"طبيعيات المتكلمين"

الفلسفة؛ طريقٌ شاقّ لمعرفة الوجود!
خيوط
February 4, 2023

"طبيعيات المتكلمين"

الفلسفة؛ طريقٌ شاقّ لمعرفة الوجود!
خيوط
February 4, 2023

"طبيعيات المتكلمين" كتابٌ فكريّ، صدر مؤخرًا لأستاذ الفلسفة بجامعة صنعاء، د. إحسان عبدالجليل شاهر، عن مؤسسة أروقة للطباعة والدراسات والنشر بالقاهرة. يتألّف الكتاب من مقدّمة وخاتمة وفهرس المصادر والمراجع، وبابين، كلّ بابٍ منهما يتألف من عدة فصول.

تناول المؤلف في الفصل الأول، منظورَ المتكلمين للطبيعة بوصفها جملة الأجسام والأعراض، مبيّنًا موضوع الفلسفة الطبيعية، عندهم، وعرضَ في ذلك السياق، المعاييرَ التي ميّزوا بواسطتها بين الجسم والجوهر الفرد. وأبانَ موقف المعتزلة والأشاعرة من مشكلة الكليات، من خلال تبيان الدور الأنطولوجي لمقولة العرض في حلّ مشكلة العلاقة بين الله والعالم.

في الفصل الثاني من الكتاب، ناقش براهين المتكلمين على وجود الجوهر الفرد، وآراءهم حول العلاقة بين القسمة الفرضية والقسمة الآلية للجوهر الفرد، وعلى أساس ذلك صنّف براهينهم إلى ثلاث مجموعات من البراهين، وأبرز أوجه الشبه والاختلاف بين براهينهم وبراهين ديموقريطس ولوقيبوس.

في الفصل الثالث، بحث صفات الجوهر الفرد عند المتكلمين، وفسَّر لماذا أعاروا أهميةً كبرى للصفات الهندسية، ولماذا لم يعيّروا اهتمامًا كافيًا للصفات الميكانيكية للجوهر الفرد. وعند ذلك، أشار إلى فضل ابن حزم في بلورة حدس مفهوم الوزن الذري، وعلّل لماذا لم يكن ممكنًا، آنذاك، اشتغال العلماء والفلاسفة الإسلاميين بصياغة نظرية شبيهة بنظرية دالتون الذرية.

أَولَى المؤلف أهميةً خاصّة لدراسة العلاقة بين الامتداد والشكل في الجواهر الفردة، وحلّل التصورات الهندسية للجوهر الفرد عند بعض المتكلمين المتأخرين، وعلّل لماذا رفض البعض الآخر التصورَ الهندسي للجوهر الفرد. 

في الفصل الرابع، درس مشكلة تماسّ الجواهر الفردة، وعلاقة ذلك بمشكلة الحيّز والمساحة، وعقد بخصوص ذلك مقارنة بين مذهب المتكلمين وبين المذهب الذرّي للفايشيشكا ونقد البوذيين المتأخرين لذلك المذهب. وكشف مفهوم المتكلمين لكلية الجسم، وعدم تمييز المعتزلة بين الشيء والعلاقة، وتصوّر الأشاعرة للتماسّ بين الجواهر. وارتباطًا بذلك، حلّل رأي الأشاعرة حول استحالة تحلّل الكون إلى ذرات متناثرة، وأوضح الأسباب التي حالت دون تحوّل الذرية الإسلامية إلى مذهب كونيّ، وتطرّق في ذلك إلى موقف المتكلمين من مفهومَي الضرورة والمصادفة. 

وختم هذا الفصل، بتحليل الذرية الرياضية عند المتكلمين، التي تقول بتركب الخط من نقط متتالية، وتركب السطوح من خطوط، وتركب الأجسام الرياضية من سطوح، وقارن بين تصورات الفلاسفة المشّائين وتصوّرات المتكلّمين للأجسام الرياضية.

في الفصل الخامس، بحثَ العلاقة بين المتناهي واللامتناهي، وكشف تصوّر المتكلمين لتلك المشكلة. وأظهر كيف وظّف ممثلو الذرية الكمية من المتكلمين حُججَ زينون لدحض موضوعة النظام عن القسمة اللامتناهية، واستخدام الأشاعرة ذرية ديموقريطس الرياضية في البرهنة على وجود الجوهر الفرد، وربط مشكلة المتناهي واللامتناهي بمشكلة الاتصال والانفصال، على أساس المقارنة بين تصوّرات المشّائين وتصوّرات المتكلمين لتلك المشكلة.

في الفصل السادس، ناقش المؤلف الجذورَ الفكرية للذرية الإسلامية ومغزاها التاريخي والعقائدي، محلِّلًا فرضية التأثير الهندي، وأثبت عدم وجود شواهد قوية لصالح هذه الفرضية، مفسِّرًا تشابه الذرية الهندية والذرية الإسلامية بأسباب أخرى. 

وقد ميّز بين مرحلتين في تطور الذرية الإسلامية: مرحلة المعتزلة ومرحلة الأشاعرة، وأشار إلى السمات العامة لكلِّ مرحلة، مع التركيز على دور الأوضاع التاريخية والفكرية في تحديد تلك السمات، موضّحًا أهم العوامل التي منعت تحول المذهب الذريّ الإسلاميّ من مذهب ذريّ فلسفي إلى مذهب ذرّي ميكانيكي أو كيميائي.

في الفصل الأول من الباب الثاني، تناولَ المؤلف تفسيرَ المتكلمين السببيةَ والقانون الطبيعي من خلال تحليل آرائهم عن التولد والطباع، واستقصى تطور مفهوم الضرورة الطبيعية عند المعتزلة، وتطور مذهب الأشاعرة في السببية.

في الفصل الثاني، بحث مشكلة الحركة، وميَّز بين ثلاثة مواقف للمتكلمين من الحركة: موقف القائلين بأنّ الحركة صفة مطلقة، وموقف القائلين بأنّ السكون مطلق، وموقف القائلين بأنّ الحركة والسكون عبارة عن أعراض تطرأ على الجواهر والأجسام. وارتباطًا بذلك، ناقش مشاكل مثل وحدة الحركة، وفرضية بعض المتكلمين عن الوقفات الخفية لتفسير اختلاف سرعة سقوط الأجسام والتي اعتبرها مناقشة لم يخض بها أحدٌ من قبل. 

في الفصل هذا أيضًا، ناقش نظرية معمر بن المثنى في المعاني من منظور جديد، ووضح سبب غموض ذلك المصطلح، وفسره بالمعنى الضيّق، كأعراض جسمية، وبالمعنى الواسع، كأعراض جسمية وفكرية، ودرس نظرية النظام عن الكمون والظهور، متتبعًا تطورها اللاحق عند الجاحظ، وأبرز جذورها الفكرية اليونانية.

وسلط الضوء على آراء المتكلمين حول الاعتماد (الميل)، وحلّل تفسيرهم لسقوط الأجسام في الفضاء، وطفو ورسوب الأجسام في الماء، من خلال المقارنة بين تلك الآراء وآراء أرسطو وشراحه، وعرض تفسيرات المتكلمين لثبوت الأرض وشكلها.

وفي الفصل الثالث، بحثَ المؤلف مشكلةَ المكان والزمان، وفسّر رفض المتكلمين للتعريف الأرسطي للمكان والزمان، وناقش إثباتهم لوجود الخلاء خارج العالم، وتصوّراتهم للزمان الفيزيائي والزمان الرياضيّ، وأوضح أوجه الشبه بين مفهومهم ومفهوم أبيقور للحركة في الزمان والمكان الانقطاعيين، ومغزى تمييزهم بين المكان الكلي والمكان الجزئي، مختتمًا هذا الفصل بعرض تصورات المتكلمين للعلاقة بين القديم والزمان.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English