عيد "حبة الكشري" في لحج

تقليد شعبي خاص بالأطفال
مرفت الربيعي
May 4, 2022

عيد "حبة الكشري" في لحج

تقليد شعبي خاص بالأطفال
مرفت الربيعي
May 4, 2022

تتميز محافظة لحج (جنوب اليمن)، كغيرها من المحافظات في البلاد، بعادات وتقاليد خاصة في المناسبات العيدية، تختلف من منطقة لأخرى، بدرجات متفاوتة، لكنها تقاليد متوارثة دأب الناس على ممارستها .

قبل حلول عيد الفطر، تزدحم أسواق المحافظة لشراء الملابس، والمكسرات، وزينة العيد من قبل النساء، وتحضير متطلبات المائدة في مثل هذه الأيام المناسباتية، والتي تختلف عن المائدة الرمضانية، إضافة إلى شراء وإطلاق الألعاب النارية من قبل الأطفال ابتهاجًا بهذه المناسبة.

فيما تحرص النساء على إتمام زينتهن وإظهار مشاعر الفرح في العيد من شراء الملابس الجديدة ونقش الحناء أو "الخضاب"، وتنظيف وجوههن وأجسادهن بمادة "الكركم"، بينما يعمد الرجال إلى استخدام بعض العادات، مثل وضع الحناء على رؤوسهم في بعض مناطق المحافظة.

 كما تقوم النساء بتنظيف وترتيب المنازل وعمل الزينة، والاهتمام ببعض الروائح العطرية الخاصة في مثل هذه المناسبات، كالبخور الذي تحرص عليه النساء، في حين يستخدم الرجال البخور بالعود على (المشجب) الذي يتم صنعه من أعواد النخيل، بأيادٍ نسائية متخصصة في هذه المهنة، لتوضع عليه الملابس، فهذه تعتبر من التقاليد التي لا يزال كثير من أهالي لحج يحرصون على ممارستها في العيد.

تقول أم معتز، منقشة حناء وخضاب، في حديث لـ"خيوط"، يتم الحجز للنقش بمدة قد تصل إلى نحو شهر، وتتوافد النساء للتزين ونقش الحناء والخضاب قبل حلول العيد بأسبوع الذي يتم تخصيصه للاستعداد بالزينة المعتادة في مثل هذه المناسبات.

تقليد شعبي للأطفال

للعيد في لحج مميزات عديدة وفريدة يتعاقب عليها الأجيال على اختلاف العصور وامتداد الأزمنة كتقليد ما يطلق عليه "حبة الكشري"، وهي عادة متأصلة لم تندثر مع مرور السنين في الكثير من مناطق المحافظة.

يعد العيد موسمًا لعودة كثير من سكان المدن إلى مناطقهم وقراهم الريفية، على نحو شبيه بالهجرة العكسية، إذ تعتبر محافظة لحج بجميع مديرياتها قبلة سياحية للزائرين -وإن اعتراها التقصير من الجهات المختصة، وطرأ على ملامح معالمها وقصورها الإهمال- فهي تمتلك طبيعة خلابة ومعالم حضارية تعد مقومات جذب سياحي للزائرين من مختلف المحافظات اليمنية.

وتختلف مسمياتها من منطقة لأخرى، رغم أن المسمى الشائع "حبة الكشري"، ويتداول بشكل خاص في الحوطة عاصمة محافظة لحج، فيما يطلق عليه في مديرية تبن "عليلوه" أو "وااا عيدوه"، وهو اليوم الذي يسبق العيد ويخرج فيه الأطفال يطوفون في الأزقة والحارات ويطرقون الأبواب حاملين "جعاب"، أو أكياسًا لجمع الحلويات والألعاب، والهدايا من المنازل، في وقت الظهيرة إلى منتصف غروب الشمس، وتكون مصحوبة بأهازيج: "وا عيدوه والعيد باكر، وا عيدوه عيد العساكر، اندونا اندونا لأنتو تبونا" أو "يا حبة الكشري هالله هالله، لا تنجحي قبلي هالله هالله، اندونا لأنتو تبونا، ويا حبة الكشري هالله هالله"، وذلك بعد وضع نقشة الحناء على كفوف الفتيات الصغيرات، ولبس الملابس الشعبية الزاهية الألوان، والضفائر مزينة بالشرائط البيضاء والخضراء والحمراء. 

تقول الإعلامية أنوار العبدلي لـ"خيوط"، إن الحوطة تشترك مع المناطق المجاورة لها من مديرية تبن بنفس الطقوس والتقاليد، حتى وجبة الفطور؛ حيث يفضل سكان الحوطة أكل "العصيدة" بعد صلاة العيد مع زيت السمسم أو السمن، وإعداد حلويات وكعك العيد، وتأخذ الحلويات الشعبية مثل المشبك والقرمش النصيب الأكبر في ذلك .

وتتابع العبدلي: "غالبًا ما تتكون وجبة الغداء من الأكلات الشعبية، مثل الفتة، ومن الكدر (نوع من الخبز المعد عادة من حبوب الدخن أو الشعير أو الذرة)، والحلبة، وزيت السمسم (الجلجلان)، بينما يفضل البعض الكبسة، أو الزربيان إذ يُعدّ الأرز واللحم من أبرز مكوناتها، يضاف إليها الزبيب والبطاطس والزبادي وأنواع مختلفة من البهارات، أما وجبات اللحم فتتكون من (الحنيذ، المندي، المضبي)، والهريسة والعطرية".

ويشير الكاتب الصحفي والإعلامي يونس السروري في حديث لـ"خيوط"، إلى أن هذا التقليد "حبة الكشري"، لا تتم ممارسته في مناطق ومديريات أخرى كالمسيمير، المديرية الواقعة شمال لحج، وعوضًا عن ذلك يقومون باللعب وترديد أناشيد العيد وإشعال النيران في أسطح المنازل والأماكن المرتفعة بحكم طبيعتها الجبلية، وإطلاق الألعاب النارية.

في صباح العيد، تُردَّد التكبيرات، ويخرج الناس لتأدية الصلاة في جماعات صغيرة من أحياء مختلفة، باتجاه ساحات واسعة ومفتوحة في أطراف المناطق، سواءً في المدينة أو الأرياف.

ويوضح السروري أنه يتم بعد ذلك تبادل التهاني والتبريكات في مصلى العيد، ومن ثَمّ ينطلق الناس جماعات لزيارة الأهل والأقارب والاجتماع لتناول وجبة الغداء.

كما تعتبر العيدية "العوادة" من أبرز العادات والطقوس القديمة والمتوارثة في الأعياد لدى أهالي لحج بل تمتد للمجتمع اليمني ككل، فهي تحمل رسالة لمعاني الترابط والتكافل وتدخل الفرح والسرور للأطفال .

وعادةً يجتمع الأطفال في جماعات، حيث يبدؤون الذهاب من بيت لآخر، وبعد التسليم على أهل البيت وقبل مغادرة المنزل يتم منحهم العيدية، بعد أداء مراسم السلام والتهاني بالعيد التي يتخللها تقديم العصائر، والكعك بمختلف أنواعه وتشكيلاته، والقرمش إلى جانب أصناف متنوعة من الحلويات والمكسرات .

محافظة سياحية

يعد العيد موسمًا لعودة كثير من سكان المدن إلى مناطقهم وقراهم الريفية، على نحو شبيه بالهجرة العكسية، إذ تعتبر محافظة لحج بجميع مديرياتها قبلة سياحية للزائرين -وإن اعتراها التقصير من الجهات المختصة، وطرأ على ملامح معالمها وقصورها الإهمال- فهي تمتلك طبيعة خلابة ومعالم حضارية تعتبر مقومات جذب سياحي للزائرين من مختلف المحافظات اليمنية .

تؤكد أروى الصليب، مديرة مكتب السياحة سابقًا في لحج، لـ"خيوط"، أن محافظة لحج تتمتع بمقومات جذب سياحي هائلة في مواسم الأعياد، حيث تتمتع بموروث ثقافي ومعالم تاريخية في مختلف مديرياتها، خصوصًا دار العرائس والحسيني في مديرية تبن إلى جانب قصور السلطنة في الحوطة، وتعتبر مديريات يافع، ورأس العارة، والمضاربة موروثًا ثقافيًّا وسياحيًّا وبيئة طبيعية خلابة، وهناك شواطئ السقية ورأس قعوة في العارة .

ويُعد منتزة الحسيني والمنتديات مكانًا للتجمعات لتبادل الأحاديث وتهاني العيد، وتنظيم فعاليات مختلفة من الشعر، وإلقاء القصائد والأغاني التي تحييها المنتديات برفقة الشعراء والأدباء والفنانين. كل ذلك مميزات فريدة تكاد تجعل العيد في لحج متفرّدًا بطقوسه، ومحافظًا لها بعدم استساغة إدخال مفردات جديدة في تقاليد الاحتفال.

•••
مرفت الربيعي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English