المكياج السينمائيّ في اليمن

فنّ بين الرفض المجتمعي وشحّة الإمكانيات
سميرة الجرادي
October 20, 2022

المكياج السينمائيّ في اليمن

فنّ بين الرفض المجتمعي وشحّة الإمكانيات
سميرة الجرادي
October 20, 2022

"عملك عبارة عن مرض نفسي وأزمة تمر بها؛ تتفاءل بالشر وجروح الناس. هذا أمر غير مقبول"، هكذا يتحدث الناس عن مهنة وائل باوزير، والذي يعمل في مجال المكياج التلفزيوني. يقول وائل لـ"خيوط"، إنّه وبالرغم من تلك الكلمات القاسية وردة الفعل القوية على مهنته، مستمرٌّ في عمله، وأنّها تشكّل حافزًا قويًّا ليستمر ويطور من مهاراته. 

ويضيف وائل أنّ شغفه بالمهنة ازداد أكثر مع انتشار جائحة كورونا، والتي وجدها فرصة جيدة لصقل مهارته في العمل عبر التعليم عن بعد ومتابعة التطورات المستمرة في المجال، ومع أنّ وائل لا يزال في بداية مشواره إلا أنّ له تجارب جيدة في مسلسلات رمضانية، ومسرحيات عن مدى العنف اللفظي والجسدي للمرأة والأطفال.

المكياج السينمائي والدرامي فنّ عالمي

المكياج السينمائي يعرف أيضًا باسم المؤثرات السينمائية، وتستخدم من قبل صنّاع الأفلام عن طريق النحت والتشويه للشكل المطلوب وتجسيده. وأحدثت ثورة المكياج السينمائي بواسطة جون تشيمبرز في فلم كوكب القرود، وديك سمث في فلم الرجل الكبير، نقلةً نوعية في هذا المجال. ولا يقتصر استخدام هذا الفن في الجانب السينمائي فقط، بل يستخدم كذلك في العالم الحقيقي باسم المولاج. 

وهي عملية فن تستخدم للإصابات الوهمية وغيرهم لغرض التدريب وفرق الاستجابة لحالات الطوارئ وغيرهم من الأفراد الطبيّين والعسكريين، ويستخدم أيضًا لتغطية الجروح من أجل المصابين ليقلل من الصدمات النفسية.

ولا يعتبر وائل هو العامل الوحيد في هذا المجال، فهناك مجموعة من الفتيات، حيث قالت لنا سوما صالح، إنّها مجرد موهبة وتم تطويرها عبر الإنترنت فقط والرجوع لبعض من أجل المساعدة ومشاركة خبراتنا والمعلومات التي في رصيد كلٍّ منّا واستخدام الأدوات البديلة للقدرة على تطبيق أعمالنا، وذلك لصعوبة الحصول على الأدوات الأساسية في هذا المجال.

غياب المتخصصين في اليمن 

ومن خلال مشاهدة الجانب الدرامي في التلفزيون اليمني، يعتبر مجال المكياج، ولا سيما المكياج الدرامي، وكذلك التأثيري بالأخص قليل الاستخدام لعدم وجود مختص في هذا المجال، وكذلك لا يزال هذا المجال حديث الدخول للتلفزيون اليمني ولا يستخدم بكثرة. 

ويعلق المخرج فتح الحدي، حول هذا الموضوع في حديثه لـ"خيوط"، بأنّ أبرز المشاكل التي تواجه فريق العمل، هو استخدام وقت أكثر من اللازم في الوصول إلى النتيجة المطلوبة، نظرًا لعدم التخصص، وكذلك نوعية المواد المستخدمة لعمل التأثير المطلوب على البشرة، وأكّد على ضرورة فهم زوايا التصوير والإضاءة قبل وضع المكياج المطلوب، ممّا يُظهر الصورة بالشكل المطلوب، وقال أيضًا إنّه يتجنّب الأعمال التي تحتاج للمكياج التأثيري لصعوبة تطبيقها. وكذلك بسبب المعوقات التي يتعرّض لها العاملون فيه، منها عدم تقبل المجتمع له، حيث صرح وائل أنه تعرّض لنقد، بسبب تعامله مع أدوات المكياج النسائي، وكذلك ضعف الجانب السينمائي في اليمن.

وتقول آيات ثابت لـ"خيوط"، إنّ عملها في المكياج ابتدأ منذ العام 2020، وذلك عندما شاهدت فيديو عن هذا المجال، وقامت بالتطبيق، وكانت من الصعوبات التي واجهتها: عدم وجود أماكن متخصصة لتعليمه، ولا مختصين يمكن العودة إليهم للتعلم والإفادة منهم، وأنها اعتمدت على المتخصصة في هذا المجال: مروى القباطي، كمرجع لها، وتضيف آيات أنّ عدم وجود الأدوات الخاصة بالمكياج السينمائي كان له تأثيرٌ سلبي كبيرٌ على هذا المجال، ما جعلهم يعتمدون على استخدام البدائل لها، وهي لا تكون بالدقة المطلوبة ذاتها، ومع ذلك استطاعت آيات أن تقيم معرضًا يضمّ أعمالها في الجانب الفني، وكذلك عملت ورشة تدريبية ضمن المخيم الشبابي (تكوين)، في محافظة مأرب. 

ويعتبر المكياج السينمائي من الفنون الجميلة، حيث لا تزال صنعاء، واليمن بشكل عام، تفتقر للجانب الفنّي، إلى جانب عدم تقبله بسبب العادات والتقاليد والجهل بهذا الفنّ، فلا توجد حتى الآن كلية لتدريس الفنون الجميلة في العاصمة صنعاء، رغم وجودها في عدن والحُديدة، فهي تفتقد هذا المجال، ولا يوجد تشجيع للعاملين فيه ولمواهبهم رغم الحاجة الشديدة لتطوير الجانب الفني بجميع مجالاته، ومنها مجال المكياج السينمائي، حيث بدأ التلفزيون اليمني في المسلسلات والأفلام القصيرة، وكذلك الإعلانات وحملات التوعية بقضيةٍ ما، مثل قضايا العنف وغيرها من القضايا التي تحتاج لمناقشة ومعالجة في المجتمع، وهي بحاجة إلى الفنّ.

رغم ظهور هذا المجال بشكل بسيط، فإنّ الصعوبات لا تزال أكبر وتحتاج لعناية بمثل هؤلاء الشباب ومواهبهم، وإنشاء مراكز لتدريب هذا الفنّ من خلال مختصين ومحترفين بهذا المجال، بالإضافة إلى أنّ هذا الفن قد يعمل نقلة نوعية في التلفزيون اليمني، وكل ما يحتاجه: الإيمان بهذا الفنّ، وإظهاره بشكله الصحيح، وإظهار أعمال هؤلاء الشباب، مهما كانت بسيطة، وتوفير الأدوات المطلوبة لفنّهم تقديرًا لهم، حيث إنّهم أظهروا مواهبهم في وقت لا يشجعهم، بل كانت الصعوبات والمعوقات أكبر منهم، ورغم ذلك لم يستسلموا لأيّ وضع، وساعدوا وساندوا بعضهم، وتحدّوا كلّ الكلمات المحبطة لهم، بل كانت دافعًا قويًّا لهم، ليستمروا ويظهروا أعمالًا جديدة ومختلفة تظهر بصمة كل شخص فيهم.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English