عبر "البصرة" وسندبادها البحريّ

العراق يستعيد وجهه في "خليجي 25"
خيوط
January 7, 2023

عبر "البصرة" وسندبادها البحريّ

العراق يستعيد وجهه في "خليجي 25"
خيوط
January 7, 2023

بعد أربع وأربعين سنة، ها هي العراق تفتح حضنها من جديد لأشقائها في الخليج واليمن، لاستضافة دورة الخليج العربي في كرة القدم في دورتها الخامسة والعشرين، في مدينة البصرة الجميلة، حيث يلتقي رافدو دجلة والفرات عند شط العرب وبوابته التاريخية.

بعد عشرين دورة مختلفة توزّعت في عواصم ومدن، مثل: (أبو ظبي، ومسقط، والدوحة، والرياض، والمنامة، وعدن، وأبين)، ها هي البصرة ونخلها وشطها يحتضنون من جديد في هذه التظاهرة الفريدة، والتي من سوء حظها أنّها تقام بعد أسابيع قليلة من إقامة بطولة كأس العالم المدهشة في أرض قطر القريبة.

كانت المرة الأولى والوحيدة التي استضافت فيها العراق البطولة في دورتها الخامسة في مارس 1979، على استاد الشعب الدولي ببغداد، وفازت بالبطولة للمرة الأولى كاسرة احتكار دولة الكويت للبطولات الأربع السابقة التي أقيمت، على التوالي، في البحرين 1970، السعودية 1972، الكويت 1974، قطر1976، وتعثرت الإمارات في استضافة الدورة في العام 1978، بسبب عدم جهوزية منشآتها الرياضية، فاستضافتها العراق التي لم يكن قد مضى على انضمامها للبطولة غير دورة واحدة وهي دورة قطر.

دخلت العراق في دوامة حروب بعد هذه الاستضافة، ابتداء من الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت في سبتمبر 1980، واستمرت لثمانية أعوام أكلت الأخضر واليابس، ثم غزو العراق للكويت في أغسطس 1990، وما أعقب ذلك من حصار البلاد وتدمير بنيتها التحتية، لتأتي بعدها جائحة الغزو الأمريكي واحتلال العراق في أبريل 2003، لتدخل من جديد في دوامة الفوضى والدم حتى اليوم.

دفع الرياضيّون العراقيّون، مثلهم مثل باقي شرائح وقطاعات المجتمع، ثمنًا غاليًا لهذه الحروب والفوضى، وعلى رأسها حظر إقامة المباريات الدولية للمنتخبات والفرق الرياضية على أرضها، واضطرت الاتحادات أن تختار ملاعب أخرى في المنطقة حتى لا تفقد حضورها في المحافل. وكابدت المنتخبات والفرق الرياضية كثيرًا، وعلى رأسها منتخبات وفرق كرة القدم، جراء هذا الحظر، ومع ذلك استطاع المنتخب الأول أن يفوز ببطولة آسيا في العام 2007، التي استضافتها أربع دول آسيوية لأول مرة، بعد تغلبه في المباراة النهائية على المنتخب السعودي. واستطاع نادي القوة الجوية من الفوز المتتالي، ولثلاث دورات (2016 و2017 و2018)، بكأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في سابقة أولى في مثل هكذا بطولة قارية. 

فوز المنتخب ببطولة آسيا وحَّد جميعَ العراقيين في أصعب اللحظات وأقساها، بعد أن دخل المجتمع في دوامة حربٍ أهلية مريعة أخذت بعدًا طائفيًّا تعيسًا، تغذّى على تصارعات إقليمية عميقة لم تزل قائمة حتى اللحظة في أرض العراق؛ ونتمنّى أن تنجح هذه التظاهرة التي افتُتحت بالأمس بحفل بسيط ومدهش، ليستعيد العراق العظيم وجهَهُ الحقيقيّ في التعدّد الإثني والقومي والديني، بعيدًا عن الصورة المتهتكة التي يقودها تجار الحروب وقبل ذلك متشدّدو الخرافة والتضليل الطائفيين.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English