شبام حضرموت تواجه خطر الانهيار والشطب

المدينة الطينية تحت تهديد الأمطار والسيول
صادق علي
August 15, 2020

شبام حضرموت تواجه خطر الانهيار والشطب

المدينة الطينية تحت تهديد الأمطار والسيول
صادق علي
August 15, 2020

في جنوب شرق اليمن بمحافظة حضرموت، تبدو مدينة شبام كلوحة رسمتها ريشة فنان محترف، حيث تظهر الزخرفة الطينية والجمال المعماري في كل بيت بالمدينة العتيقة، وبأشكال هندسية غاية في الجمال والإتقان، فضلا عن نوافذها التي تم تشكيلها ببراعة من الخشب، في تصاميم تأخذ بالاعتبار الستارة أيضاً، بحيث لا يرى الناظر من الخارج شيئاً.

‬ تعد مدينة شبام التاريخية من أقدم المدن اليمنية في محافظة حضرموت، وإحدى المدن المدرجة في قائمة التراث العالمي منذ العام 1982. وفي عام 2007، مُنحت شبام جائزة الآغا خان الدولية للعمارة، نتيجة لجمال هندستها المعمارية الطينية والتي يطلق عليها "منهاتن الصحراء"، لعظمة تاريخها المعماري. كما يطلق عليها "أول ناطحات سحاب من الطين في العالم"، حيث يرجع تاريخ إنشائها إلى ما قبل أكثر من 700 عام عندما استخدم اليمنيون أدوات بدائية لتشييدها من خلال خلط التراب وسعف النخيل.

  هذه اللوحة الفنية والتاريخية تواجه كغيرها من المدن اليمنية التاريخية خطر الانهيار والشطب، جراء ما تتعرض له من أمطار غزيرة والسيول الناتجة عنها، منذ سنوات، ولا سيما صيف هذا العام (2020). ويضاف إلى الأضرار التي أصابت المدينة، إهمال ترميم المنازل التي تعرضت لأضرار، وإهمال سور المدينة.

   جزء كبير من هذا السور تهدم في يوليو/ تموز 2020، جراء سيول الأمطار الجديدة، وأضرار خلفتها الفيضانات التي ضربت حضرموت خلال الأعوام الماضية. وعلى إثر كل تلك العوامل، ومنذ 2015، بدأت تبرز جلياً مظاهر الأضرار المتفاوتة في أجزاء من مدينة شبام التاريخية، التي تحوي أكثر من 500 مبنى، الأمر الذي دفع منظمة اليونسكو لتصنيفها، في يونيو/ حزيران 2015، كواحدةً من مدن التراث في العالم المهددة بالخطر.

تركت الحرب التي دخلت عامها السادس في اليمن آثاراً سلبية على الحياة المعيشية والاقتصادية على المواطنين في شبام، فمعظم سكان المدينة من ذوي الدخل المحدود

  ووجه أهالي مدينة شبام حضرموت، شرقي اليمن، نداء لحماية المدينة المصنفة على قائمة التراث العالمي. بعد تضرر عشرات المنازل التاريخية جراء سيول الأمطار، وتشير معلومات محلية بأن ما يقارب 40 منزلاً تضررت أسطحها وواجهاتها، وتسربت مياه الأمطار إلى داخلها، إضافة لجرف عدد من السيارات.

 المخاطر المتراكمة 

  في حديث لـ"خيوط"، يقول حسن عيديد طه، مدير الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية- فرع شبام ووادي حضرموت، إن من أكثر المخاطر التي تتعرض لها مباني مدينة شبام حضرموت، هي الامطار والسيول كون مباني المدينة جميعها مباني طينية.

  تركت الحرب التي دخلت عامها السادس في اليمن، آثاراً سلبية على الحياة المعيشية والاقتصادية على المواطنين في شبام، فمعظم سكان المدينة من ذوي الدخل المحدود .

  ويشير عيديد إلى أن مدينة شبام حضرموت، سجلت على قائمة التراث المهدد بالخطر نتيجة الانفجارات التي حصلت في المدينة سنة 2015، وهي الانفجارات التي تبناها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. كما يضيف أن الأضرار في مباني المدينة تراكمت منذ سنوات، بسبب عدم الترميم والصيانة، لتأتي أمطار هذا الموسم (2020)، التي هطلت بغزارة وبصورة مستمر على شبام، لتضاعف الأضرار في المباني.

  هطلت على شبام أمطار غزيرة خلال الأشهر الماضية، لا سيما أمطار الرابع من مايو/ أيار، والـ20 من يوليو/ تموز 2020. وبسبب الظروف المعيشية والاقتصادية لسكان المدينة، لم يتمكنوا من ترميم مبانيهم، ما أدى إلى ظهور أضرار كثيرة على معظم مباني المدينة .

  ويوضح عيديد، أن السلطة المحلية بمديرية شبام والهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بشبام، شكلت لجنة لحصر الأضرار في مباني المدينة، وأن بعد عملية الحصر "سيتم تحليل البيانات الميدانية لرفعها في تقرير مفصل عن حجم الأضرار والكلفة المالية للتدخل"، معبراً عن أمله في أن تسارع السلطات التابعة للحكومة المعترف بها دولياً والمنظمات الدولية، إلى التدخل العاجل لإعادة ترميم البيوت المتضررة .

تفاقم الأضرار وتوجهات التدخل

  تركزت الأضرار على واجهات بعض المباني في شبام، بسبب غزارة الأمطار وقوة هطولها، وخاصة بيوت الواجهة الجنوبية والطريق الرئيسي المؤدي إلى ساحة الجامع (جامع شبام)، فضلاً عن أضرار طالت سطوح بعض المباني وأدت الى تسرب مياه الأمطار إلى داخل الغرف. كما تضررت جزاء تلك الأمطار، أساسات بعض المباني وسور المدينة، خاصة في الأجزاء الشمالية والجنوبية المهترئة منه، والمتضررة من فترات سابقة، إضافة لتضرر أجزاء من البنية التحتية للمدينة، كالأرصفة وأحواض الصرف الصحي وغرف عدادات الكهرباء 

  بشأن الترميم العاجل لمباني شبام حضرموت المهددة بالخطر، قال مدير عام هيئة المدن التاريخية في شبام ووادي حضرموت ضمن حديثه، إن هناك توجه لتنفيذ مشروع ترميم عاجل لمباني المدينة. وهو مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي، عبر منظمة اليونسكو والصندوق الاجتماعي للتنمية، وعبر مشروع الأعمال الطارئة لمشروع البنية التحتية، مع إدراج معالجة الأضرار الطارئة لمنشآت الكهرباء والاتصالات، ضمن مشروع ترميم البنية التحتية.

  كما تتضمن هذه الترميمات- حسب عيديد- استكمال مشروع الرصف، خاصة الطريق المؤدي من القصر إلى ساحة جامع شبام، الذي تركزت فيه الأضرار خلال موسم الأمطار لهذا الموسم بسبب عدم رصفه، وترميم سور المدينة، كمرحلة أولى، مع ضرورة تنفيذ المرحلة الثانية من مشاريع اليونسكو الحالية، لإعادة تأهيل المدينة بصورة كاملة.

  ويتابع عيديد، أنه "منذ ما يقارب سنة ونصف والتواصل لم ينقطع بين الهيئة مع الجهات المانحة، لسرعة التدخل في ترميم بعض مباني مدينة شبام وتنفيذ مشاريع أخرى"، لافتاً إلى أن هذه الاتصالات أسفرت عن تمويل مشاريع للمدن المسجلة على قائمة التراث العالمي اليونسكو: "صنعاء، زبيد، وشبام حضرموت". كما أضيفت للمشروع بعض المواقع التاريخية في مدينة عدن، من قبل الاتحاد الأوروبي، عبر منظمة اليونسكو والصندوق الاجتماعي للتنمية، وأن هذه المشاريع ستنفّذ بآلية "النقد مقابل العمل"، أو الإدارة الميدانية، بهدف الحفاظ على التراث المعماري في اليمن، وإيجاد فرص عمل للمجتمعات المحلية في المدن التاريخية.

  حالياً، وحسب حديث هذا المسؤول، سيتم تنفيذ مجموعة من المشاريع في مدينة شبام، أبرزها مشروع ترميم 40 مبنى، ومشروع ترميم سور المدينة، ومشروع ترميم الأضرار التي أصابت مكونات البنية التحتية، ومشروع إزالة جزء من أشجار "السيسبان"، النابتة في مجرى السائلة المقابلة للمدينة. كما ستنفذ بالتزامن مع هذه المشاريع، "بعض برامج التدريب والتوعية حول التراث الثقافي في مدينة شبام" .

  وكانت الحكومة المعترف بها دولياً دعت في رسالة وجهها مندوبها في منظمة اليونسكو، إلى المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) السيدة أودوراي أوزولاي، إلى سرعة حماية مواقع التراث العالمي في اليمن، لمواجهة الآثار الناجمة عن السيول والأمطار التي شهدتها اليمن مؤخراً، وأدت إلى تأثر عدد من المواقع التاريخية، وخاصة المسجلة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

  • تحرير خيوط

*الصور من مكتب الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية فرع سيؤن والوادي بمحافظة حضرموت


•••
صادق علي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English