نصف مرارة على الرصيف

حكاية (أسامة) الذي خانته عيناه
عبدالوهاب الحراسي
June 22, 2023

نصف مرارة على الرصيف

حكاية (أسامة) الذي خانته عيناه
عبدالوهاب الحراسي
June 22, 2023
الصورة ل: علاء الغنامي - خيوط

يقف واجمًا خلف عربة طماطم؛ بنحالته وشعره الجميل ووجهه الناعم، عبّأ كيسًا وترك عربته ليستخدم ميزان الدكان الذي خلفه ثم عاد، تترك يده الصغيرة البيضاء الكيسَ البلاستيكي، وتقبض مئتَي ريال مهترئة تمامًا؛ دسّها في جيبه دون، حتى، أن ينظر إليها.

* *

كان صوته ذابلًا كعينيه، وكلامه مفتوحًا على غريب كأنه يحدث نفسه. 

أسامة، أخرج رقم جلوسه، الصف التاسع، خانته عيناه وهو يقول: "باقي للاختبارات عشرة أيام، ولا أنا داري شا اختبر أو ماشي".

* *

"أخي الأكبر يدرس في كلية العلوم الإدارية، سنة ثالثة محاسبة، لكنه أوقف قيده العام الماضي. لأنه لم يكن يجد المئة ريال حق الحافلة. وقد ترك المدينة وسار يدوّر (يبحث) عمل في صنعاء".

يحكي أن أباه موجه في التربية ولا يجيد أيّ عمل سوى مهنته، وأنه يقوم بأعمال متقطعة مع أصدقائه الأثرياء في مراجعة حساباتهم مقابل صرفة يومه.

"هم أصحابه قوي، واحد منهم بيدي له (يعطيه) له حق الغاز كل شهر، والثاني بيدي له قيمة كيس دقيق، وقُطمة (عبوة 10 كيلو) رز، حين يقطعوا حق المنظمة. والا (أو) تتأخر في الصرف؛ بس أبي بيحسب كل شيء؛ ورّاني مرّة حساب ست سنين، الأول له 782,500 ريال والثاني له 1,271,500 ريال".

"قال أبي إذا أدَّوا (أعطوا) للموظفين معاشات السنين السابقة، عيحاسبهم (سيسدّد لهم).

* *

"أمي باعت ذهبها هي وصاحبتها، قبل سنتين، وشاركين واحد نصب عليها، واشتكت به، لها سنة بتشارعه (تُقاضيه)، والقضية قد هي (أصبحت) في المحكمة.

هي ذا الحين بتشتغل في مدرسة خاصة، وبتقضي (تسدد) حق الجمعية ذي (التي) كانت فيها قبل الحرب".

وعن أخته، قال: "كمّلت (أنهت) الثانوية العام قبل الماضي، ولا أحد، في البيت، يفكر أيش (ماذا) عتسجل في الجامعة، حتى هي".

أمّا أخوه الذي يسبقه في العمر مباشرة، فقد تخطى الصف الثاني الثانوي بدرجات ممتازة، وأنه كان يعمل في سيتي ماكس قبل أن يتم الاستغناء عنه -من بين الكثير من العمّال- بعد الموسم.

"وذا الحين عيسافر صنعاء يشتغل في مغسلة".

* *

"أيوه أنا ذكي مثله. كلنا أذكياء في الدراسة. في حارتنا اثنين بيوت قرحت (انفجرت) بهم دبة الغاز كانين بيسرّبين. أبو صاحبي حرق ومات، وصاحبي بعد أسبوع وقع فيه حُمى، مرض ثلاثة أيام، ما احد عالجه، لاما (حتى) مات".

"كلنا نفتجع (نخاف) إذا عيّنّا (لاحظنا) علامات مرض في واحد مننا".

"بعض الأحيان يُقع (يحدث) في واحد بيننا حُمى، وكلنا في البيت، نعرف، ونتجاهله. بس أنا ما أقدرش أخفيها. أبي يغثى (يحزن) قوي (جدًّا)، وأمي تبكي عليَّ. عاد الله بيستر علينا". 

* *

الماء من السبيل، بيتنا ملك، الناس كلهم يفرّنوا كُدم (الذهاب بعجين مكور إلى المخابز)، ونأكله على اثنين زبادي صبوح وغداء وعَشاء وسحور، والسكر ماعد اشتريناه، احنا ماعد بنعبيش غاز (لم نعد نعبّئ). قد لصاحب أبي شهرين ماعد أداش حق الغاز".

"ماشي (لا). هذا أول مرة أشتغل، قد لي من رابع العيد".

     * * *

•••
عبدالوهاب الحراسي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English