حين يقتسم المتحاربون كعكة التراب!!

اليمن يغرق في مستنقع أمراء الحرب
خيوط
August 11, 2022

حين يقتسم المتحاربون كعكة التراب!!

اليمن يغرق في مستنقع أمراء الحرب
خيوط
August 11, 2022
Photo by: Mohamed Al-Selwi - © Khuyut

بعد أن دمّرت الحرب حوامل الحياة السياسية، ودمرت معها الحياة المدنية على هشاشتها في اليمن، ها هي تعيد تشكيل الجغرافيا بقوة سلاح المتحكمين على الأرض من الميليشيات والأذرع والتشكيلات العسكرية التي استنبتها رعاة الحرب ومموّلوها في البلد المنسي.

اليمن بعد أكثر من سبع سنوات صار أشبه بجمهوريات موز وكانتونات يديرها أمراء حرب ومستنفعون، يعملون تحت لافتات مراوغة، قادرة على تسييل مشاعر الأتباع الجياع وتهييج غرائزهم المناطقية والمذهبية والجهوية، ليبقوا على تأهبٍ دائم لخوض معارك غيرهم بأوهام صلبة ودم رخيص.

ميليشيات في الشمال حولت أيام اليمنيين القابعين تحت سيطرتها، إلى سلسلة من القيامات الدينية التي تستدعي زمنًا ميتًا، لتُحييه كتاريخ مقدس، يتوجب إعادة كتابته كوثيقة عهد بدمائهم في جبال وصحارى وسهول البلد المُفقر، حيث معارك السلطة التي تبحث عنها كحق سماوي لا ينازعها عليها أحد؛ سلطة جباية نَهِمة لا تشبع، تتضخم على حساب جوع اليمنيين وإفقارهم.

ميليشيات في الجنوب لم تزل تبيع أوهام استعادة (الدولة الجنوبية) بلافتات قروية فجّة وارتهانٍ مريع. تتنعم قياداتها ومنتفعيها بإيرادات كبيرة من الموانئ والمنافذ والجبايات على حساب مواطنين يقتلهم الحَرّ والجوع والغلاء؛ ميليشيا تعمل كمخلب تحت رعاية كفيل، لا همَّ له غير مصالحه في تعطيل الموانئ واستباحة الماء والجزر وتجيير الثروة.

بقيت محافظة "شبوة" طيلة السنوات الماضية، منطقة تماس بين ميليشيات الجنوب ومأرب، تتغذى على تنازعات مُسيِّري دفة الحرب، وكان لا بد من فضّ هذا التداخل المائع لصالح أحد الطرفين

ميليشيات في الوسط والشرق، قامت باختطاف المدن وتكوين تنظيمات موالية من المنفلتين وأصحاب السوابق الذين حوّلوا مدينة كـ(تعز)، إلى عنوان للفوضى والانفلات والارتداد الثقافي والاجتماعي، ومدينة كـ(مأرب) إلى إقطاعية عسكرية حزبية بموارد كبيرة، لا ينتفع منها غير الأتباع والموالين.

وميليشيا عائلية استنبتت في شريط التهريب التاريخي المطل على أهم الممرات الملاحية في المنطقة، لتؤدي وظيفة شرطي في المنطقة التي نهضت عليها سلطة العائلة منذ أواسط السبعينيات.

تنازع الإمارات والسعودية من جهة، وعُمان من جهة أخرى، وصل إلى معركة كسر العظم في محافظة المهرة، التي تريد دولتا التحالف ابتلاعها بعد سقطرى، وترى الثانية أحقيتها بها بحكم الجوار التاريخي والتداخل الاجتماعي والاقتصادي، ولكلٍّ من الدول الثلاث أذرعها الميليشاوية في المحافظة القصِيّة والبعيدة دومًا عن مركز السلطة المترهلة.

حضرموت بتنوعها الجغرافي وتعدد مواردها، هي في القسمة الكلية للرعاة، غدت من أملاك العربية السعودية بحكم العوامل الاقتصادية والولاء السكاني، بحكم الكثافة الهجروية الحضرمية في البلاد السعودية، وهو أمر يُسهِّل حضورها على التراب بدون مشاق تقريبًا.

بقيت محافظة "شبوة" طيلة السنوات الماضية، منطقة تماس بين ميليشيات الجنوب ومأرب، تتغذى على تنازعات مُسيِّري دفة الحرب، وكان لا بد من فضّ هذا التداخل المائع لصالح أحد الطرفين، وكان الواضح فيها أنّ الإمارات تريد تحييد ميناء بلحاف، أو تسليمها لحلفائها في مسعى اقتسام الغنائم مع السعودية في حضرموت والجنوب، ومع إيران في الشريط الغربي وشمال ووسط اليمن، حيث المخزون السكاني ومنجم الجباية الأكبر.

بدأت هذه المسرحية بسقوط مديريات بيحان وعسيلان بيد الحوثيين في سبتمبر 2021، بدون قتال، ليتم تحريرها لاحقًا بسهولة، بواسطة قوات العمالقة الجنوبية في مطلع العام 2022، التي استُدعيت من الساحل الغربي، حيث تركت فراغًا كبيرًا في مناطق واسعة من الدريهمي إلى الخوخة في محافظة الحُديدة لتمكين الحوثيين من التمدد فيها، بتفاهمات تنطلق من تسويات اقتسام السيطرة والنفوذ بين وكلاء القوى الراعية والمسيرة والممولة للحرب، التي تتعزز وتستدام أكثر بفعل تعاظم هذه المصالح، على حساب دم اليمنيين وأحلامهم وترابهم المقدس الواحد.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English