سبتمبر وسردية اليمن المكتوبة

إطلالة على كتب المذكرات والشهادات
طه العزعزي
September 24, 2023

سبتمبر وسردية اليمن المكتوبة

إطلالة على كتب المذكرات والشهادات
طه العزعزي
September 24, 2023
.

حتى هذه اللحظة، وبعد أن مضت ستة عقود زمنية على قيام ثورة 26 سبتمبر في العام 1962، لا يزال الحدث الثوري يستمد معارفه من وقائع تلك الفترة، ومرحلة ما قبلها وما بعدها كانت كلها محطة تاريخية واحدة، وهي سبتمبر، يقف عندها الكثير من المحللين والباحثين والمفكرين بحال المصححين المناقضين والمراجعين لكثير مما كتب، وما تخلل التاريخ اليمني من التناقضات المروية. 

في كتابه "الثقافة والثورة في اليمن"، لاحظ عبدالله البردّوني هذه المشكلة في مسألة سردية الكتابات التي كتبت عن الثورة، وبحسبه أن "الذي لا يبدو مفهومًا هي هذه الكتابات عن ثورة سبتمبر كأنها معجزة نزلت من السماء أو كأنها بداية الوجود اليمني، فعلى تعاقب تسع وعشرين سنة تردد بعض كتاباتنا أسطوانة واحدة"(1).

وقد عاب الأستاذ البردوني في نفس الكتاب، دورَ مركز الدراسات والبحوث اليمني كمؤسسة ثقافية، لماذا يوثِّق مركز الدراسات والبحوث اليمني للثورة بشهادات معاصرين للأحداث ولا يستكتب مؤرخين لهم تجارب في كتابة التاريخ؟ "وبحسب تساؤله هل السبب أن مركز الدراسات اليمني يستكتب غير كُتّاب ليتحدثوا عن أنفسهم وعن الأحداث من خلالها كصانعيها أو كمشاركين في صنعها، ويستأرخ غير مؤرخين يجترون التاريخ من حساسية ذاتية، وعصبية عائلية؟"(2). 

وتتلخص السردية التاريخية في اتجاهات متعددة في الكتابات السيروية والشهادات والقراءات والمعاينات الخارجية، أنجزها فاعلون ثوريون وصانعو حدث، ومعارضون سياسيون، ورحالة وباحثون وسياسيون عرب وأجانب، وتتلخص فيما كتبه مصريون وعراقيون عن الثورة في الأولى والثانية فيما تناوله الكتّاب والسياسيون والدبلوماسيون السوفيت والبريطانيون، وتخلل هذه الكتابات أيضًا تقارير البعثات الطبية والهندسية.

تختلف اتجاهات كتب المذكرات وشخوصها، والمواقف التي تحملها (شخصية وأيديولوجية)، وهنا إطلالة على بعض عناوين المذكرات والشهادات المكتوبة، ومواضع أصحابها.

مذكرات السياسيين 

ومنهم:

  • عبدالرحمن يحيى الإرياني، (مذكرات الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني- 3 أجزاء)
  • محمد عبدالله الفسيل، (الحياة التي عشت - حكايتي مع تحولات الفكر والسياسة في اليمن) 
  • أحمد محمد نعمان (سيرة حياته الثقافية والسياسية)، تحرير الدكتور علي محمد زيد
  • محسن العيني، (خمسون عامًا في الرمال المتحركة) 
  • عبدالغني مطهر، (يوم ولد اليمن مجده)
  • أحمد محمد الشامي، (رياح التغيير في اليمن) 
  • حسن محمد مكي، (أيام وذكريات)
  • أحمد حسين المروني، (الخروج من النفق المظلم)
  • محمد عبدالعزيز سلام، (أحداث وذكريات)
  • أحمد جابر عفيف، (شاهد على العصر)
  • محمد عبدالواسع حميد الأصبحي، (يتذكر)
  • عبدالملك الطيب، (نكسة الثورة)
  • حسين عبدالله المقدمي، (ذكريات وحقائق للتاريخ)

مذكرات شخصية أخرى قاربت الحدث 

 ومنها:

  • العزي صالح السنيدار، (الطريق إلى الحرية) 
  • سلطان أحمد زيد، (محطات من تاريخ حركة اليسار في اليمن- تجربة شخصية) 
  • حسين علي الحبيشي، (ذكريات وحقائق للتاريخ) 
  • ‍حياة تُملِّحُها الحكايات - حسين السفاري وأيامه، طبعة خاصة 
  • د. محمد علي مقبل، (الماضي المقلق من العمر)

الكلمة بدلًا عن رصاصات الضباط

  • اللواء صالح علي الأشول (حقائق ثورة سبتمبر اليمنية إعدادًا وتنفيذًا)
  • اللواء عبدالله الراعي (قصة ثورة وثوار) 
  • اللواء الركن يحيى مصلح مهدي (شاهد على الحركة الوطنية) 
  • اللواء الركن حسين المسوري (أوراق من ذكرياتي)
  • اللواء الركن علي محمد صلاح (من مذكراتي)
  • العقيد عبدالقادر الخاطري (حقيقية الثورة وأسرارها) 
  • اللواء علي محمد هاشم (مسيرة الحركة الوطنية)
  • ذكريات ومحطات من سيرة محمد عبدالكريم المأخذي

عين المشايخ 

رموز مشايخ في اليمن دونوا مذكراتهم، منهم:

  • عبدالله بن حسين الأحمر، (قضايا ومواقف)
  • الشيخ سنان أبو لحوم، (اليمن حقائق ووثائق عشتها)
  • الشيخ أحمد إسماعيل أبو حورية، (شهادتي.. وشواهدي)

وللشيخ أحمد علي المطري شهادة مهمة عن حصار صنعاء، في كتاب علي محمد العلفي عن الحدث.

وعين الخارج على الداخل 

الكتابات التي رأت اليمن من خارجها في أزمنة مختلفة عديدة ومتنوعة، منها ما دوّنه أمين الريحاني في كتاب (ملوك العرب) مطلع العشرينيات، والتونسي عبدالعزيز الثعالبي (في الرحلة اليمانية) في ذات الفترة، والفرنسية كلودي فايان في كتابها المميز (كنتُ طبيبة في اليمن) الذي ترجمه محسن العيني وصدر 1955م. وغير هذه الإصدارات، هناك:

"ذكريات دبلوماسي عراقي لإبراهيم الولي، ومذكرات دبلوماسي في اليمن ج. انكارين 1928م، مذكرات دبلوماسي في اليمن للروسي جورجي ألكسندروفيتش أستاخوف، وكتاب تاريخ البعثة العسكرية العراقية إلى اليمن للفترة من 1940 إلى 1943، ومذكرات لوسيل فيفرييه (أحداث عشتها في اليمن)، الذي ترجمه خالد طه الخالد. وكتاب اليمن عشية الثورة (تقرير البعثة الألمانية)، ترجمة د. أحمد قائد الصايدي. 

العقل السياسي الراهن

اليوم نحن أمام معضلة تاريخية فيما نملكه من كتب المذكرات، ولا نملك الحقيقة، بحيث لا حقيقة ثابتة في ظل تعدد الآراء وتباينات الرواة، وفيما يتعلق بالشخوص وترأسهم صيغة مسايرة مسارات الأحداث في مذكراتهم التي هي بالطبع جزء من السير الذاتية، سيتضاعف الأمر، وسيبدو علينا صعبًا جمع سيرة واحدة. 

أنجزت المذكرات وقت ما شهدت اليمن تحولًا في الجانب الثقافي في مرحلة كوّنت وعيًا لا يستهان به، وأثناء ما تداعت اللحظات لضرورة التاريخ لهذا الحدث، صدرت العديد من الكتب، قرأها الكثير من اليمنيين، فتبين نقصانها وتشويهها للأحداث، وكمون الضديات وتوجيه مفردات للطعن في سيرة وحياة بعض الشخصيات الثورية.  

وفيما هو عهد وعرف كتابي معروف لدى الجميع من المثقفين والأدباء الذين تحكمهم طقوس متنوعة ومختلفة عند مزاولة مهنة التأليف، غالبًا ما يكون الاشتغال وقضاء أوقات طويلة على الورق جزء من الكتابة المرتبطة باليومي، لكن في اليمن تختلف كتب المذكرات في طقوسها، لمنحى آخر، غير إبداعي وإنما تاريخي، وصعب هو باليومي. 

من أبرز أوجه انحراف سردية اليمن التاريخية في كتب المذكرات، طمع بعض الثوار في الدخول مجددًا التاريخ، عبر إطلاق سردية شخصية موازية للسردية الثورية العامة، ومن هنا لن ينفك هذا البعض من ترك قيام سردية واحدة، بفضلها كان لا يمكن أن يدخل قارئ اليوم في متاهة، زاد إصرارهم على إخراج الكتب، قبل مماتهم، وزادت كذلك الرؤى والأبعاد والروايات، كلٌّ يسرد الحدث من مكان تواجده وموقعه الثوري ورؤيته الخاصة. 

وقد كان من السهل أيضًا بعد أن تلت المذكرات مرحلة ما بعد زمن الثورة بعقود، أن توفق بين شخصنتها وتشخيصها للحدث بطرق وأساليب تذكُّرية من خلال القفز نحو الماضي واسترجاعه لحظيًّا من فضاء التخيل فقط، وكل هذا بلا أي شك كان يدفع دومًا للاحتمالات والتعاطي مع هذه الظاهرة ويثير العديد من التساؤلات. 

تاريخيًّا أصبح من السهل التواجد في العقل اليمني عند بعض من يمتلكون السلطة والقوة والسلاح، فطبيعة العقل اليمني يبدو أنها تهمل الفكرة من أساسها، وتنظر للشخص ومكانته، موقعه الاجتماعي والديني والقبلي، وقوته أيضًا، ومن بيت من هو! وما إلى ذلك من التعديات. 

الهوامش:

١- عبدالله البردّوني، الثقافة والثورة في اليمن، مطبعة الكاتب العربي، دمشق، تاريخ النشر عام 1991م، ص61. 

٢- المرجع نفسه، ص212.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English