتقالها من مكان مدرستها لمكان آخر، تعتمد اعتمادًا كليًّا على "يوتيوب" لفهم دروسها والمتابعة أولًا بأول.

عودة إلى حين

يعتبر الإنترنت المعجزة الأكبر في تاريخ البشرية التكنولوجي، خاصة بعد توسع الشبكة العنكبوتية، والتي غطت على العالم بأسره، متجاوزة كلَّ الحدود والجغرافيا، حيث أصبحت في الآونة الأخيرة سلطة بحدّ ذاتها، لِمَا تحويه من كميات هائلة من المعلومات مع تعاظم تأثيرها على الرأي العام بمختلف توجهاته واختلافاته.

لذا أصبح الناس يقضون معظم أوقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، لإنجاز أعمالهم، وتوفير الوقت والجهد أو لتبادل الآراء، والترويح عن النفس.

وكانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات التابعة لحكومة صنعاء، قد أعلنت مساء الإثنين 24 يناير/ كانون الثاني، عن عودة خدمات الإنترنت في اليمن إلى وضعها الطبيعي في جميع المحافظات، بعد نجاح الفرق الفنية في إنجاز المراحل الأولى لعمليات الإصلاح وقدرتها في إنهاء أزمة انقطاع الإنترنت.

وأكّدت الوزارة في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) في صنعاء، عودة خدمة الإنترنت بعد انقطاع دام أكثر من 96 ساعة، عقب استهداف طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات لمبنى الاتصالات بمحافظة الحُديدة بغارات جوية أدّت إلى تدمير كُليّ للبوابة الدولية للإنترنت، نتج عنها عزل اليمن كليًّا عن العالم.

وجددت مطالبتها الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها، والعمل بشكل عاجل على تأمين وصول التجهيزات الفنية الإضافية اللازمة لاستكمال أعمال الصيانة لتعمل البوابة الدولية للإنترنت بطاقتها التشغيلية الاعتيادية، لضمان استمرار خدمات الاتصالات والإنترنت المرتبطة بكافة الخدمات الأساسية الأخرى كحق أساسي من الحقوق المكفولة بموجب القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.

ويظل انقطاع الإنترنت بشكل متواصل في اليمن خطرًا يهدد الآلاف من اليمنيين والذين يعتمدون في تجاراتهم ودراستهم عليه، كما أنه قد يسبب أضرارًا نفسية على بعض رواده؛ لأنه أصبح المكان الوحيد والملاذ المتاح لهم في ظل استمرار الحرب للتعبير وإيصال معاناتهم للعالم أو للترويح عن أنفسهم والتعبير عن همومهم، في ظل الوضع الراهن الذي أثّر على معيشة كثير من اليمنيين.


* تحرير/ خيوط


•••
وفاء سليم

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English