يمنيون يعيشون بالبركة..

لا رواتب ولا أمطار ولا أعمال
صقر أبو حسن
July 9, 2022

يمنيون يعيشون بالبركة..

لا رواتب ولا أمطار ولا أعمال
صقر أبو حسن
July 9, 2022

"العيد عيد العافية" هذا ما خلص إليه عبدالكريم العشملي، لدى حديث طويل عن العيد ومتطلباته وعجزه عن توفير حتى النزر اليسير منها.

يعمل العشملي موظفًا حكوميًّا منذ عشرين عامًا، ومنذ خمس سنوات اعتاد على أن يقضي العيد وأغلب أيام الأسبوع نائمًا، "لا عمل ولا مهرة"- قال، وزاد: "معي اثنان من عيالي يعملان بالأجر اليومي بعد أن تركا المدرسة لينخرطا في العمل الحر".

تضيق سُبل الحياة على السواد الأعظم من اليمنيين، لتأتي متطلبات عيد الأضحى لتزيد من هموم الأسرة اليمنية التي أنهكها الفقر ورمى بها إلى مربع الحاجة، انعكس ذلك على إيقاع الحركة في الأسواق الشعبية، كما يلاحظ بمدينة ذمار، التي تضاءل عدد مرتاديها. أمر يراه مالك محل لبيع الحلويات بمدينة ذمار، يدعى عبدالمجيد سند، "اعتياديًّا"، مضيفًا بالقول: "لا رواتب ولا أمطار ولا أعمال، الناس بالكاد تعيش".

أشار سند لـ"خيوط"، إلى أنّ الأسواق هي ترمومتر أي مجتمع من الجانب الاقتصادي والمعيشي، خاصة المدن الثانوية وضواحي المدن، اكتسب سند خبرته تلك في قياس القدرات الشرائية للمواطنين من عمله الذي امتد لنحو 14 عامًا، قضاها مغتربًا في السعودية.

دخلٌ منعدم وغلاء

كيلو الزبيب المستورد قفز سعره إلى 4 آلاف ريال، ومثله الحلويات التي تضاعفت أسعارها، وامتد الارتفاع ليشمل كل شيء باستثناء "الإنسان الذي ترخص قيمته يومًا عن يوم"- قال سند، وأوضح أنّ الحرب أخذت من أرواح اليمنيين الكثير.

سوق الربوع، سوق العند، سوق المعطارة، والعشرات من الأسواق الشعبية في ذمار، لم تتحسن أعداد مرتاديها، كل عام ينقص العدد حتى باتت الأسواق الشعبية تتلاشى فيها الازدحامات والاختناقات المرورية، التي ترافق دائمًا الأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية.

يتجول بعض الموظفين في أسواق المدينة بدون هدى، باحثين عن "الأرخص"، وفي جيوبهم القليل، بل القليل جدًّا، وهو عبارة عن نصف راتب صرفته سلطة صنعاء قبل حلول عيد الأضحى.

عيد الفطر، كان أفضل حالًا من عيد الأضحى، وكان "القبائل (سكان المناطق الريفية) يتوافدون في الأسبوع الأخير من شهر رمضان لشراء كل شيء- قال عبدالله المزيجي صاحب بسيطة ملابس في ميدان الحكومة بمدينة ذمار، وأضاف لـ"خيوط": "ما فيش أمطار ولا زراعة، والناس ما عاد فيش معها مخبَّا (مدّخرات) والجميع يعيش بالعافية وكل يوم برزقه".

كانت الأيام الأخيرة من شهر رمضان، تشهد إقبالًا كبيرًا من المواطنين لشراء الملابس والحلويات ومتطلبات العيد، وكان المزيجي يبيع "من أربعين إلى سبعين قطعة ملابس"، ومع اقتراب عيد الأضحى بالكاد يبيع "عشرة قطع".

قبل سنوات الحرب، كان يمتلك المزيجي محلًّا تجاريًّا في سوق المعطارة، ويعمل فيه اثنان من العمال. مع استمرار الحرب، ضربَ الكساد بضاعته وتراكمت عليه الالتزامات العائلية، ليصل إلى بيع المحل لأحد التجار الذي حوّله إلى مخزن.

كلما بدأ عبدالله المزيجي من الصفر، لينضمّ خلال سبع سنوات من العمل والكدّ، إلى قائمة تجار الملابس بمدينة ذمار، أعادته الحرب إلى تحت الصفر، ورمت به إلى قارعة الرصيف، رغم كل ما تحمله حكايته من وجع، يبتسم لزبائنه ويردد: "بيع ولا تخلي اسمك يضيع. بسعر الجملة، بسعر الجملة".

وضع مُزرٍ

يتجول بعض الموظفين في أسواق المدينة بدون هدى، باحثين عن "الأرخص"، وفي جيوبهم القليل، بل القليل جدًّا، وهو عبارة عن نصف راتب صرفته سلطة صنعاء قبل حلول عيد الأضحى.

يتساءل موظف حكومي، للتو استلم راتبه: "أيش عاد النصف الراتب أو الراتب الكامل في هذا الغلاء الموحش؟ وأضاف لـ"خيوط": "نصف راتبي أربعة وثلاثين ألف ريال، وعليَّ ديون للقبالة وللصيدلية وللمؤجر، وعيالي يريدون كسوة، وأريد أن أشتري احتياجات العيد وأريد أن أعوّد –(عسب العيد: مبالغ مالية تدفع للأهل والأقارب كعادة تمارس في العيد)- لا أعرف كيف سيكون الأمر؟!". مردفًا بمَثَل شعبي دارج: "كم الديك، وكم مرقه؟!".

تساؤلات فتحت الباب للسؤال الكبير: "كيف يعيش اليمنيون في ظل هذا الوضع؟"، ليأتي الجواب على لسان يحيى الذماري، صاحب قهوة شعبية بمدينة ذمار: "بالبركة". مضيفًا بلكنته الذمارية الساخرة: "يا ولدي، الناس تعيش بالبركة، وإلّا على الحال هذا إن قد الناس إما أهلكهم الجوع أو هائمون مشردون في الشوارع".

•••
صقر أبو حسن

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English