السلام قيمة إنسانية لا ندركها

لندع الأقلام تتشاجر والعقول تتصارع
حسن الدولة
January 29, 2024

السلام قيمة إنسانية لا ندركها

لندع الأقلام تتشاجر والعقول تتصارع
حسن الدولة
January 29, 2024
.

هل يستطيع اليمنيون في شمال الوطن وفي شرقه ووسطه وجنوبه وغربه أن يحققوا سلام الشجعان، ووقف الحرب وتبادل الاتهامات بالعمالة والارتزاق، لنعيشَ إخوة في ظل دولة مدنية اتحادية ديمقراطية تعددية نحتكم لصناديق الاقتراع وفقًا لسياسة التنافس البرامجي؟

فلنعش كشعوب العالم في ظل دولة تحقق الرفاهية لمواطنيها، وتعزز العيش المشترك والتعاون بين أبناء الوطن الواحد الذي نستظل بسمائه ونفترش أرضه، هذا الوطن الذي خلقنا كي نعيش فيه لا أن نُقتل تحت شعاراته، فهيا بنا نعيش بعضنا لبعض كالكائنات الحية في الطبيعة المسالمة، وسنجد أنفسنا قادرين على البقاء والتطور، دون حروب ودمار.

بدلًا من الحروب والتصارع بالسلاح الفتاك، فلندع الأقلام تتشاجر، والعقول تتصارع لنُنتج المختلف، عوضًا عن العنف والقتل والظلم، فقد حان الوقت كي نكفر عن سيئاتنا وعما ارتكبناه من جرائم في حق الوطن، ونتجه صوب تطوير التعليم المنتج، وبناء مستقبل يسود فيه السلام، وتتعاظم فيه التنمية والابتكار. ولنحذر من الانجرار وراء الأوهام والأحقاد والضغائن والتمذهب الذي يمزق نسيجنا المجتمعي ويؤدي إلى الخسارة الأبدية.

وقف الحرب نهائيًّا واجب مقدس لتحقيق سلام مستدام، وعليه:

يجب أن نعلم أن لا ميزة للحرب سوى أنها تدمر كل شيء، حتى الأخلاق، وأنّ السلام وحده أعظم نعمة وأجمل هدية نقدمها لأبنائنا ولأبناء الضحايا وذوي الإعاقة والجرحى والثكالى، فالسلام قيمة إنسانية تعد من أَجَلِّ النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، فالسلام يمنحنا الأمن والأمان والاستقرار والسعادة، ويفتح أبواب التعاون والتفاهم بين الشعوب؛ لأنّ الأمن يعد ركيزة أساسية لتحقيق التقدم والاستقرار في المجتمعات. إنه يسمح للأفراد بالعيش بحرية، ويعزز تنمية المواهب والإبداع.

ويجب أن نعلم أن السلام ليس مجرد غياب للحروب، بل هو حالة تفكير وتصرف تعزز العدالة والمساواة والمواطنة المتساوية ويحترم حقوق الإنسان. فالسلام يحقق الاستقرار الاجتماعي والسياسي اللذَين يشكّلان أساسًا للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. فعندما يشعر الناس بالأمان والثقة، يكونون أكثر استعدادًا للعمل والابتكار.

لا شيء في الطبيعة يعيش لنفسه، بل كل مخلوق يعيش لغيره، حيوانًا كان أم نباتًا، فالنهر لا يشرب ماءه، والأشجار لا تأكل ثمارها، والشمس لا تُشرق لذاتها، والزهرة لا تعبق لنفسها، وهكذا كل المخلوقات. 

ومع ذلك، فالسلام لا يأتي من تلقاء نفسه، وإنما يحتاج منا -اليمنيين- أن نعود إلى طاولة الحوار التي هجرناها بسبب الانقلاب على العملية السياسية السلمية بقوة السلاح، حتى يكون السلام نتاجًا لحوارات وتفاهمات على قواسم مشتركة. ومن وجهة نظر كاتب هذه السطور، فإن وثيقة العهد والاتفاق التي تم الانقلاب عليها بحرب صيف عام ١٩٩٤، ومخرجات الحوار التي تم الانقلاب عليها في الـ٢١ من سبتمبر، ومسودة الدستور لا تزال مرجعية من مرجعيات الحوار التي تتوصل إليها الأحزاب والمؤسسات المدنية وكل دعاة السلام من كل التيارات والاتجاهات السياسية، فدعونا نبدأ بالاستماع بعضنا إلى بعض، والسعي لفهم وجهات نظرنا المختلفة، وتحديد القواسم المشتركة بين الجميع، هكذا سنتمكن من بناء يمن يسوده السلام والتعايش السلمي.

لقد خلق الله الناس وسخّر بعضهم لبعض، قال حكيم- أبو العلاء المعري:

الناسُ للناسِ مِن بدوٍ وحاضِرَةٍ         بَعضٌ لبعضٍ وإنْ لَم يشعروا خَدَمُ 

‏لا شيء في الطبيعة يعيش لنفسه، بل كل مخلوق يعيش لغيره، حيوانًا كان أم نباتًا، شجرًا أم حجرًا، هواء أم ماء أم شمسًا أم غيرها، فالنهر لا يشرب ماءه، والأشجار لا تأكل ثمارها، والشمس لا تُشرق لذاتها، والزهرة لا تعبق لنفسها، وهكذا كل المخلوقات. 

فهذه هي الطبيعة أمّنا!

لكن من المؤسف أنّ الإنسان هو من دمر نواميسها، فهو يأكل بعضه بعضًا، قتلًا أو ذبحًا أو حرقًا، ظلمًا وجورًا وعدوانًا، يفعل ذلك وهو يظن أنه يحسن صنعًا، مختلقًا المبررات الوهمية ويكذب ثم يكذب حتى يصدق نفسه.

 ولتحقيق السلام بجب أن يتم الاتفاق على سحب الأسلحة من المنازل ومصادرتها لصالح الدولة، فكل من يحمل سلاحًا، هو إما قاتل أو مقتول أو مستسهل للقتل.

 فلنتقِ الله في أنفسنا وفي أبنائنا ووطننا، ولنعمل بما قاله هابيل لأخيه قابيل: "لئن بسطت يدك إليَّ لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين". فلنكن عونًا لبعضنا، ونضع أيادينا فوق بعض، ونبني وطننا الذي هدمه بَغْي القوي على الضعيف.

ولا نكون سببًا في تعاسة بعضنا لبعض، ولنفشِ السلام بيننا، وألا ننساق وراء الأوهام والأحقاد والضغائن، فنكون من الأخسرين أعمالًا الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا!

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English