أزمة الغاز تُغيِّر وجهة السنوات في أبين

يدفع تفاقمها لتقتات من حياة المواطن
عبير علي
May 16, 2023

أزمة الغاز تُغيِّر وجهة السنوات في أبين

يدفع تفاقمها لتقتات من حياة المواطن
عبير علي
May 16, 2023
خيوط

تتآزر الأزمات مع بعضها لتثقل كاهل المواطن اليمني، الذي ألقت الحرب بظلالها على شتَّى مناحي حياته، وجعلته يتذوّق مرارتها، ويعيش تفاصيلها في أقسى صورها .

وسط ذلك، تضاعفت المعاناة في توفير أدنى المتطلبات، والتي تُعدّ من الأشياء الأساسية التي يصعُب التخلّي عنها، كمادَّة غاز الطهي المنزلي التي أصبحت صعبة المنال، في ظلّ تفاقم الأزمات، واستغلال التجَّار لحاجة الناس، في ظلّ تردٍّ معيشيّ يطال جميع الشرائح السكانية في البلاد.

وتطال هذه الأزمة المزمنة والمستفحلة في اليمن، محافظةَ أبين (جنوب) كغيرها من المناطق في البلاد، إذ يعيش سكان المحافظة أزمة غاز خانقة -منذُ ستة أشهر- أُضيفت إلى جملة الصعوبات والأزمات المعيشية التي لا حصر لها؛ الأمر الذي أجبر مواطنين وأُسَر عديدة على العودة بالزمن إلى الوراء، واستخدام "الحطب" في الطبخ.

ويقضي كثيرٌ من المواطنين في أبين معظم أوقات يومهم، بحثًا عن متطلبات المعيشة اليومية، عن قنينة الغاز والوقود، وحتى الثلج، في محافظة تشهد ارتفاعًا كبيرًا في درجة الحرارة، حيث تلخص دنيا أحمد- ربة منزل، ما يجري لـ"خيوط"، بالقول: "أزمات خانقة نعيشها هنا في أبين، حيث لا كهرباء ولا مياه ولا غاز؛ المواطن أصبح يبحث عن ضروريات الحياة الكريمة ولا يجدها".

  • يساعد توفر الغاز بشكل كبير في إنجاز المهام اليومية، ويساهم في تسهيل الأعمال المنزلية، خصوصًا للنساء اللاتي يكابدن مشقة ومعاناة لا حدود لها على كافة المستويات، ومنها استخدام هذه الوسائل التقليدية المضنية في الطبخ وإعداد المخبوزات.

وتتفاقم الأزمات بصورة باتت معها تقتات على حياة المواطن وراحته، الذي أصبح في بحثٍ مستمر عن قنينة غاز تخفف عنه عناء انعدامه وما يترتب عليه من تبعات قاسية وباهظة، إلّا أنّ الأزمة اشتدَّ خناقها في الآونة الأخيرة، بعد أن فقدَ كثيرٌ من المواطنين في أبين، حصّتَهم الشهرية من غاز الطهي، وتأخرها لفترات تصل إلى أكثر من ثلاثة أشهر.

البحث عن حلول بديلة 

لم يقف المواطنون في أبين مكتوفي الأيدي إزاء هذه المعضلة، حيث لجأت الكثير من الأسر إلى استخدام الطرق التقليدية؛ للتخفيف من حدَّة المشكلة، في صورة تجسّد العودة سنوات طويلة إلى الوراء؛ والطبخ بواسطة "الموفا" (التنور الطيني)، والصُّعد (حجرَين جوار بعضهما، يوضع وسطهما الحطب).

وذلك على الرغم من المشقَّة التي ترافق الطبخ بهذهِ الطرق التقليدية، إلّا أنّ النساء بِتنَ مجبرات على ذلك، في ظلّ افتقارهم للغاز المنزلي .

وتقول أم عبدالرحمن، من سكان أبين، لـ"خيوط"، إنّ هذه المشكلة والمشقة في إيجاد غاز الطهي، دفعتها للبحث عن أيّ خيارات، ولو شاقة، في عملية الطبخ المنزلية، وتوفير ما أمكن من المأكولات والوجبات الغذائية المتاحة. 

يساعد توفر الغاز بشكلٍ كبير في إنجاز المهام اليومية، ويساهم في تسهيل الأعمال المنزلية، خصوصًا للنساء اللاتي يكابدن مشقة ومعاناة لا حدود لها على كافة المستويات، ومنها استخدام هذه الوسائل التقليدية المضنية في الطبخ وإعداد المخبوزات.

من جانبها، تشير عفاف سعيد، لـ"خيوط"، إلى عدم جدوى الحلول التقليدية مع كثير من الأسر -رغم منفعتها- خاصة أولئك الذين يسكنون الشقق السكنية الخالية من المساحات المكشوفة، ما يجعل رحلتهم في البحث عن أسطوانة (قنينة) غاز واحدة، مستمرة دون توقف.

انتعاش السوق السوداء

لم تكن أزمةُ انعدام غاز الطهي وليدة اللحظة في محافظة أبين، حيث رافقت الناس طوال سنوات الحرب، لكن حِدَّتها اشتدت منذُ مطلع العام الحالي 2023، بعد أن تم تقليص حصة المحافظة من هذه المادة المنزلية، إضافة إلى تلاعب وكلاء الغاز بحصص المواطنين.

قبل هذه الفترة، لم يكن يمضي الشهر دون الحصول على قنينة غاز واحدة على الأقل، في حين أضحى الحصول على أسطوانة غاز واحدة يتطلب ثلاثة أشهر من الانتظار.

  • كل تلك المنغصات جعلت الكثير من النساء أمام خياراتٍ جميعها مريرة بالنسبة لهن؛ إمّا تقليص أنشطتهن، أو اللجوء إلى توفير الغاز من السوق السوداء بأسعارٍ مرتفعة.

ويرجع تجار ووكلاء أسباب ذلك إلى عدم توفر الغاز لديهم، بالرغم من توفره في السوق السوداء بشكلٍ دائم، بحسب مواطنين، حيث انتعشت السوق السوداء بسبب ملاك المطاعم، الذين يدفعون مبالغَ مضاعفةً للحصول على حصة وفيرة من غاز الطهي، ما عزّز أطماع وكلاء الغاز الذين يجدون في حرمان المواطنين من حقوقهم وسيلة سهلة للتربُّح.

يوضح المواطن سالم قاسم لـ"خيوط"، أنّ عجز المواطنين عن توفير أسطوانة غاز واحدة على مدى أشهر، أجبر الكثير منهم على اللجوء إلى السوق السوداء، وشراء الغاز مجبرين، بأسعار مضاعفة تصل إلى 12 ألف ريال للأسطوانة الواحدة .

تبعات الأزمة

طوال سنوات الحرب، ونظرًا لقلة فرص العمل، لجأت الكثير من النساء إلى المشاريع المنزلية الصغيرة، كان أبرزها مشاريع الطبخ المنزلي التي لاقت رواجًا كبيرًا في أوساط المجتمع؛ الأمر الذي وفّر للبعض فرصة عمل ودخل مناسب يمكّنهن من عيش حياة كريمة.

لكن مختلف هذه الأعمال النسائية، تواجه مؤخرًا العديد من المشاكل والتحديات؛ أبرزها أزمة غاز الطهي في أبين، والبحث الشاق عن هذه المادة المنزلية لضمان استمرار أعمالهن.

كل تلك المنغصات جعلت الكثير من النساء أمام خياراتٍ جميعها مريرة بالنسبة لهن؛ إما تقليص أنشطتهن، أو اللجوء إلى توفير الغاز من السوق السوداء بأسعارٍ مرتفعة.

في السيِّاق، تروي أم أحمد (مالكة مشروع طبخ منزلي)، لـ"خيوط"، معاناتها مع انعدام الغاز، بالقول: "لم يكن سهلًا تأسيس وإدارة المشاريع الخاصة في هذا الجانب، لقد تعبت كثيرًا في مختلف مراحل العمل وتكوين المشروع، ليوفر لي حياة كريمة بعد جهد مضنٍّ، لكنّي بتّ مؤخرًا أخشى تعثّره، وأضطرّ لإيقافه".

تُضيف أم أحمد: "أحتاج إلى ثلاث أسطوانات غاز [يُطلق على قنينة الغاز، في اليمن: أسطوانة أو "دبة"] على أقل تقدير في الشهر الواحد. كنتُ أقوم بالتسجيل عند أكثر من وكيل غاز؛ لأتمكن من توفير الكمية المطلوبة، لكن الأمر اختلف بعد اشتداد الأزمة".

كما أنّ تفاقُم أزمة الغاز المنزلي دفع كثيرًا من النساء و"روّاد المشاريع"، للبحث المستمر عن حلول تجنبهن إيقاف مشاريعهن، ما جعلهن يقعن بين فكَّي السوق السوداء وسماسرتها الذين يستغلّون حاجتهن بصورة بشعة، بحسب أم أحمد.

وتوضح أنّ الارتفاع المستمرّ لسعر الغاز في السوق السوداء أجبرها في أوقات كثيرة على عدم استقبال طلبيات الزبائن، ما يؤثّر سلبًا على دخلها الذي يعدّ المصدر الأساسي والوحيد لها. 

وسط كلِّ هذه الصعوبات التي يعانيها المواطنون في أبين بمختلف شرائحهم، تتغافل السلطات المحلية في المحافظة عن دورها الأساسي، في محاولة منها لتجاهل الأسباب الحقيقية للأزمة التي يشتدّ خناقها يومًا بعد آخر، حيث تكتفي بالحديث عن الأزمة دون إيجاد حلول فعليَّة لها، ففي الخامس عشر من أبريل/ نيسان من العام الجاري، عقدت السلطة المحلية في مديرية خنفر، اجتماعًا ناقشت فيه القضايا التي يعانيها المواطنون في أبين، كان أبرزها وأكثرها صعوبةً ملف الغاز المنزلي الذي أصبح الهمَّ الأثقل بالنسبة للمواطنين. وأعربت السلطة عن أسفها لاشتداد الأزمة التي عجزت عن معالجتها، مؤكِّدةً على متابعتها المستمرة لهذا الملف، دون التطرُّق لأي حلول تُذكر.

 

•••
عبير علي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English