تجارة بيع الفيز في اليمن

استغلال ضحيته الشباب
محمد عمر
December 17, 2022

تجارة بيع الفيز في اليمن

استغلال ضحيته الشباب
محمد عمر
December 17, 2022

حلم محمود علي الصربي (35 سنة) من أبناء محافظة حجة، بالسفر لتوفير لقمة العيش، بعد أن عجز عن إيجاد فرصة عمل في اليمن، فكر الصربي بالذهاب للسعودية بطريقة مشروعة، حيث اتفق مع مكتب (بن عواض للسياحة والسفريات) على أن يدفع مبلغ 10 آلاف ريال سعودي مقابل تأشيرة عمل، لكنه تعرّض للاحتيال! 

يتحدث الصربي أنّه وقع ضحية للمدعوّ عبدالكريم يحيى هادي عواض، صاحب مكتب بن عواض، الذي باعه (فيزا) مزورة، وليست بالشروط التي بيعت على أساسه: "نصب عليّ المدعو عبدالكريم يحيى هادي عواض، بـ(فيزا) قيمتها عشرة آلاف ريال سعودي، دفعت قيمتها لأسافر للسعودية، حيث تضمّ الفيزا توفير شغل وكفالة لمدة سنة كاملة، لكن حين وصلتُ المملكة لم أجد كفيلًا ولا شغلًا ولا حتى إقامة، إذ إنّ تأشيرة الدخول انتهت خلال ثلاثة أشهر، والأدهى أنّ المدعوّ رفض التجديد لنا، طالبًا منّا البحث عن كفيل، وإلّا فإنّ مؤسسته لن تقبلنا!"؛ يقول الصربي.

بداية الإخلال

ويضيف: "اتفقنا على فيزا حرة، أعمل بموجبها لدى كفيل أو في أي عمل آخر، على أن يستصدر لي مكتب عواض إقامة لمدة سنة كاملة، والتجديد بعد انتهائها بنحو  650ريالًا سعوديًّا فقط، على أن ينجز التأشيرة في مدة شهر كحدٍّ أقصى، لكن الفيزا ظلت ثلاثة شهور وأكثر في المكتب، فيما بلغت قيمة تجديد جواز السفر ألفَ ريال سعودي". 

ويتابع: "كان من ضمن الاتفاق أن أصل للسعودية على عمل جاهز، لكنّي وصلت لهناك بلا عمل، تواصلت به من أجل الإقامة، ظلَّ يتلاعب بي شهرين كاملَين، إثرها استصدر لي إقامة لمدة ثلاثة شهور فقط. تواصلت به ليعطيني رقم الكفيل، فلم يرد عليَّ إطلاقًا، وبعد شهر من المحاولة، رد قائلًا: "لا يوجد لدينا تجديد، ولا كفيل، دبّر نفسك وابحث عن كفيل!". 

ذهب بعد ذلك إلى مكتب العمل للاستفسار عن المؤسسة، بحسب حديثه، فكان ردّهم: "هذه مؤسسة عليها خط أحمر، لا تستطيع أن تجدّد الإقامة عبرها"، وعليه يتوجب التحويل لمؤسسة أخرى بمبلغ 12 ألف ريال سعودي، إذ تحول حاليًّا إلى مقيم، تحت بند "مجهول"، ومهدّد بالترحيل من قبل السلطات السعودية.

في أدراج مكاتب التخليص في العاصمة صنعاء، ولمدة ثلاثة إلى خمسة أشهر، تتكدس جوازات المواطنين الراغبين بالسفر إلى السعودية، حتى صدور التأشيرة.

بالمثل وقع محمد درب، شاب يمني من أبناء محافظة حَجّة، في فخ المؤسسة ذاتها (مكتب بن عواض للسفريات والسياحة)، يقول درب لـ"خيوط": "قطعت تأشيرة عند هذه المؤسسة في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول سنة 2021، لكن الجواز تأخر لمدة خمسة أشهر، أي إنّي تحصّلت عليه في فبراير/ شباط 2022، حتى طلعت الفيزا".

"لدي رسائل الاتفاق، حين قال: "ادخل للرياض، وهناك ستجد عمك (الكفيل) وسوف تشتغل لديه". وصلت الرياض، وعملت على مراسلة مكتب بن عواض لمدة أسبوعين، ولم يردّوا"، يردف درب.

ويضيف بالقول: "بعد فترة، ردَّ عواض بالقول: اذهب إلى تبوك وسوف تجد عمك هناك! أخبرته أنّني في الرياض حسب الاتفاق، لماذا أذهب إلى تبوك، لكن أكّد لي أنّ العمل في تبوك".

"سافرت من الرياض صوب تبوك، ووصلت إلى عند شخص اسمه أبو حسن، عملت لديه شهرين ومعي خمسة أشخاص يمنيين، لم يحاسبني ريالًا واحدًا، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم وأنا أتواصل بمكتب ابن عواض، دون أن يرد، بالرغم أنّي بدون إقامة حاليًّا".

من ناحيته، رد مدير مكتب مؤسسة عبدالكريم عواض، على هذه الادعاءات التي نقلتها له "خيوط"، بالقول: "كل هذه الاتهامات كاذبة، ولا أساس لها من الصحة".

سمسرة وتزوير

في العاصمة صنعاء، وتحديدًا في شارع الستين، يتفنّن سماسرة في مستشفى آزال، الذين لهم عدة طرق في قبول الشخص الذي لم يبلغ عمره 22 سنة، في مركز فحص العمالة.

يقول حسين محمد (اسم مستعار)، شاب من أبناء محافظة الحُديدة، يصف لـ"خيوط" طريقة قَبوله في مركز فحص العمالة بمستشفى آزال، رغم عدم بلوغه السنّ القانونية (المقدرة بـ22 سنة): "جئت إلى مستشفى آزال للفحص الطبي في مركز العمالة، لكن هناك من أخبرني أنّه لن يتم قبولي بسبب صغر سنّي، إذ ليس لدي لحية تدل على أنّني من مواليد سنة 1998، وبعد أن تفحّص ملامحي ألغى الموظف المعني تاريخ الميلاد في بطاقتي الشخصية، وهو 2002، لكنه قال لي: إنّ هناك طريقة أخرى تستطيع من خلالها تجاوز هذه العقبة، عبر دفع مبلغٍ وقدره 1200 ريال سعودي كي يتم قَبولك".

يتابع حسين:" فكرت في الأمر، وأخبرته أنّي سأعرض الموضوع على أبي، بعد ذلك عدت إلى الفندق وعملت على التواصل مع والدي وشرحت له ذلك، وبعد عدة رسائل وافق، وجهّز المبلغ المطلوب لليوم التالي".

ويستطرد حسين: "اتصلت بالوسيط ليتفق مع أحد السماسرة، وتم الاتفاق على أن أرسل صورة الجواز سكانر، وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا، التقينا تحت جسر مذبح بشخص يقال له دكتور، صعدنا سيارته وأخذ مني الجواز"، ويكمل: "بعد أن سألني إن كنت قد عملت فحصًا سابقًا، فأجبته بالنفي، بعدها بدأ يشرح لي بعض التعليمات التي عليَّ الالتزام بها حين أدخل مركز الفحص، ومن ضمنها أنهم إذا سألوني عن مؤهلي الدراسي، أجيب بأنّي بالثاني الثانوي، بعدها أنهى الإجراءات بطريقة رسمية حتى يتم تحويلي إلى قسم التسنين (الأشعة)، والذي يقع في بدروم مستشفى آزال قرب عيادة الطوارئ، على أن ينسق هذا الشخص (الدكتور) مع العميل الذي هناك، حيث كان قد أرسل له اسمي وصورة الجواز عبر تطبيق (الواتساب)".

ويضيف حسين: "تم تحويلي بالفعل، ونزلت إلى قسم الأشعة التي يتواجد فيها العميل، وضعت يدي على الجهاز، ولم يسمح لي بالبقاء هناك بعدها، بل طلب مني الصعود للدور الأول والانتظار حتى يأتي بهن مسؤول التوصيل".

"عدت إلى قسم الفحص الذي يتواجد فيه المئات من الشباب، وانتظرت ساعة، حتى جاء شخص أسمر طويل القامة وفي يديه جوازات لمن أجروا عملية الكشف، وبدأ ينادي بالأسماء، كان اسمي ضمن المقبولين، لكني لم أدفع المبلغ في ذلك الوقت، بل أخبرته حين أستلم الفحص الطبي المكتوب عليه "لائق"، سوف أدفع له 1200 ريال سعودي، وبالفعل ذهبت في المساء لأجد الفحص مكتوبًا عليه لائق (مقبول)"، ينهي حسين سرد قصته لـ"خيوط".

في أدراج مكاتب التخليص في العاصمة صنعاء، ولمدة ثلاثة إلى خمسة أشهر، تتكدس جوازات المواطنين الراغبين بالسفر إلى السعودية، حتى صدور التأشيرة.

أيوب يحيى، انتهى من تجهيز الملف الطبي والصحيفة الجنائية، وتوجه لتسليمها، مع صورة البطاقة الشخصية للكفيل، بالإضافة لصورة من التفويض وأخرى للتأشيرة، إلى المكتب الذي تم تفويضه باستخراج التأشيرة، ودفع مبلغ 700 ريال سعودي وعشرة آلاف ريال يمني، ليحصل على سند قبض، على أمل أن يخرج الجواز خلال شهر، كما قال موظف الإصدار.

يقول أيوب لـ"خيوط": "مرّ الشهر الأول ولم يتم استخراج الجواز، اتصلت بالمكتب عدة مرات، وكان ردّهم أنّه ما يزال في السفارة، مرّ بعدها الشهر الثاني والثالث، وكلما تواصلت معهم أخبروني أنّه سيصل بعد أسبوع، وأحيانًا بعد عشرة أيام، لكن كل الوعود كانت كاذبة، ذهبت إليهم لمعرفة السبب الذي يقف وراء هذا التأخير رغم أنّ كل الأوراق صحيحة، وأخبرتهم أنّني سوف أرفع عليهم شكوى في قسم الشرطة، فطلبوا مني مهلة أسبوع، فوافقت. اتصلت بي الموظفة لتخبرني أنّ التأشيرة جاهزة، وأنّ الجواز سيكون في المكتب قريبًا، شعرت بالبهجة وقتها، إلّا أنّ الجواز لم يصل من سفارة اليمن في السعودية لعدن ثم إلى صنعاء إلا بعد عشرين يوما".

في المقابل، نفى مكتب (ج.س) للسفريات وخدمة الأيادي العاملة، صحة هذه الادعاءات، مبيِّنًا أنّ ما قيل لـ"خيوط" من شكاوى، محض افتراءات وإشاعات، ولا أساس لها من الصحة".

استغلال ومتاجرة

تستغل بعض مكاتب خدمات السفر المعتمدة من قبل السفارة السعودية في صنعاء، رجوعَ بعض الجوازات الخاصة بالشباب، لتساومهم على مبلغ 3500 ريال سعودي، نظير أن يتكفل أحد الأشخاص في المكتب بمتابعة الجواز حتى تتم الموافقة واعتماد التأشيرة، طبعًا بطرق غير قانونية، كون الشباب تحت السنّ القانونية، إذ يتفق الطرفان على مبلغ يُسلَّم جزءٌ منه مقدّمًا، وجزء آخر حين يعود الجواز من السفارة، وبعد شهر ونصف يحصل الشخص على الموافقة، فيدفع ما تبقّى عليه من المال، ويستلم جوازه مع التأشيرة.

أرادت "خيوط" التأكّد من ادعاءات من تحدّثوا إليها، فتواصلت بعدة مكاتب وبعض السماسرة، لتمرير جوازٍ كان قد تم رفضه في السعودية، وبالفعل كانت هناك استجابة، إذ طلبوا ابتداء معرفة اسم المكتب الذي عامل للجواز والعمر، إضافة لإرفاق صورة للجواز، والانتظار في حال كان هناك مجال. في اليوم التالي، تمت الموافقة على المعاملة بطريقة غير رسمية، وإصدار التأشيرة.

الجدير بالذكر أنّ القانون اليمنيّ، يرى أنّ هذه الحالات تدخل ضمن طائلة النصب والاحتيال، في هذا الصدد يقول المحامي عبدالرقيب حمود، لـ"خيوط": "يُنظَر إلى ظاهرة النصب والاحتيال بأنّها جريمة تستوجب العقاب (الحبس والغرامة)".

مؤكّدًا أنّ أسباب تنامي هذه الظاهرة، هو إفلات بعض مرتكبيها من العقاب، إمّا بالهروب أو الاختفاء بعيدًا عن أنظار الأمن، أو تدخل بعض الوجهاء وحل القضية بالصلح القبلي، وعدم معاقبة النصابين والمحتالين.

•••
محمد عمر

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English