رحلة اليمنيّات الشاقّة للبحث عن الماء

في سبيل استمرار الحياة
منى الخطيب
November 28, 2022

رحلة اليمنيّات الشاقّة للبحث عن الماء

في سبيل استمرار الحياة
منى الخطيب
November 28, 2022
Photo by: Hamza Mustafa - © Khuyut

تتضاعف معاناة المرأة اليمنية بسبب الحرب المستمرّة، التي انعكست تأثيراتها على المجتمع ككل، والنساء على وجه الخصوص، نتيجة الافتقار لأبسط مقومات الحياة؛ كالغاز والماء والكهرباء، وغيرها من الخدمات.

تخرج فاطمة (49 سنة)، يوميًّا في الصباح الباكر لتعبئة الماء من خزانات المياه "السبيل"، بسبب عدم قدرتها المالية على شراء خزانات الماء، التي باتت أسعارها خيالية، في ظلّ أزمة النفط، فضلًا عن انعدام راتب زوجها الذي كان من الممكن أن يساعد من تخفيف وطأة المعاناة هذه.

دور رجل؛ في سبيل البقاء

تشير تقارير صادرة عن الأمم المتحدة أنّ 30% من ضحايا الحرب في اليمن، البالغ عددهم قرابة 47 ألف قتيل وجريح، هم من النساء والأطفال؛ الفئة الأضعف والأقل حماية.

في هذا الصدد، تتحدث لـ"خيوط"، المحامية والناشطة الحقوقية، إشراق الغرسي، قائلة: "تحمّلَت المرأةُ اليمنية مسؤوليات كبيرة بسبب الصراع الذي قضى على القائم من الخدمات الأساسية؛ إذ لا ماء ولا كهرباء، لا وقود ولا مؤسسات كفيلة بتوفير احتياجات المواطنين وحل إشكالياتهم، كانقطاع المياه، إذ تضطرّ إلى قطع مئات الكيلو مترات في مقابل الحصول على جالونات ماء للشرب وللاستخدامات اليومية". 

وتضيف الغرسي: "ارتدَت المرأة اليمنية رداء الرجل، وقامت بمهام صعبة وقاسية لكي تفي بمتطلبات بيتها، لم تعد تفكّر بمتطلباتها وتكوينها كامرأة، في مقابل توفير الماء لبيتها ولأطفالها، إذ تقضي الساعات والمسافات الطوال في نقله وجمعه، وتوفيره لتستمرّ الحياة".

هذا الواقع الذي وجدت المرأةُ اليمنية نفسَها تعيش في ظله، ريفًا وحضرًا، ليس دليل استكانة ورضا من قبل المرأة، لكن محدودية الخيارات أمامها، أجبرتها على تحمل مسؤولية حمل بيتها وأطفالها، بالمتاح والممكن، لكي تمضي الحياة وتستمرّ.

في سياق متصل، تشير إحصائيات أنّ نحو (6.1) مليون امرأة في اليمن، بحاجة ماسّة لخدمات الحماية والدعم، خاصة في ظل الحرب الدائرة التي فاقمت من الأوضاع المأساوية لليمنيين.

معاناة يومية

من جانبها، تقول شيماء، طالبة جامعية، لـ"خيوط": "أتألّم كثيرًا حين أشاهد والدتي تتكبّد عناء جلب الماء يوميًّا، مع أنّ مشروع المياه موصول لبيتنا، لكنه يتأخر كثيرًا؛ ما يضطرّ أمي للذهاب إلى "سبيل" على بعد عدة أمتار، لنقل المياه في أوعية أو جالونات سعة 15 أو 20 لترًا".

تتابع شيماء حديثها: "ليس لدينا القدرة على شراء خزانات ماء تجارية، كما أنّ إخوتي صغار، وليس بمقدورهم مساعدة أمي، لذلك أقوم أنا بتحضير الإفطار، فيما تذهب أمي لجلب الماء بمشقّة وجهد يفوق طاقتها".

خيارات صعبة

هذا الواقع الذي وجدت المرأةُ اليمنية نفسَها تعيش في ظله، ريفًا وحضرًا، ليس دليلَ استكانةٍ ورضا من قبل المرأة، لكن محدودية الخيارات أمامها، أجبرَتها على تحمّل مسؤولية حمل بيتها وأطفالها، بالمتاح والممكن، لكي تمضي الحياة وتستمرّ.

هذا ما تؤكِّده الناشطة والمحامية، نسمة النجار، بالقول: "تذعن المرأة أمام هذه الظروف، وتسايرها؛ لأنّها لا تملك خيارات أخرى، إذ إنّ التذمُّر أو الاستسلام يعني نهاية حياة، وهو ما تكافح المرأة في سبيل تجنُّبه، ولعل جلب الماء والحطب والرعي والفلاحة، والاشتغال بمهن وأعمال تناسب بنية الرجل وتكوينه الجسماني، أبرز ما تعاني منه المرأة، حتى في المدن وعواصم المحافظات، بفعل غياب الدولة واستمرار الصراع". 

وتضيف النجار: "أعجب بعد كل هذه الأدوار البطولية، التي كلُّها كفاحٌ وتحدٍّ ونضال، أن نجد أناسًا ينتقصون ويُقلِّلون من شأن ومكانة المرأة في المجتمع".

يكاد يكون المشهد واحدًا؛ طوابير طويلة لنسوة فاقدات الحيلة، يحملن الحياة محمل المكابدة، وطريق وعرة يكاد يكون مسدودًا لا أمل فيه لخلاص قريب.

•••
منى الخطيب

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English