سبع سنوات من التدخل الإقليمي في اليمن

المنطقة ليست أكثر أمنًا
خيوط
March 26, 2022

سبع سنوات من التدخل الإقليمي في اليمن

المنطقة ليست أكثر أمنًا
خيوط
March 26, 2022
Photo by: Hamza Mustafa - © Khuyut

سبع سنوات من التدخل الإقليمي في الحرب اليمنية، ما الذي نراه أمامنا؟! مزيدًا من الحرائق، تمددت لتطال مصالح إقليمية جديدة، ما كان في الحسبان أن تدخل هذه المرحلة الحرِجة من الخطر، إذ إنه لا يمكن أن تُطفَأ النار بالنار. سبع سنوات من الركون لأصوات المدافع، لم تصبح فيه المنطقة أكثر أمانًا، وتكاد أن تنهي سنين من الرفاه والاستقرار الذي خلقته طفرة النفط. 

لا يحتاج المرء إلى أي نيرفانا ليرى صنيع الحرب في البشر وفي البنية التحتية للمنطقة، وقد أصبحت كل ادعاءات الانتصار والفوز، شكلًا من أشكال المقامرة التي من عواقبها مزيدٌ من الموت والدمار. في اليمن، سمعنا الانفجارات الأولى لطيران التحالف، وقبلها زحف القوة اللامحسوبة لأنصار الله (الحوثيين)، ونحن شعبٌ واحد، وبلدٌ واحد، ثم عن كم من الشعوب والدول والقادة يمكن أن نتحدث اليوم. 

قالت هذه الحرب كل شيء في محاولة السيطرة الإقليمية على البلد، لكنها لم تقدم دليلًا واحدًا على أنها تخاض لصالح أن نصبح دولة مثل بقية دول الله في الأرض، ومعها أعيتنا الحيلة في معرفة الدوافع الحقيقية لقاداتها، والمدى المعقول واللامعقول لمطامعهم. لكن وقد فشلوا في إقناعنا بنواياهم الحسنة، كنّا في أتمّ الاقتناع بأن السيطرة على سواحل البلد، وجزره، وعلى مقدراته الاقتصادية كمنابع النفط والغاز، هو لترك السواد الأعظم من الناس يتضورن جوعًا؛ وليس من شيم الإنسانية في شيء.

ثم إن الإمارات والسعودية، وقد دخلتا إلى الحرب، لم تستطيعا أن تتخلصا من ثقافة الاستعلاء والاحتقار، ولذا ظهرت ممارساتهما على ذاك النحو المبتذل والرخيص. إذ عملتا على منازعة الحكومة المعترف بها دوليًّا مصالحها، وسعيَا من أول يوم على إنهاء رمزية وجودها، وتمكين ميليشيات جديدة من المناطق التي بسطوا سيطرتهم عليها. رأوا في المعركة فرصة نادرة لتقويض البنية العامة للنظام، وإحلال الفوضى. وفيما تفرض الإمارات نظامًا لا أخلاقيًّا يمنع دخول اليمنيين إلى أراضيها، نراها تسيّر رحلات جوية سياحية إلى جزيرة سقطرى، وتحاول الاحتيال على منطق الجغرافيا والتاريخ، لعمل تغييرٍ ديمغرافيٍّ، لإرضاء حالة الجشع لدى قادتها.

وبين كل هذا، لا يمكن تفويت العبث بالبيئة السياسية اليمنية، وتهميش دور الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني -إلى جانب مؤسسات الدولة- وإحلال شكلٍ من النُّظم البدوية، التي من شأنها فقط، رعاية مصالح دول التحالف، دون النظر في المصلحة الوطنية المرتجاة، حتى وصلنا إلى اللحظة التي نرى فيها القرار اليمني مستلبًا عن آخره.

وأمام حالة التخبط التي عليها القادة السعوديون والإماراتيون، رأت إيران -هي الأخرى- الفرصة سانحة لأن تخوض في الوحل، مع المساهمة التي لا تقل تدميرًا في صناعة بلد منكوب. ومع أنه يحسب للأخيرة محاولة واحدة فاشلة لإغاثة اليمنيين بعلب مياه الشرب المعدنية، كان تصميمها واضحًا لإدخال شحنات الأسلحة وقطع غيارها، انتصارًا لنفوذها، ومقدرتها الفذة على الدمار وصناعة قوى ما قبل الدولة.

لقد كان الكل على وجه السواء في تعذيب اليمنيين وقهرهم. وهم مسؤولون جميعًا عن هذه السنوات العجاف من الجوع والمرض والاقتتال. لكن -مع إدانة استهداف المصالح المدنية- تأتي هذه المناسبة، بالعظة على النحو المشهود الذي رأيناه أمس. إنه وقتٌ للحديث عن أن مزيدًا من الحرب، والاستهتار، وسوء التقدير كفيلٌ بزعزعة المناطق التي كانت في مأمن قبل هذه السنوات. القادة اليمنيون الذين ارتضوا أنفسهم أرجوزات في أيدي هؤلاء الرعاة، هم أيضًا مستهجَنون بل مدانون على نحو مثيل، لو لم يرتضوا لأنفسهم هذا الدور المخزي، ويجلسوا إلى بعضهم، وينصتوا لدرس الحرب جيدًا.

كان لهم أن يدركوا مبكرًا أنْ لا حلول تأتي من الخارج. أَمَا وقد صرنا إلى هذا التعقيد، هناك فرصة أمام دول النفوذ هذه، فرصة حقيقية لتحكيم لغة العقل، والجلوس إلى الطاولة، وممارسة الضغط على المسؤولين اليمنيين في هذه الأزمة، لإجبارهم على وضع حدٍّ لمعاناة المدنيين الذين لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل. 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English