سمكري السيارات ضحية للحرب

يصحو على الألم منذ خمس سنوات
إشراق العطاب
November 7, 2021

سمكري السيارات ضحية للحرب

يصحو على الألم منذ خمس سنوات
إشراق العطاب
November 7, 2021

يصحو الشاب الثلاثينيّ معاذ سالم الصلوي، كل يوم، بألم بالغ، منذ العام 2016 وحتى الآن، جراء خسارته ليده وقدمه بسبب الحرب الدائرة في اليمن، والذي كان أحد ضحاياه، ليصاب بأضرار جسدية ونفسية وخيمة جدًّا، عليه وعلى أسرته.

لا خسارة بالإمكان تعويضها عندما يفقد إنسان يده اليمنى وقدمه اليسرى، تتحول حياته إلى جحيم وعذاب ومعاناة يومية لا يمكن وصفها، ألم يضاعفه شعور بالقهر الذي يعم كثيرًا من الضحايا الأبرياء ممن نالت منهم شظايا القصف والقذائف والحرب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

هذا حال معاذ منذ بداية الحرب قبل نحو سبعة أعوام، حيث كان يعمل في ورشة سمكرة السيارات بمنطقة عَصِر في العاصمة صنعاء، استهدفتها طائرات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، وأدّت إلى إصابته في قدمه ويده جراء الانفجار الكبير الذي حدث في الورشة التي كان يعمل فيها. بعد ما صحَا من غيبوبته التي استمرت عدة أيام، تفاجأ معاذ من عدم قدرته على تحريك قدمه ويده، لعدم وجودهما من الأساس. كانت أوقات عصيبة مرّ بها هذا الشاب الذي دخل في حالة انهيار نفسي وجسدي لم يصحُ منه حتى اليوم.

وتستمر الحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات مخلفًة أوضاعًا مأساوية يعاني منها معظم السكان في البلاد؛ فمنهم من نالت منهم القذائف والصواريخ وقصف طيران التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، فيما بطش الفقر والجوع والبطالة والاضطهاد والاستبداد النسبة الأكبر من الشعب اليمني الذي تجتاحه أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم، وفق تصنيف الأمم المتحدة.

في الوقت نفسه، تتواصل عملية تدفق الأسلحة إلى اليمن لدعم طرفي الحرب؛ جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والحكومة المعترف بها دوليًّا، في حين تستمر دولتا التحالف بعقد صفقات الأسلحة، وآخرها ما تم الإعلان عنه الأسبوع الماضي من موافقة وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، على صفقة توريد أسلحة إلى السعودية، تتضمن 280 صاروخًا، بتكلفة 650 مليون دولار.

يؤكد معاذ أنه يعيش وأسرته حياة قاسية، فقد قضت الإصابة على أحلامه وهو لا يزال شابًّا في مقتبل العمر، وشردت أسرته في بداية مشوارها المعيشي، وغرست الألم والمعاناة في نفوس 3 أطفال شاهدوا والدهم بدون يد ولا قدم ولا يد؛ بفعل حرب لن يعرفوا سببها يومًا ما.

وهي أول صفقة يتم عقدها في عهد الرئيس بايدن، إذ ارتفعت مؤخرًا الحملات المناهضة لبيع الأسلحة لدولتي التحالف في اليمن بقيادة السعودية والإمارات، وتفاعل الكونغرس معها وانتقادها باستمرار بسبب استخدامها في حرب اليمن الدائرة منذ العام 2015.

انهيار نفسي وجسدي

ما يعيشه الشاب معاذ من مأساة بعد أن تحول من عامل متفانٍ في مهنته وعمله منذ سن مبكر من عمره، إلى شخص مقعد غير قادر على العمل- يجسد ما خلفته هذه الحرب من تبعات كارثية وضحايا أبرياء، من مختلف الفئات والأعمار، والذين قضت على مصادر رزقهم وحطمت أحلامهم، كما هو حال الشاب معاذ سالم الذي كان يحلم، كغيره من الشباب، في الاستقرار وبناء منزل جميل لأسرته الصغيرة والعيش بكرامة.

يتحدث معاذ لـ"خيوط"، أنه لم يتقاعس يومًا عن عمله، ولم يتوانَ عن تقديم كل ما يستطيع؛ إخلاصًا منه لمهنته حتى في أحلك ظروف الحرب وأقساها، ليتم معاقبته بطريقة بشعة لا ذنب له فيها.

لم يخسر معاذ يده وقدمه فقط، بل خسر عمله الذي كان يمارسه ويقتات هو وأسرته منه، بل وخسر أحلامه وطموحه، ولم يعد له فائدة حدّ قول رب عمله، ليصاب بإحباط نفسي كبير، أثّر على صحته، إذ أصيب مؤخرًا بجلطة في قدمه الأخرى.

مصير مجهول

يختزل معاذ معاناة الكثير من الشباب في اليمن الذين كانوا ضحايا لهذه الحرب وأصيب العديد منهم في منازلهم ومقارّ عملهم، رغم عدم اشتراكهم فيها ورفضهم الانخراط في صفوف الأطراف المتقاتلة، وفضلوا مواصلة حياة الكفاح التي يعيشونها نتيجة فقدان الكثير لأعمالهم ورواتبهم ووظائفهم بفعل هذا الصراع الذي استهدف حياة وقوت معظم اليمنيين.

 ويؤكد معاذ أنه يعيش وأسرته حياة قاسية، فقد قضت الإصابة على أحلامه وهو لا يزال شابًّا في مقتبل العمر، وشرّدت أسرته في بداية مشوارها المعيشي، وغرست الألم والمعاناة في نفوس 3 أطفال شاهدوا والدهم بدون يد ولا قدم ولا يد؛ بفعل حرب لن يعرفوا سببها يومًا ما.

ويتمثل الجانب الآخر من هذه المأساة، في كون هذه الأسرة تعيش في ركن صغير بالورشة التي كان معاذ يعمل بها، ثم عدم سماح رب عمله لهم بالمبيت هو وأسرته فيها، ورفضه تأمين أي دخل لهم.

هذه الأسرة أصبحت مطالَبة بالخروج من هذا المكان، بسبب مالك الأرضية الواقعة عليها الورشة، الذي يريد استعادتها.

تتحدث زوجة معاذ بحسرة وألم بالقول، إنهم يواجهون مصيرًا مجهولًا، في الانتقال للحياة على أرصفة الشوارع، هي وأطفالها وزوجها مبتور القدم واليد. تبكي هذه المرأة بحرقة على حال لم تتوقعه يومًا ما ولا ذنب لهم فيه، ولا يعرفون سبب تجاهل الجميع لمأساتهم التي لم تعد تحتمل.


* تحرير خيوط


•••
إشراق العطاب

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English