"بسمة" وحلمها الفني الضائع

نظرة دونية تجاه "فتيات المسرح"
نجوى حسن
April 26, 2022

"بسمة" وحلمها الفني الضائع

نظرة دونية تجاه "فتيات المسرح"
نجوى حسن
April 26, 2022

تُحْرَم كثيرٌ من الفتيات اليمنيات، من تحقيق أحلامهن في امتهان المجال الذي يرغبن فيه، نتيجةً للعادات والتقاليد ونظرة المجتمع تجاه بعض المجالات، التي يُنظرُ إليها على أنها حكرٌ على الرجال فقط. 

"بسمة" ذات العشرين عامًا، إحدى فتيات تعز اللاتي حُرِمْن من تحقيق أحلامهن؛ كانت ترغب في ممارسة التمثيل، إلا أن أهلها رفضوا دخولها هذا المجال، وأرغِمتْ على دخول مجالٍ آخر لا يناسب رغبتها، "هوايتي وميولي أن أصبح ممثلة، لكن والدي عارض دخولي إلى عالم الفن التمثيلي؛ ودخلت مجال الطب تلبيةً لرغبة أهلي"، تقول بسمة لـ"خيوط". 

اكتشفتْ بسمة موهبتها في التمثيل قبل ثلاث سنوات، وشعرتْ أنّ لديها رغبة كبيرة في أخذ الأدوار الرئيسة في المشاهد الدرامية، "كنت أتدرّب أمام المرآة؛ اكتشفت أنّي أتقن الأدوار الرئيسة ببراعة، لكن بسبب رفض أهلي، ونظرة المجتمع الدونية، جعلتني أعزف عن دخول هذا المجال"، تُوْضِح. 

نظرة دونية 

واجهت بسمة بعد ذلك، تحديات وعوائق كثيرة، حالت دون تحقيق حلمها في أن تصبح ممثلةً بارعة، رغم موهبتها في أداء الأدوار وتقمُّص الشخصيات، إلا أن ذلك لم يشفع لها أمام عائلتها، الأمر الذي دفعها إلى البحث عن ذاتها في مجال الطب. 

لا تخفي بسمة، خوفها من نظرة المجتمع، ومن موقف أقاربها إن هي قررت الاستمرار في ممارسة التمثيل، ذلك لأن "المجتمع لا يرحم، خاصة أقارب أهلي؛ خفت أن يمنعوا عني مصروفي، كوني ما زلت أعتمد عليهم كليًّا"_ بسمة لـ"خيوط". 

في السياق، تؤكد الناشطة الحقوقية، شيناز الأكلحي لـ"خيوط"، أن الأعراف والعادات والتقاليد والنظرة الدونية للمرأة، كرست الاعتقاد أنَّ مكانَ المرأةِ هو البيت فقط، ومهمتها الإنجاب وأعباء الزواج، إضافة إلى اعتبار عمل المرأة في مجال المسرح نوعًا من العيب، وافْتِرَاض أنها ذات سمعة سيئة، ومنحلَّة أخلاقيًّا، حد تعبيرها.  

تستطرد: "ينظر البعض إلى المرأة العاملة في مجال المسرح، من زاوية اجتماعية سلبية، وفقًا لاعتقادهم أن اللاتي يعملن في هذا المجال، سينتهي بهن المطاف إلى خلع الحجاب، والابتعاد عن عادات وتقاليد المجتمع، وتعاليم الدين الإسلامي".

فرص ضائعة

فشلتْ بسمة في إقناع وَالدَاهَا بمجال أحلامها، نتيجة موقفهما السلبي تجاه الفن المسرحي، إلا أن ذلك لم يمنع رغبتها في التمثيل، وحضور ورشات تدريبية في العمل المسرحي، والتماس الفرص المتاحة في هذا الجانب، حيث حصلتْ على فرصتها الأولى في إظهار موهبتها، خلال ورشةٍ تدريبية لاختيار ممثلين في المشاهد الدرامية، رغم أن مشاركتها اقتصرت على أداء أدوار ثانوية، بخلاف ما كانت تطمح، كما توْضِح لـ"خيوط". 

كما شارَكتْ في منافسةٍ لاختيار ممثلين لمسلسل رمضاني سنة 2020، وقام المشاركون بعرض الأدوار التمثيلية على المسرح، إلا أنَّ بسمة تملَّكها الخوف في البداية، حول كيفية إقناعهم بتقمص مشهدٍ مؤثر؛ تذكر أنها أدّت دورًا حزينًا، وتأثر الناس من أدائها، "بعضهم ما يزال يتذكر إلى الآن براعة الدور الذي أدّيته حينها، لكن لم يحالفني الحظ في الاختيار". 

عزوف المرأة عن المشاركات بالفرق المسرحية، ونظرة المجتمع إلى الثقافة والفنون بشكل عام، أدّت إلى إهمال الفن اليمني، كما أن الأكاديميات والمعاهد المتخصصة بتعليم التمثيل، تكاد تكون منعدمة في أغلب المحافظات اليمنية

تحديات

عزوف المرأة عن المشاركات بالفرق المسرحية، ونظرة المجتمع إلى الثقافة والفنون بشكل عام، أدّت إلى إهمال الفن اليمني، كما أن الأكاديميات والمعاهد المتخصصة بتعليم التمثيل، تكاد تكون منعدمة في أغلب المحافظات اليمنية، إضافةً إلى قلَّة الدعم المالي الخاص بإنتاج الأعمال المسرحية، بحسب الأكحلي. 

المخرج المسرحي، أحمد جبارة، قال لـ"خيوط"، إن نظرة المجتمع أثَّرتْ على الفتيات، خاصةً أن مجال الفن المسرحي يجتذب الطبقة الاجتماعية المعروفة بـ"المهمشين". 

ويشير جبارة، إلى عدد من الصعوبات التي يواجهها كمخرج مسرحي، وأبرزها: عدم وجود مبانٍ خاصة للعرض المسرحي، والافتقار إلى التقنيات الحديثة، إضافة إلى عزوف المرأة عن المشاركة في الأدوار المسرحية، نتيجةً لرفض الأهل، أو خوفًا من نظرة المجتمع.

غياب دور المرأة

على الرغم من ظهور العديد من الوجوه النسائية الشابة في مجال التمثيل، مثل سالي حمادة، ورغد المالكي، وأماني الذماري، ظلَّتْ نسبة الفتيات اليمنيات اللاتي التحقن بالفن والمسرح لا تتعدى 20٪ مقارنة بالرجال، وفقًا لجبارة. 

ويؤكد بعض المختصين، أنّ غياب المرأة في التمثيل، يعدُّ دليلًا على وجود خلل فيما يقدمه التليفزيون أو المسرح، كما هو خللٌ في الثقافة البصرية المعروضة، ذلك أن حظْر المرأة فنيًّا، لا يعكس مدى حضورها الفاعل في المجتمع. 

في حديثٍ لـ"خيوط"، تلفِتُ الإعلامية رندا الحمادي، إلى استحواذ الرجال على الأدوار التمثيلية في الغالب، رغم وجود نساء لديهن الرغبة في التمثيل، إلا أن الفرص لا تتاح لهن في تأدية المشاهد. وترى الحمادي، أن الفن اليمني يخلو من التجديد، ويقدِّم محتوى رديئًا، حد وصفها. 

في حين ترى الأكحلي، "أن بعض الفرق المسرحي لا تقدم محتويات هادفة، إنما تقوم بتقمص شخصيات هزلية ومضحكة". 

من هنا تأتي الحاجة إلى الاهتمام بالفن اليمني من قبل الجهات المختصة، ورعاية الفرق المسرحية في تقديم محتويات هادفة، وإشراك المرأة مع الرجل في هذا المجال، لتعزيز الرسائل الفنية، والتوعوية، والفنية، والإعلامية بشكل أعمق إلى الجمهور. 

•••
نجوى حسن

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English