لا عيد للمهمّشين

تضحية عمال النظافة لإسعاد الآخرين
عبدالكريم عامر
July 7, 2023

لا عيد للمهمّشين

تضحية عمال النظافة لإسعاد الآخرين
عبدالكريم عامر
July 7, 2023
.

بينما استقبل جميع المواطنين عيد الأضحى، للاحتفاء بطقوسه المختلفة مع أسرهم وأطفالهم، هناك من لم يجد العيد طريقًا إليهم كالمهمشين، خصوصًا العاملين في مجال النظافة بصنعاء ومختلف المدن اليمنية.

إذ تضحي هذه الفئة العمّالية بالعيد وطقوسه وفرحته، وتحمل كثيرًا من الأعباء والمهام الإضافية في مجال عملهم الشاق، من خلال قيامهم بحملات واسعة لرفع وإزالة المخلفات، من شوارع وأحياء وأسواق العاصمة المتفرقة.

إضافة إلى دورهم الكبير في نظافة الحدائق والمتنزهات، التي يتم تحسين مظهرها من أجل قضاء الأُسَر أوقاتها العيدية في أجواء فرائحية مناسِبة، حيث تأتي جهودهم المبذولة في إطار الحماية الصحية والحد من انتشار الفيروسات والأوبئة والأمراض المختلفة.

عامل النظافة الثلاثيني (سالم الزبيدي)، يقول لـ"خيوط": "نحن عمال النظافة ليس لدينا إجازة، عيدنا شغل بين الحارات والشوارع؛ لأنّ المخلفات تكون كثيرة في العيد، لو نتركها تتراكم أمام البيوت، ستتجمع حولها فيروسات وحشرات ضارة وخطيرة على الأجواء وصحة الناس".

وينفذ العمال حملات نظافة شاملة لرفع المخلفات من الأسواق التجارية، تبدأ في وقت متأخر من ليلة العيد، باستخدام عدد من المعدات الآلية الخاصة بهذا المجال، لتستمر طوال أيام العيد، والمداومة على ذلك بشكل يومي.

محمد الروضي، أحد موظفي صندوق النظافة في صنعاء، يشرح لـ"خيوط"، أنه تم تنفيذ خطة نظافة شاملة طوال أيام العيد، حيث يتوزع العمّال في كل الأماكن لإزالة المخلفات.

تبدو اهتمامات العمال المشاركين في تنفيذ حملة النظافة أيام العيد، تجميل الأماكن المستهدفة وتحسين شكلها، لا العناية بمظهرهم وارتداء ملابس جديدة للمناسبة، إذ يفضلون بقاء المظهر العام للعاصمة جميلًا، على نظافة ملابسهم الشخصية.

في حين يشارك بهذه الحملة، إلى جانب العاملين، رجالُ المرور وموظفو مكتب الأشغال بأمانة العاصمة صنعاء، إضافة إلى العديد من الآليات والمعدات المتنوعة التابعة لمشروع النظافة، إذ يؤكّد الروضي أنّ الحملة استهدفت توفير بيئة صحية، وتحسين مظهر العاصمة صنعاء.

التضحية لأجل الآخرين

تتعدد مظاهر التضحية لدى عمال النظافة من أجل سعادة الآخرين، التي تتجلى في صورة الحرمان من مشاركة أهاليهم وأسرهم طقوس العيد، كذلك مواجهة المخاطر الصحية من جمع المخلفات وأكياس القمامة، وعدم حصولهم على الأجور المجزية لقاء الجهود المضاعفة التي يقومون بها، خصوصًا في الإجازات والمناسبات.

يعمل حسن العزب، وأسرته المكونة من ستة أفراد ذكورًا وإناثًا، ضمن الفرق الميدانية في مجال نظافة أحياء صنعاء، الذي أكّد لـ"خيوط" بقوله: "لا نعرف إجازة ولا عيد، كل أيامنا نشتغل في الشارع، نرفع منها القمامة من الصباح إلى الليل، هذا العمل مصدر دخل لي وأسرتي. هناك ناس يقدّرون عملنا مدركين أنه من شأن حياتهم، نحصل منهم على مساعدات؛ رواتبنا قليلة ما تكفينا نعيش بها، نحن في خدمة المواطن". 

تتكاتف الكثير من فرق النظافة ميدانيًّا، لأداء مختلف المهام الموزعة فيما بينهم، حيث تتكون من عمال رفع المخلفات والسائقين والمشرفين، ينتشرون في كافة أحياء وشوارع صنعاء، لإزالة القمامة ومنع تكدسها، كي يعيش الأهالي في بيئة صحية نظيفة، خالية من الفيروسات والأمراض والأوبئة.

يقول السائق الأربعيني، عبدالله كعانة، لـ"خيوط": "في الأعياد تزداد تحركاتنا كعمال نظافة، نشتغل حوالي 16 ساعة يوميًّا؛ لأن المخلفات تكون كثيرة، ويلزم رفعها باستمرار حتى لا تتكدس وتسبب أمراضًا للناس".

تحت قسوة طقس صنعاء المتقلب، يرفع عمال النظافة أطنانًا من المخلفات بصورة يومية، بهدف خلق بيئة عيش ملائمة صحيًّا لسكان المدينة.

فترة تكدس المخلفات

تعد أيام العيد الفترة الوحيدة على مدار السنة، التي يزداد فيها المستوى الاستهلاكي لدى المواطنين، من سلع غذائية وغيرها من احتياجات بصورة شاملة، ممّا يؤدّي إلى تكدس المخلفات في الأسواق والأماكن التجارية، كما تتراكم النفايات المتفرقة أمام المنازل بشكلٍ لافت.

في السياق، يشدد الباحث المختص في مجال البيئة، عبدالواحد الإرياني، في حديثه لـ"خيوط"، على ضرورة وضع المخلفات داخل أكياس بلاستيكية محكمة الإغلاق، وعدم رميها إلى أرصفة الشوارع، لأنّها تسبب آثارًا بيئية خطيرة، وتشوه المنظر الجمالي للمدينة.

كما يشير مدير صندوق ومشروع النظافة في صنعاء، بحسب ما أورده موقع (سبأ نت) بنسختها التابعة لسلطة "الحوثيين"، إلى أنّ "الحملة نُفّذت بأكثر من 3000 عامل موزعين ما بين عمّال ومراقبين ومشرفين وسائقين، ونحو 307 معدات وآليات، بعضها تابع لمكتب الأشغال. 

ويشيد مواطنون من أحياء متفرقة بصنعاء، بالدور الكبير الذي يقوم به عمال النظافة، والجهود التي يبذلونها، ومساهمتها في الحد من انتشار الأوبئة والفيروسات في حال تكدست المخلفات في الأحياء، وهي جهود تستحق التقدير والمكافأة المجزية، لما يبذلونه من أجل راحة وسعادة الآخرين.

جمال الأماكن لا مظهرهم

تبدو اهتمامات العمال المشاركين في تنفيذ حملة النظافة أيام العيد، تجميل الأماكن المستهدفة وتحسين شكلها، لا العناية بمظهرهم وارتداء ملابس جديدة للمناسبة، إذ يفضلون بقاء المظهر العام للعاصمة جميلًا، على نظافة ملابسهم الشخصية.

المهندس نبيل الخولاني، موظف في الأشغال العامة، يقول لـ"خيوط"، إن عامل النظافة يضحي براحته وصحته، من أجل الآخرين وجمال مظهر الشوارع والأحياء، مؤكدًا أنهم أكثر شريحة عاملة يحرمون أنفسهم وأسرهم من فرحة العيد؛ لذا يجب أن يدرك المجتمع قيمة خدمتهم.

واستهدفت الحملة التي تم تنفيذها طوال الأيام الماضية من العيد، كل الأسواق والشوارع بمختلف المديريات، انطلاقًا من شارعَي جمال وعلي عبدالمغني في ميدان التحرير، مرورًا بمنطقة باب اليمن وصنعاء القديمة وأسواق شعوب وفروة، ثم أسواق شارع هائل بمنطقة معين، كذلك منطقة الحصبة وصولًا إلى الصافية والسبعين والوحدة وآزال وبني الحارث.

هكذا أدّى عمال النظافة دورهم وعملهم بصورة حضارية ومشرفة، خصوصًا أثناء فترة إجازة العيد التي تمثّل لهم، مزيدًا من ضغط العمل والإجهاد، لكيلا يشعر الناس والأطفال والعوائل بأي منغصات تعكر بهجتهم وطقوسهم وفرحتهم بالعيد.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English