انطلاق أعمال مؤتمر الرياض "بمن حضر"

بين غياب سلطة صنعاء وخيبة الأمل الاستباقية من نتائجه
سكينة محمد
March 30, 2022

انطلاق أعمال مؤتمر الرياض "بمن حضر"

بين غياب سلطة صنعاء وخيبة الأمل الاستباقية من نتائجه
سكينة محمد
March 30, 2022

انطلق اليوم الأربعاء مؤتمر الرياض في العاصمة السعودية متأخرًا عن موعده يومًا واحدًا، وسطَ حالة جدل في الساحة اليمنية على المستوى السياسي والشعبي.

وعشية المؤتمر المنعقد بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي في الرياض، أعلن "التحالف العربي" الذي تقوده المملكة العربية السعودية، عن وقف عملياته العسكرية في اليمن ابتداءً من صباح اليوم، استجابة لدعوة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، نايف الحجرف؛ بهدف تهيئة الظروف السياسية لنجاح المشاورات اليمنية. 

 ويحضر هذا المؤتمر ممثلون عن الحكومة المعترف بها دوليًّا، والأحزاب السياسية اليمنية، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات طارق صالح المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى ممثلين عن تيارات وقوى سياسية أخرى، مع غياب كامل لجماعة أنصار الله (الحوثيين) الذين أعلنوا رفضهم المشاركةَ في المؤتمر. 

 وبررت جماعة أنصار الله (الحوثيين) التي تسيطر على الغالبية العظمى من المناطق الشمالية في اليمن، رفضها حضور مؤتمر الرياض بحجة أن السعودية "طرف أساسي في الحرب" الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات، كما جاء في تغريدة لمحمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى. 

ومن صنعاء، قال لـ"خيوط" الصحفي حامد البخيتي: "في اعتقادي إذا كان أُقيم المؤتمر في دولة محايدة كان ممكن حضور الحوثيين".

ويرى صحفيون ومراقبون يمنيون أن عدم حضور الحوثيين المشاورات التي أُعلن أنها "يمنية-يمنية" في مؤتمر الرياض، لن يخدم عملية السلام المنشودة لليمن وإنهاء الحرب، كونهم الطرف الأكثر قوة وتماسكًا في معادلة الصراع اليمني على الواقع. إذ "لا قيمة للحوار ولن يكون هناك سلام إذا كان الحوثي غائبًا"، حسب الصحفي أنيس منصور. 

في وضع إنساني خانق، لم يكتم اليمنيون سأمهم من عقد المؤتمرات الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب، فضلًا عن تشكيكهم بنتائجها بناءً على الإخفاق في إيقاف النزاع المسلح ووقف الانهيار الاقتصادي.

 ويرى عبدالواسع الفاتكي، محلل سياسي، في حديثه لـ"خيوط"، أن "حصرَ مهمة المؤتمر في مشاورات يمنية-يمنية بين كافة المكونات والقوى الوطنية المنضوية تحت جناح "الشرعية" فقط، لن يحرز أي تقدم لإحلال السلام، كون "الحركة الحوثية هي المعنية بتحقيق السلام كونها من أشعلت الحرب"، وفق تعبيره.

وتستمر أعمال المؤتمر من اليوم (30 مارس/ آذار) إلى يوم الخميس 7 أبريل/ نيسان القادم، ووُزعت على أجندته ستة محاور ستتم مناقشتها من قبل ممثلي الأطراف التي لبّت الدعوة للحضور، شاملة المحور السياسي، الاقتصادي، الأمني، الإغاثي، الاجتماعي، الإعلامي. 

وتحدث لـ"خيوط" د. فارس البيل، وهو أحد المشاركين في مؤتمر الرياض، واصفًا المؤتمر بأنه "حالة نقاشية في حوار جرئي ومفتوح لا يتضمن شروطًا مسبقة أو أطر محددة"، وأن انعقاده جاء "بغرض أن يلتئم اليمنيون من جديد بعد حالة من الشتات وتعدد المشكلات باعتبار أن الحرب لم تعد هي المشكلة الوحيدة". 

خيبة أمل استباقية

ويعيش الناس في اليمن أسوأ ظروف الحرب وتبعاتها الممتدة للعام الثامن على التوالي، في وضعٍ أفقدهم الثقة بأية مؤتمرات ومفاوضات لإحلال السلام في البلاد وإنهاء حالة الحرب والانقسام والانهيار الاقتصادي والمعيشي. وفي هكذا وضع لم يكتم اليمنيون سأمهم من عقد المؤتمرات الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب، فضلًا عن تشكيكهم بنتائجها بناءً على الإخفاق في إيقاف النزاع المسلح ووقف الانهيار الاقتصادي. 

المواطن محمد قاسم (52 سنة)، يقول لـ"خيوط"، إن مؤتمر الرياض سيكون مثل المؤتمرات والمشاورات التي سبقته منذ اندلاع الحرب؛ وبلهجته المحلية يضيف: "ولا شِعملوا شي"، واصفًا المشاركين في المؤتمر بأنهم "مغتربون ذهبوا لتعبئة جيوبهم بالنقود"، وأنهم لا يعرفون حجم الظروف القاسية التي يعيشها المواطنون اليمنيون في الداخل. 

المحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي بدوره لم يُخفِ عدم تفاؤله بمخرجات مؤتمر الرياض، متوقعًا أن يخرج المؤتمِرون بـ"بيان شكر للسعودية ومجلس التعاون الخليجي على جهودهم المبذولة، وقد يخرج المؤتمر بمبادرة لإنهاء الحرب وبالطبع سيرفضها الحوثي". 

ويضيف متسائلًا: "ثم أين ذهب اتفاق الرياض مع المجلس الانتقالي؟ هل طُبّق؟ كل هذا يستدعي التكهن بأن تؤول هذه المشاورات إلى ما آلت إليه الاتفاقات السابقة".

المبعوث الأممي: "سوف أستأنف مشاوراتي خلال الأسابيع المقبلة، وآمل أن يشارك في هذه المشاورات جميعُ ممثلي المجموعات اليمنية الرئيسية".

تبعات الحرب في أوكرانيا

وبينما تُلقي الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها على المنطقة العربية، مثيرة مخاوف من احتمال أن تشكّل فرصة مواتية لإنهاء الحرب في اليمن، يرى أنيس منصور أن "هناك ضغوطات أمريكية بضرورة السلام في اليمن وإخماد القضية اليمنية في ظل الصراع الأمريكي الروسي وحاجة أمريكا للنفط السعودي"، وبالتالي استئناف ضخ النفط والغاز اليمني. لذلك يرى أن السعودية استبَقت ذلك بدعوة للمشاورات اليمنية-اليمنية، ووضعت ترتيبات تعجيزية للحوثيين كي تبرهن أنهم يرفضون الحوار والسلام، وتواصل سعيها لتحقيق مزيدٍ من الضغط الدولي ضدهم. 

ويستطرد: "من ضمن الأهداف التي تسعى لها الرياض، عبر هذه المشاورات، شرعنة تيار طارق صالح ممثَّلًا بمجلسه السياسي كما شرعنت للمجلس الانتقالي في مؤتمر اتفاق الرياض الذي لم يُنفذ منه شيء"، لافتًا إلى أن السعودية "لا تهدف إلى اجتراح حل للأزمة اليمنية وطي صفحة الحرب، التي تسببت بمفاقمتها واستفحالها، بل تسعى لإعادة هيكلة المشهد اليمني بما يتواءم مع رؤيتها ورؤية أبو ظبي، ويتناغم مع سياستهما التي فرضتها الظروف والمتغيرات الجديدة، وفق براغماتية تقاسم النفوذ". 

ويتوقع الصحفي حامد البخيتي أن يخرج المجتمعون في مؤتمر الرياض "بخيبة أمل كبيرة"، وأن تصب نتائجه "في خدمة من دعا له، فضلًا عن خدمة اليمن"، واصفًا إياه بالجزئي وبأنه أقيم "على أرضية خاطئة وبقراءات خاطئة".

 بالمقابل، تحدث لـ"خيوط" مصدر مقرب من الحكومة المعترف بها دوليًّا، فضّل عدم ذكر اسمه، مؤكدًا توقعات سبق تداولها بأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، "وصل إلى طريق مسدود في حرب اليمن، ويود إنهائها بأقل الخسائر".

ورجّح المصدر أن عقد هذا المؤتمر، محاولة أخيرة لإيجاد طرف موحد ولو بصورة شكلية، لكي تبرهن القيادة السعودية للمجتمع الدولي أن هذه الحكومة "طرف يمكن الوثوق به"، مستدركًا أن اعتماد القيادة في المملكة العربية السعودية على شخص آل جابر (السفير السعودي في اليمن) هو ما عقّد الوضع، وحوّل حضور المؤتمر إلى فرصة للتربح الشخصي بالنسبة لكثير من المدعوين "ممّن لا ناقة لهم ولا جمل في مشكلة اليمن".

ولا يُعدّ هذا المؤتمر هو الأول، بل انعقد مؤتمر أول في الفترة بين 17-19 مايو/ أيار 2015، تحت شعار "إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية"، وبعد ذلك عُقد اتفاق الرياض في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، بين الحكومة المعترف بها دوليًّا والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو الاتفاق الذي واجهت بنوده معوقات مستمرة لتنفيذه.

ينعقد اليومَ مؤتمرُ الرياض الذي دعا له مجلس التعاون الخليجي من أجل "مشاورات يمنية-يمنية"، في ظل وضع معيشي خانق يعيشه اليمنيون جراء أزمة الوقود وارتفاع أسعاره بصورة جنونية، فضلًا عن ارتفاع أسعار الغذاء والسلع الضرورية بالتزامن مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك.

وفي المؤتمر، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس جروندبرج، إنه يعمل على "تطوير إطار يرسم ملامح طريق الوصول إلى تسوية سياسية جامعة" لكل أطراف النزاع. 

وأضاف جوندبرج: "سوف يحدد الإطار عملية متعددة المسارات تغطي الأولويات الاقتصادية والعسكرية والسياسية"، مذكّرًا بما سمّاها "سلسلة المشاورات المنظمة" التي أطلقها "في وقت سابق من هذا الشهر"، بهدف "تحديد الأولويات على المدى القريب وعلى المدى البعيد لهذه العملية متعددة المسارات".

وأشار المبعوث الأممي إلى نيّة مكتبه "إطلاق مسار اقتصادي للتصدي للمعاناة الإنسانية واسعة الانتشار والظروف الاقتصادية"، مؤكدًا أنه سيستأنف مشاوراته مع "جميع ممثلي المجموعات اليمنية الرئيسية" خلال الأسابيع المقبلة. 

* تحرير خيوط

•••
سكينة محمد

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English